هاجر لمفضلي كل عام سيدتي وأنت في تفوق، كل عام وأنت كما تشائين أن تكوني، استطعت أن تنتزعي رغم الأوضاع التي مررت بها يوما لك، يوماً تقفين فيه أمام ذاتك أولا، وأمام المجتمع ثانياً لتذكريه برحلتك النضالية والمستمرة، وترفعي راية إنجازاتك التي حققتها في ميادين شتى، وتتطلعي بذلك الى الفرص المثيرة المنتظرة. وبالفعل صرنا اليوم نتحدث عن كيف يمكن للتنمية أن تحقق أهدافها دون أن يكون العنصر النسوي حاضرا وبقوة؟ وكيف يمكن للمجتمع أن تكون له لغة حداثية وفيه يغيب الانصاف بين المرأة والرجل؟ إنه الثامن من مارس. تجدد مستمر في كل عام، ووقفة حساب أمام الإنجازات وكذلك أمام غياب بعض الحقوق، لتمتيع المرأة بحقوقها، تقييم حول الاستثمارات، حول التنمية النسوية، مشاركة المرأة في القيادة السياسية، ضمان حقوقها على المستوى الصحي والاجتماعي، فرص الشغل، ظروف العمل، مكافحة العنف، القضاء على التحرش الجنسي... وتظل بذلك صورة الاحتجاجات تختلف من بلد لآخر، حسب معطيات عدة. فوضع المرأة يختلف باختلاف درجة احترام حقوقها وباختلاف الدولة التي تتواجد فيها... هل تتمتع بديمقراطية أكبر أم أنها لازالت تتلمس طريقا نحو المساواة والديمقراطية... لاينتهي، فدول الخليج ليست هي دول افريقيا، وجنوبها ليس هو شمالها.. إلا أنه رغم كل التفاوتات ورغم كل الخصوصيات، فالمرأة ستظل تحارب الاقصاء والتهميش وتدعيم النظر إلى المرأة كنوع اجتماعي، وليس كنوع بيولوجي، ثقافة تشوه في المرأة ما أرادت وتقتل أخريات باسم الشرف، لتُتيح للرجل سلطة الفعل كيف شاء دون أدنى عقاب، فالتحفظات حول القضاء على التمييز ضد المرأة لازالت قائمة بصور متعددة ومتفاوتة حسب المجتمعات، ومعظم الأرقام والنسب المئوية حول أمراض المجتمع هي في صفوف النساء أعلى. وبذلك إن طالبت المرأة بانصافها، فهي ليست تطالب بامتيازات، وإنما تناضل من أصل حقوق انسانية ووجودية، يبقى لزاماً على كل مؤسسات المجتمع الاعتراف بها، مقابل إقصاء كل التقاليد السلبية التي تنمط المرأة في صورة دنيوية، والتي تنطلق من الهيمنة الذكورية. وهي إن طالبت بالمساواة فبمعنى قيادة المجتمع بتواجد ثنائي (الرجل/المرأة)، فالعدل مطلوب والظلم لايخفى على أحد أنه يقتل الكائن البشري كيفما كان نوعه الاجتماعي وكيفما كانت مرحلته العمرية. إن المرأة ليست جسداً تنتزع منه كل مكوناته لنحتفظ به فارغاً، ونخصه للتسويق الإعلامي أو الدولي.. وكأنه مجرد لوحة تبهر كل من رآها، وينتهي الأمر. إن المرأة وجود قوي له كينونته ورؤيته وتصوراته داخل المجتمع، وبذلك فإن 8 مارس محطة تقييمية لمساءلة الحكومات عن تصحيح هذه الوضعية، فرغم الإهتمام بهامن طرف الأممالمتحدة والمنظمات الحقوقية والحركات النسائية والمجتمع المدني.. لازالت المرأة تعاني من مظاهر عديدة للتمييز والعنف، تعطيها مرتبة اجتماعية أدنى من مكانة الرجل، لذلك تقول «سيمون دوبوفوار» في قولتها الشهيرة «لاتولد المرأة امرأة وإنما تصبح امرأة» بمعنى أن المجتمع هو من ينشئ في الأنثى الأدوار التي تجعلها امرأة، وهي نفس الثقافة التي قد تقلص مساحة إنتاجية المرأة لتجعلها تظهر على أنها مجرد جسد، وافتراضه... لو أقصينا في الرجل كل خصائصه التي يتمتع بها، ونظرنا إليه وكأنه مجرد جسد للمتعة لاغير، كيف سيكون موقفه؟ وكيف سيعبر عن ذلك؟ الشعور بذلك هو مايجعل المرأة تناضل لتتمتع بحقوقها كوجود داخل المجتمع، وبالفعل استطاعت بفضل مجهوداتها كحركة نسائية وكمجتمع مدني من تحقيق مكانة أرقى مما كانت عليه، إلا أنها لازالت تصبو للقضاء على جميع أنواع الميز التي تعانيه لصون كرامتها على جميع المستويات التي تنطلق أساسا من الأسرة والتي لابد أن تدعم ثقافة الاحترام بين الرجل والمرأة. وإذا كانت المرأة تطالب بحقها وحضورها القوي في الحياة العامة وامتلاك سلطة القرار فلأنها لاتنظر للرجل كما تنظر إليها، فالمشاركة هنا هي تشارك هدف مشترك تنموي بالأساس. فرهانات مجتمعنا المغربي اليوم، لم تعد بإمكانها أن تتحقق إلا إذا أبانت عن إرادة قوية، تتشارك فيها المرأة والرجل المسار التنموي بعيداً عن كل زيف اجتماعي أو نفاق ثقافي تنعدم فيه شروط التمدن والتحضر. فلك مني سيدتي كامل الاحترام والتمنيات بتحقيق مكانة اجتماعية تستحيقنها، أينما كنت في المكتب والعمل في القرية والمدينة وفي جميع المناصب، حتى أنت التي تعمل داخل منزلها، ولا يعترف لها المجتمع بذلك لما كتب في بطاقة تعريفها «بدون» رغم أنهاتربي أجيالا،