عماد عبد الهادي-الخرطوم فتح قرار المحكمة الجنائية الدولية , الداعي لاعتقال الرئيس السوداني عمر حسن البشير، كوة في آخر النفق أمام القوى السياسية السودانية لمعالجة خلافاتها، ونزع فتيل الصراعات الدائر بينها منذ نحو عشرين عاما. كما كشف عن إمكانية تناسي الخلافات السياسية بين السودانيين، بغض النظر عن حجمها أو قيمتها، مما يشير إلى أن المرحلة المقبلة ربما شهدت تطورا إيجابيا في هذا الاتجاه. ففي وقت اعتقدت فيه عدة جهات إمكانية تأييد قرار المحكمة من بعض القوى السياسية المعارضة، اتجهت العديد من الأحزاب إلي التنديد بالقرار، وإن لم تنس مطالبة الحكومة ، خاصة حزب« المؤتمر الوطني»، بمحاولة ضبط النفس والاتجاه نحو جمع الصف الوطني لمجابهة مخاطر ذلك القرار على مجمل السلام بالسودان. واعتبر «حزب الأمة»( القومي)، أنه على الرغم من دعمه لقرار مجلس الأمن الدولي 1593، فإنه يرى أن توقيف الرئيس البشير سيزيد ويعقد مشكلات السودان المختلفة. وقالت مساعدة الأمين العام , إ ن حزبها ما يزال يرى ضرورة التعامل مع المجتمع الدولي بصورة تخدم العدالة وقضايا السلام في السودان، داعية إلي ضبط النفس "على الرغم من وجود جهات وطنية أغضبها القرار وأخرى وطنية أيضا أسعدها". وطالبت مريم الصادق بعدم إضاعة الوقت، والشروع في إجراءات عملية فيما تبقى من وقت لمنع المخاطر الكبيرة التي يمكن أن يتعرض لها السودان "، على أن تفضي هذه الإجراءات لإقناع أعضاء مجلس الأمن الدولي باستعمال المادة السادسة عشر لتأجيل تنفيذ القرار". ودعت إلي إجراء معالجات سياسية وقانونية بتشكيل محاكم هجين "سودانية عربية أفريقية " ، بجانب إجراء مزيد من المصالحات بين كافة القوى السياسية السودانية ، بالإضافة للحركات المسلحة في دارفور، بغرض التوصل إلى صيغة موحدة تعالج الأزمة السودانية. أما «حزب المؤتمر الشعبي»، المعارض، الذي أفرج مؤخرا عن زعيمه، الشيخ حسن الترابي، من الاعتقال بسبب مطالبته للبشير بتسليم نفسه للمحكمة حال صدور القرار الشهر قبل الماضي، فأشار إلى وجود مساحة للتلاقي بين موقفه وموقف الحكومة "دون تصلب كل طرف في رأيه". وقال نائب أمينه العام, إن جميع السودانيين بحاجة إلى "توحد حقيقي ذكي يتناسى الخلافات" رابطا ذلك بإرادة الحكومة التي قال إنه ينبغي عليها أن "تعمل على جمع الصف الوطني السوداني بصورة حقيقية بعيدا عن المحاولات السابقة". وطالب عبد الله حسن أحمد الحكومة بالاجتهاد في حل أزمة دارفور "، على ألا تجعل من نيفاشا أو أبوجا سقفا لذلك الحل" ، مشيرا إلى ضرورة المصالحات القبلية في دارفور وكافة أرجاء السودان. وأضاف "لو فعلنا ذلك، يمكن أن نقول للمجتمع الدولي إن مشاكلنا قد حلت، ولا وجود لأزمة داخلية". أما حزب« الاتحاد الديمقراطي»، فأكد من جهته أنه لا يوجد من يدعم قرار الجنائية الدولية "على الرغم وجود أبعاد أخرى ربما تكون كبيرة للمحكمة اتجاه البلاد ". وقال الناطق الرسمي باسمه، علي أحمد السيد, إن حزبه يرى ضرورة جلوس كل السودانيين لحسم خلافاتهم بعقلانية وتراض يدرأ ما يمكن أن يقع على البلاد من تأثير سلبي.