إذا كان عيد الفطر وعيد الأضحى يجددان في قلوب المؤمنين معاني الشكر والتوحيد والفداء والإخلا ص ، فإن ذكرى مولد خير الورى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تجدد فيها معاني الحب النبوي . هذا الحب الذي تغنى به شعراء الإسلا م منذ حسان بن ثابت وكعب بن زهير وعبد الله بن رواحة من الصحب الكرام إلى آلإمام البوصيري والشقراطيسي وأحمد شوقي وابن زكري وعبد العزيز محيي الدين خوجة وغيرهم من شعراء المغرب والمشارق. ولئن كان حب النبي صلى الله عليه وسلم روضة قدسية لكل محسن، ومفخرة سنية لكل مؤمن ، وحلة بهية لكل مسلم، فإن المغاربة على وجه التخصيص، كانوا ولا يزالون في مقدمة حاملي لواء هذه المحبة النبوية، المتغنين - بالمعنيين = الغناء والا غتناء - بجما ل كمالا تها السندسية. وتاريخ المغرب - خاصة الثقافي والرمزي منه - شاهد على ذلك. ومن اللا ئق بهذه الذكرى العطرة التي كان أصلها نورا أضاء العالم ، وجمالا تسربل به الكون، ورحمة عمت الدنيا، أن نجدد لها مشاريع ومنجزات جليلة كلما تجددت، تعبيرا عن الحب الصادق، ونصرة للنبي النجم الثاقب والسراج المنير والبدر الرائق ، ووصلا لحاضرنا بالماضي ، الذي تنوعت فيه أشكال التعبير عن المحبة النبوية . وبين أيدي المغاربة والمشارقة تراث هائل في مدح المصطفى والحب النبوي، جدير بكل بلد من بلا د المسلمين أن تخصص له مشروعا أو مشاريع تجمعه وتوثقه وترتبه وتعرف به وبأصحابه. وأرى من المناسب - بمناسبة حلول ذكرى المولد النبوي هذا العام - أن تتجند أقلا م باحثين مغاربة أكفاء لتحقيق وإخراج التراث المغربي في المديح النبوي والحب والشوق النبويين ، سو،اء أكان باللغة العربية الفصحى ، أم بشعر الملحون - ضمن موسوعة تسهر على إنجازها هيئة علمية ، وتتولى رعايتها ماليا وإداريا جهة رسمية لها بهذا الميدا ن من البحث والتحقيق والدرس صلة وطيدة. وأرى أن يكون عميد الأدب المغربي الأستاذ الدكتور عباس الجراري المشرف على هذه الموسوعة المنشودة التي لا يخفى على كل مهتم بالأدب النبوي خاصة، والأدب الإسلامي عامة، فوائدها الجمة، وثمارها الجنية الدانية النافعة لكل من رام الاطلاع على هذا التراث الزاخر ، ومعرفة أطواره التاريخية، ورجالاته، ونصوصه الموثقة، في حلة قشيبة فيحاء تكون في مستوى الذكرى وما تقتضيه من الباحث المسلم من صدق في العمل وإخلاص في الأ داء. أرجو أن يلقى هذا المقترح استجابة، وأن ييسر الله تعالى إنجازه وما ذلك على الله بعزيز.