أكد خبراء اقتصاديون يوم الثلاثاء بالرباط على أن زجر الممارسات المخلة بالتنافسية يجب أن يأخذ طابعا ماليا لا جنائيا. وأوضح هؤلاء الخبراء المجتمعون في إطار أيام دراسية وتواصلية يعقدها مجلس المنافسة أن العقوبات يجب أن تروم في البداية تصحيح السلوكيات التي تمس بحرية التنافس مبرزين أهمية الحملة الاعلامية التي أطلقها مجلس المنافسة في هذا الشأن. وشدد محمد الشرايبي نائب رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب على أنه يتعين عدم الخلط بين جنحة اقتصادية وجنحة جنائية، معتبرا أنه ينبغي زجر الجنح الاقتصادية ماليا وليس جنائيا. ويرى الخبير الفرنسي فرانسوا سوتي المكلف بمهمة «العلاقات الدولية» لدى المديرية العامة للمنافسة والاستهلاك وزجر الغش بفرنسا, أن «الزجر لا يجب أن يكون عشوائيا، مؤكدا أن الهدف المتوخى هو تغيير سلوكيات الفاعلين. وعبر المتدخلون عن رغبتهم في تعزيز اختصاصات مجلس المنافسة وتوسيع مجال تدخله حتى يتمكن من القيام بمهامه على أفضل وجه. واعتبر المدير العام للمجموعة المهنية لبنوك المغرب الهادي شايب عينو أنه من الضروري في هذا الإطار أن يحسم المجلس في الحالات المعروضة عليه على غرار هيئات التقنين الأخرى القائمة مثل مجلس أخلاقيات القيم المنقولة والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري وبنك المغرب والمجموعة المهنية لبنوك المغرب. ويرى الهادي شايب عينو أن هذه الهيئات «تقنن وتقرر وتعاقب» وأنه ليس هناك من سبب في أن لا يتوفر مجلس المنافسة على اختصاصات مماثلة مبرزا في هذا الصدد أهمية تنسيق جهود جميع هيئات التقنين من أجل تفادي تداخل محتمل للاختصاصات. وفي سياق متصل بعمل مجلس المنافسة اعتبر خبراء دوليون خلال لقاء آخر بالرباط أن وضع سياسة فعالة للمنافسة يشكل ضمانة لحماية الاقتصاد الوطني من محاولات الاحتكار. وأكد فرانسوا سوتي في إطار هذا اللقاء الدراسي والتواصلي الذي نظمه المجلس لفائدة قضاة ومحامين وقانونيين أن سياسة المنافسة تعتبر ضرورية للوقاية من محاولات احتكار الاقتصاد الوطني والممارسات المنافية لقواعد المنافسة، وأضاف سوتي أن سياسة من هذا النوع تعد جد هامة على اعتبار أنها تضمن رفاه المستهلكين وتتيح للفاعلين الاستفادة من سياسات التحرير ومحاربة المنافسة غير الشريفة . وبعد أن استعرض خصوصيات اقتصاديات البلدان النامية اعتبر الخبير الفرنسي أن هناك قطاعات يتعين أن تحتل صدارة الأولويات في قانون المنافسة كتجارة البيع بالتقسيط والتوزيع وقطاع البناء والنقل البري والبحري والخدمات ذات الفائدة الاقتصادية العامة. كما قدم الخبير الألماني كريستوف ياروس معالجة القانون الأوروبي لبعض الممارسات المنافية لقواعد المنافسة كالتعاقدات غير المشروعة واستغلال التحكم في السوق. وأوضح ياروس أن القانون الأوروبي يعرف التحكم في السوق كجريمة منصوص عليها بموجب قانون المنافسة من أجل معاقبة الشركة التي توجد في وضعية احتكار بسبب استحواذها على السوق وتستغل موقعها للتحرر من شروطه. وفي هذا السياق قدم بعض التوضيحات بخصوص الهيمنة كرفض عدم البيع أوالبيع التمييزي وهي ممارسات يعاقب عليها القانون الاوروبي بفرض غرامات. يذكر أنه منذ إحداث مجلس المنافسة بموجب القانون99 -06 كهيئة استشارية تحت وصاية الوزير الأول يسهر على تطبيق قواعد التنافسية وإنجاز دراسات حول تنافسية الأسواق . ويروم المجلس محاربة الممارسات المخلة بالتنافسية والمراقبة الاحترازية لعمليات التمركز (انصهار المقاولات وإحكام السيطرة ... ). ويتلقى المجلس طلبات للحصول على استشارات في مجال التنافسية من قبل الحكومة واللجن البرلمانية والمحاكم والجهات وجمعيات الدفاع عن المستهلكين المعترف لها بصفة المنفعة العامة. ويتشكل المجلس من12 عضوا من ضمنهم ستة أعضاء يمثلون الادارة وثلاثة خبراء في المجالات القانونية والاقتصادية والاستهلاك وثلاثة ممثلين للجامعات والغرف المهنية موزعين على ثلاث لجن قطاعية هي لجنة «مواد الاستهلاك الأساسية» ولجنة «الإنتاج الاقتصادي الجاري» ولجنة «الخدمات والمالية »