في انتظار معرفة نتائج عمل المفتشين الذين زاروا الموقع النووي السوري المفترض، والتي من المقرر أن تعرض خلال اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، بفيينا، في شهر شتنبر القادم، يأبى البعض إلاّ أن يستبق الأحداث، ربما في محاولة للتأثير على مجراها الطبيعي ، أو لغرض في نفس جاكوب . بمجرد ما انتهى فريق الخبراء النوويين من بحثهم في سوريا، أعلن الخبير في الدراسات الاستراتيجية، مارك فيتزباتريك، أن تحقيق المفتشين لن يعني بالضرورة تبرئة دمشق من تهمة بناء مفاعل نووي سري ، حتى وإن لم يعثر المفتشون على أيّ دليل . إن الخوف كل الخوف ، بالنسبة لعدد غير قليل من الدول، التي تتطلع لكي تتوفر على مفاعل نووي ، أن تطالها التُّهَم ، وتظل تحوم فوق رأسها إلى أن يتم الانقضاض (الوحشي) عليها بقرار وتغطية دوليين ، وحينذاك كل الطرق تؤدي إلى هلاكها وخرابها . الآن ، تدخل سوريا نفقا طويلا لا أحد يعرف متى ولا كيف ستخرج منه ، خاصة وهي توجد تحت مراقبة ما سمَّيْتُه ب«العين الحمراء» الأمريكية . ومن المعروف أنه حين «تُقَوِّسُ» عليك هذه العين، وتصبح تحت صَهْدِها ، فَلْتَبْكِ على نفسك البواكي؛ ولن ينفعك لا الصديق ولا الحليف . ومن رأى ليس كمن سمع.. وما تجربة العراق ببعيدة عن الأذهان . بعيدا عن استخدام المفاهيم «الغليظة» في السياسة والاستراتيجية الدولية التي تزيد في التشويش على عقلية المواطن البسيط، نقول أنه حينما يتحكَّمُ الْعَداء في أساس أية علاقات ولو كانت شخصية ويغطِّي الحقد الأعمى الصدور والعقول، فإن كل شيء يصبح مُبَرَّراً بغضِّ النظرعن عَبثِيَته وتفاهته. إن الولاياتالمتحدةالأمريكية تعرف ماذا تفعل، ولها عينها الكبيرة ، وذراعها الطويلة في منطقة الشرق الأوسط: إنها إسرائيل التي يمكن أن تقوم بأيّ عمل ضد أيّ بلد في هذه المنطقة ؛ ولها من القدرة ما يسمح لها بذلك. فبالأمس البعيد ، لم تتردد في ضرب مفاعل «تموز» العراقي ، بالرغم من أن العراق كان تحت حكم نظام صدام حسين الذي «يخلع». وبالأمس القريب ، قصفت موقعا لمفاعل نووي في قلب سوريا ، وعادت مقاتلاتها إلى قواعدها سالمة . ربما قد تكون جماهيرية العقيد الليبي ، معمر القذافي ، تصرفّت بواقعية حين فتحت أبوابها ، وسلَّمت كل ما تملكه من ملفات حول برنامجها النووي لِمَنْ يعنيهم الأمر؛ وتعمل حاليا، بِجِدٍّ ونشاط، من أجل العودة إلى المنتظم الدولي . واليوم ، ما زالت الدوائر السياسية والعسكرية العالمية تتحدث عن المناورات الجوية الضخمة والنوعية التي أجرتها اسرائيل مؤخرا ، والتي قيل أنها مُمَهِّدَة لهجوم مرتقب على موقع نووي إيراني ، إنْ لم يكن هذا الهجوم قد تمّ فِعْلاً حسب ما تناقلته بعض وسائل الإعلام . سيتساءل سائل : أين الأمة العربية وشقيقيتها الأمة الإسلامية؟ سيظل نفس السؤال ، كما ظل منذ سنوات طويلة ، مطروحا إلى أن تُعِدّ هذه وتلك نفسها ، ثقافيا ، وعلميا، وتكنولوجيا، وسياسيا، واقتصاديا ... ممّا يسمح لها بمواجهة جميع أشكال التحديات المطروحة أمامها.. أمّا سوريا، فهي مُتَّهَمَة حتى ولوثَبَتت براءتها . إنه منطق وقانون الغاب . لك الله يادمشق.