ظمت جمعية لامك للموسيقى العربية والتراث الغنائي الحفل الاختتامي لبرنامج زرياب لإدماج الشباب في وضعية صعبة عن طريق الموسيقى، حفلا فنيا مساء الأحد 28 دجنبر 2008، بشراكة مع دار بلارج لرعاية الثقافة والتراث بالمغرب، ومؤسسة دار المواطن لمحاميد، بالإضافة إلى المديرية الجهوية للثقافة بمراكش وغرفة الصناعة التقليدية. دون أن ننسى المطبعة والوراقة الوطنية التي تعتبر من المطابع العريقة في المغرب، والمعروفة بتميزها وحرصها على إخراج كل مطبوعاتها في حلة جد أنيقة،جعلت منها قبلة لكل العطاشى الذين يبحثون عن الجودة والاختلاف. وقد حضرت هذا اللقاء فعاليات جمعوية وثقافية متعددة. و للإشارة فإن لامك جمعية ثقافية فنية يديرها الفنان سيدي محمد الفاطري الذي له باع كبير في العزف على الكمان ،تعنى بإحياء الموروث الغنائي الأصيل وتجتهد في تقديم أعمال موسيقية وغنائية هادفة.. وتعتبر في الواقع بمثابة امتداد لتجارب جمعوية عمرت لأكثر من عقد من الزمان: بدءا بجمعية موسيقى الأطلس و أصدقاء الموسيقى التي كانت تزاول نشاطها الفني برياض الثقافة سنة 1993، ومرورا بفرقة الموشحات والطرب الأصيل التي قدمت حفلات طربية ساهرة خصوصا بالمسرح الملكي . لقد ساهمت هذه الجمعية في خلق مدرسة للموسيقى فتحت أبوابها منذ سنوات ليست بالقليلة في وجه جميع المهتمين بدراسة أصول وقواعد هذا الفن الراقي من مختلف الشرائح والأعمار بدار بلارج. سكرة في حانة الجمال الروحي كم تساقطت من أهداب هذا المساء قطرات من ورد الروح، غمرت بعطرها كل الحاضرين، رمت بنا بين عوالم مفعمة بأسرار الجمال، نقطف من حديقتها فرحا يسافر بنا عبر كل المرافئ . فبين الحرف واللحن والصوت العذب عزفت المشاعر على إيقاعات شعر الحلاج : يا نسيم الريح قولي للرشا لم يزدني الورد إلا عطشا لي حبيب حبه وسط الحشا إن يشا يمشي على خدي مشى روحه روحي وروحي روحه إن يشا شئت وإن شئت يشى و أغان كل من فيروز و فايزة أحمد....... لقد كانت الفرقة الموسيقية التي قادها المايسترو محمد أيت القاضي تمر من بين أقواس قزح، تقبس من الشمس ضوءها،وتحضن سوسنة الحلم بين المعزوفة الصامتة، وباقات من الموشحات في الطرب الأصيل. فعمل كل المؤطرين لم يقتصر على النظريات في الموسيقى العربية بل تجاوزوا ذلك في تطبيقها على كل الآلات الموسيقية، وقد شد أسماعنا العزف الباهر لكل من خديجة المتصدق، وفاطمة الزهراء المنبه ومريم بدهة، وطبعا لن يكون هذا التفوق دون أساتذة أجلاء من أمثال عبد الرحيم برزان و ذ الهبة، وغيرهم. ليكون ضيف الشرف الشاعر الكبير أحمد بلحاج آية وارهام، الذي حمل كل الحاضرين الذين غصت بهم جنبات المسرح بصوته السماوي ، إلى فضاءات الحرف المسكون بالتفرد. وفي الختام تم توزيع الشواهد على الفعاليات المشاركة ، وكلهم أمل في أن تكون الموسيقى دواء لجراحات النفس التي تسيل ألما من أصوات القنابل والحروب التي تحيط بهذا العالم المخنوق بالأنانية.