أريد أن أمتليء بالشعر لأكتب كلاما عن المدينة يشبه الحب. 1_تكورت المدينة بين ذراعيها، لم ترد أن ترى الشمس هذا الصباح، كانت خائفة من اللارؤية، ظنّت أنها صارت بلا عينين. حين تجرأت وفكّت ذراعيها وفتحت عينيها كانت السماء قد اختفت. 2_ في المدينة استيقظت الفتاة، قالت في نفسها إنها صارت قادرة على الحب، لم تنس الفتاة قبل أن تنام أن تفتح النافذة كي لا ينكسر زجاجها فيتطاير شظايا تجرح قلبها، ففي الخارج كان سيلعب الجنود ليلا بالرصاص والصواريخ والقنابل. كانت تلك لعبتهم المفضّلة. 3_ ركض .ركض.ركض.ركض.ركض.ركض.ركض.ركض.لم يتوقف حتى عند الحدود.كان أخاه من قتله الجنود. 4_ شتم كل الناس، نظر فقط في أعلى السقف، كان مفتوحا، فصعد الكلام، حتى الطائرة التي تستطلع الأخبار لم تمنع صعوده ولم تفهمه. 5_ صرخوا كثيرا، بكوا كثيرا، صفقوا كثيرا، دكّوا الأرض بأرجلهم كثيرا. تعبوا فعادوا إلى بيوتهم وناموا. لكن المدينة لم تنم. ظلت تئن. 6_ لم يخبر حاكم المدينة أهلها بأنه سيخوض حربا لسبب معقول. حين قتله الجنود رفعه أهل المدينة بأيديهم المتعبة.مشوا بنعشه على الأكتاف الى جانب نعش الطفل. كان الطفل يريد أن ينهي لعبة الكرة مع صديقه الذي تصالح معه قبل اللحظات التي أصيب فيها برصاصة في رأسه. كان الطفل مبتسما جدا وهو يروح. ولم يفكر حتى أن يسأل جثمان الحاكم عن سر زرقة شفتيه. 7_ كم اشتاقت المدينة إلى تمشيط شعرها أمام المرآة. لكن بيوتها كلها كانت قد تهدّمت وتكسّر كل زجاج نوافذها! 8_ أخت المدينة وقفت على الحدود طوال الليل تسمع الأنين وتبكي. حتى عندما تعب الجميع ورحلوا لم ترحل، مدّت يدها فوق الأسلاك الشائكة وربّتت بخفة فوق الأسلاك. وغنّت أغنية الطفل الموجوع.لكنها لم تقو على أن تكون قرب السرير المملوء بالدم. 9_ في المكان المريح والدافيء والمضاء جلس الكاتب والممثل والسياسي أمام المرأة ذات الشعر الأسود والعينين اللوزيتين، كانت تريد أن تسألهم اسئلة عن المدينة، كانوا يريدون أن يجيبوا، كان المكان مريحا ودافئا ومضاء بضوء خافت، وفي الحلم رأوا أنفسهم جميعا يشتركون في حديث عابر، نسوه في الصباح التالي وهم يشربون الشاي ويشاهدون الأخبار على الشاشة. 10_ سقطت الأوراق من أعلى على بقايا الأسطح، كانت فيها أفكار عن الأمان والحب، صنع الطفل من إحدى الأوراق طيّارة وقذفها في الجو، قابلها صاروخ سريع وأحرقها وسقط فوق بقايا السطح. 11_ كان الطعام نيئا والأطفال والرجل والمرأة يتحلّقون حوله. سقط الصاروح فوقه تماما فنضجوا جميعا. 12_ الزهور التي بجانب السياج المعدنيّ للمتنزه أرادت أن تنتصر للحياة فراحت تركض خلف المسيرة المسرعة. حين هتف المارّون نبت لها ألسنة وهتفت. حين رفعوا الشهداء نبتت لها أيدي أمسكت بأطراف النعوش ورفعت. حين أنزلوا الشهداء التراب نزلت بالقرب منهم ونامت في قبور قريبة، كانت تلك حبيباتهم الأثيرات، صارت زهور المدينة نساء شهيدات.