استلقى عنترة على السرير المرن وكأنه بطل العالم بالمصارعة، وراح يستذكر بنشوة عارمة كيف لطم آخر واحد فيهم على أم وجهه لطمة ً يتيمة كانت كافية لإسقاطه صريعاً كديك ٍ مذبوح كان يُكثر الصراخ بالأمس، ولكنه اليوم على المائدة ينهش الجميع من لحمه. حركة إصبع ٍ واحدة من السيد عنترة كانت كافية لتلبية جميع طلباته حتى لبن العصفور ودماء البشر، طلب النوم فحضر إليه في الحال، ليرى نفسه كبشاً قويّاً تهابه الخراف، وتُعجب به الشياه ، ولكن الغريب في الأمر أنه وقف وسط الجميع أمام المرآة فرأى كبشاً آخر مثله تماماً، يبادله النظرات القوية والسخرية من حماقته، عاد عنترة الكبش عدة خطوات ٍ إلى الوراء وقلبه ينبض بشدة، فعاد غريمه لنفس المسافة. استغرب عنترة وهو الذي يعتقد أنه لا يُقهرهذا التحدي الصارخ له، وضعفت ثقته بنفسه،وبمعشر القطيع من حوله، وبدا بالنسبة لهم كمن يُلقّب نفسه فارس القبيلة الذي يفوز بجميع السباقات على مستوى القبيلة، ولكنه يخسر في أول مضمار مع فرسان القبائل الأخرى، ولكن هذه العوامل لم تؤثر سلباً على الكبش عنترة بل أنه لم يدر من أين جاءته الشجاعة في تلك اللحظة ليأخذ قرار المبادرة بالهجوم على قرينه في الطرف المقابل، تقدّم إلى الأمام بتسارع جيد، وجّه ضربة صاعقة ظن أنها القاضية على خصمه، ولكنها كانت كافية لكسر المرآة، وفجَّ رأس البطل وضحك كل أعضاء القطيع من ذلك وصفقوا تصفيقاً حاراً حيث ظنوا أنها بداية النهاية. كان حلماً مزعجاً وغريباً بالنسبة لعنترة، ولكي يتأكد أن ما رآه ليس إلا مناماً سخيفاً، وقبل أن يغسل وجهه، نظر في المرآة ليشاهد كبشاً قويّاً وضاحكاً