مرت من هنا شامخة تلفظ سحرا من الظهيرة ، حالمة تشرئب لها نحور النجوم ، ُتهدهدهها ضحكة الكواكب ، ثائبة ككافر عائد كسجان واحد ، مرت من هنا ناسكة تطرز نسمة اليباب بالصلاة ، كأنها تنبعث شظايا ، كأنها بلا جرح بلا ضعف يتحسسها ، مرت آسرة المرايا تسكتها و تغرق الأحلام في عباب العيون ، هذي البسمة تغذي تفاصيلها و الحلم يؤثتها كأنها كائن فرضي ، مرت راسخة يتوسد أفلاطون رياحينها ، كالغسق الحريري تمزق الدياجي البعيدة ، التاريخ يضمد ترانيمها ، مرت من هنا تتمشى فوق الماء ، الخرير يدغدغ أظافرها، تتلمس أبنانها طهارة قانتة. مرت من هنا جنوبية الشمس تظللها ، حافية تروي ظمأ الثرى ببوح تلابيبها، كأن البحر يرضعها ، كأن العالم يسكنها. دبلوم اغتراب عربي في باحة العرب أطل من سماء باردة لأرسم العبث على تلاوين غربة صماء، في هذا البعد السميك أجلس ساكنا مغتربا في محطة قطار جائعة ، أسكن في عنوان بلا معنى مثل باقي جيراني المشردين و الجرذان القادمين من الجنوب، أتوسد جدارا واقفا في الزمن الإسفلت يعرفني، جئت من الشرق عائما على الحلم و الشوق، أحمل شهادة ميلاد و كيسا من الذكريات و ملامح شاحبة كأني خارج من الموت.. في باحة العرب أنهض و قد دفنت بسمة الوطن وراء الجدار لا أفرق الوميض عن الدجى كأني ريشة في مهب العاصفة أقف بلا معنى ، بلا عنوان مغتربا على دفعتين بين الحلاج و سارتر تلفني جبال من الحنين و الضياع في محطة متآكلة من الغربة....