وصلت إلى البيت دعوة للحضور إلى المدرسة في التوقيت المحدد . حملها الأب ببرود وبأعصاب هادئة . ذهب بالوقت المحدد دون أن يفكر بالأمر أو يعطيه أهمية . كل ما قاله في ذهنه : " الولد وقد ترك المدرسة ولم تعد لنا علاقة بها . العلم بالقوة . الأولاد ليس عقلهم بالدراسة .." فوجئ بأن هناك رتلاً من الرجال والنساء قد سبقوه اجتمعوا في قاعة واسعة عُلِّقَ على أحد جدرانها لوحة كتب عليها : (( بالعلم تشرق الحياة .." ولوحة أخرى " .. بالعلم تقتل الفقر والجهل )) جلس المدير ومعاونه وتواجد بعض المهتمين . لم يعرف شيئا بعد .. بدأ الاجتماع بالترحيب وإظهار قيمة العلم . ثم توجهوا بالسؤال وراء السؤال وبصيغة واحدة . لماذا ترك ابنك المدرسة ؟ وهل توافق على ذلك ؟ وكان يقول بنفسه : " هل هناك علم ومدرسة " . ثم يسمع سؤال آخر : لماذا يغيب ابنك من أسبوعين ؟ - لقد بعثته ليعمل في معمل البلاط . وآخر يجيب : - إنه يبيع الدخان .. وثالث يجيبهم بانكسار : - يعمل معاونا على سيارة أجرة . يتضايق المسؤول القانوني وبنبرة قوية : - سوف نحاسبكم ، أولادكم دون السن القانوني للعمل ... هذا خطأ وخطر ... تأتيه الصدمة القوية وبصوت واحد من الجميع : - نحن نعم ... عاقبونا ... وأما أولادنا فلا .. إنهم يفتحون بيوتنا ويصرفون عليها .. نريد السترة لا غير ... - وحالة من الاستغراب والوجوم . وما زال الاجتماع متجدداً ومستمراً في كل مدرسة وفي كل عام . لكن القادمين أكثر . يتوافدون ومعهم بطاقات الدعوة ..