مالي أراكَ مشتّتَ الأفكار؟ تمشي بلا وعي إلى الأوكار وكأنّها آسٍ لكلِّ مُضرَّج باتَ اللّيالي باحثاً عن ثارِ في قلبه أحزانُ عصرٍ مفزعٍ نشر الهلاك على الرّبا والدّارِ مالي أراكَ مكابرا؟, متحمِّلاً لسْعَ الجناة, وتحتمي بالنار كيف الأمانُ, ونحن بين تهاونٍ وتنافُرٍ, والحقُّ في الأسفار؟ عبثَ الذّئابُ بحقّنا, وتقَوَّلوا بالسّوءِ مبنيّاً على الإشهارِ قدرُ العروبةِ أن تعيش بحسْرةٍ وتأَوُّهٍ, ونجودُ بالأشعارِ عرف الأنامُ همومَنا. فتساءَلوا: لِمَ أمْرُنا حكرٌ على الأخبار؟؟ في كلِّ يومٍ قصَّةٌ عربيَّةٌ محبوكةٌ في اللّيلِ والأسحارِ وكأَنّنا في عالَمٍ مُسْتَمْرِئ لحم العروبةِ. فاضَ بالأخطار كيف النّجاحُ؟ ونحن في دربِ العدا نمضي بلا حسٍّ ولا مقدارِ طحنوا أمانينا, فأين مصيرُنا؟ فحدودُنا ظمأى إلى الإعصار ما هزّنا سهمُ الزّمانِ, وغدرُهمْ. هذي المصائب أوّلُ الإنذارِ هلّا عرفْنا يا صديقي مسلكاً فيه الخلاصُ, وفيه غسل العار يبني النّفوسَ, ويزرع الآمالَ في شعْبٍ يُكلِّلُ رأسَهُ بالغارِ إنّ البقاءَ لمنْ يريدُ بقاءَهُ فالعودُ لا يشدو بلا أوتار والأرضُ تأتي بالغلال إذا رأتْ دِيَمَ السّماء تجود بالأمطار خيْرُ الفصول بثوبه وجمالِه يأتي بُعَيْدَ مواسمِ الإعصار أمّا الثّمار فلا تذوق لذيذَها دون الوصول إلى ذُرى الأشجار فاسلكْ سبيلَ جدودِنا. آهٍ فقد كانوا سراجاً في دُجى الأحرار خيرُ الرّجال بفعلهم, فخصالُهمْ أنشودةٌ أحلى من الأزهار جادوا علينا بالسّناء, وإنّنا مُتمسِّكون بهذه الأنوار ليس التَّعلُّقُ بالتّراث معابةً فهو البقاءُ, وموقظُ الأبصارِ فيه الضّياءُ لأمّةٍ إحلوْلكتْ أيّامُها, ونستْ حقوقَ الجار وقستْ على أبنائها بجفائها فطباعُها حبلى بكلِّ دمارِ
لا تُهْملوا حقَّ البلادِ. وصوْنَها فنعيشَ مثلَ بقيَّةِ الأصفارِ هذا بياني للّذين أحبُّهمْ خوفي عليهم مبعثُ التّذكارِ أنتمْ نسيجُ حياتِنا, وبقائنا لا أبتغي منكم سوى الإعصارِ *********