الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
الاتحاد الاشتراكي
الأحداث المغربية
الأستاذ
الاقتصادية
الأول
الأيام 24
البوصلة
التجديد
التصوف
الجديدة 24
الجسور
الحدود المغربية
الحرة
الدار
الرأي المغربية
الرهان
السند
الشرق المغربية
الشمال 24
الصحراء المغربية
الصحيفة
الصويرة نيوز
الفوانيس السينمائية
القصر الكبير 24
القناة
العرائش أنفو
العلم
العمق المغربي
المساء
المسائية العربية
المغرب 24
المنتخب
النخبة
النهار المغربية
الوجدية
اليوم 24
أخبارنا
أخبار الجنوب
أخبار الناظور
أخبار اليوم
أخبار بلادي
أريفينو
أكادير 24
أكورا بريس
أنا الخبر
أنا المغرب
أون مغاربية
أيت ملول
آسفي اليوم
أسيف
اشتوكة بريس
برلمان
بزنسمان
بوابة القصر الكبير
بوابة إقليم الفقيه بن صالح
أزيلال أون لاين
بريس تطوان
بني ملال أون لاين
خنيفرة أون لاين
بوابة إقليم ميدلت
بوابة قصر السوق
بيان اليوم
تازا سيتي
تازة اليوم وغدا
تطاوين
تطوان بلوس
تطوان نيوز
تليكسبريس
تيزبريس
خريبكة أون لاين
دنيابريس
دوزيم
ديموك بريس
رسالة الأمة
رياضة.ما
ريف بوست
زابريس
زنقة 20
سلا كلوب
سوس رياضة
شباب المغرب
شبكة أندلس الإخبارية
شبكة دليل الريف
شبكة أنباء الشمال
شبكة طنجة الإخبارية
شعب بريس
شمال بوست
شمالي
شورى بريس
صحراء بريس
صوت الحرية
صوت بلادي
طنجة 24
طنجة الأدبية
طنجة نيوز
عالم برس
فبراير
قناة المهاجر
كاب 24 تيفي
كشـ24
كود
كوورة بريس
لكم
لكم الرياضة
لوفوت
محمدية بريس
مراكش بريس
مرايا برس
مغارب كم
مغرب سكوب
ميثاق الرابطة
ناظور برس
ناظور سيتي
ناظور24
نبراس الشباب
نون بريس
نيوز24
هبة سوس
هسبريس
هسبريس الرياضية
هوية بريس
وجدة نيوز
وكالة المغرب العربي
موضوع
كاتب
منطقة
Maghress
"وزارة التعليم" تعلن تسوية بعض الوضعيات الإدارية والمالية للموظفين
مسؤول فرنسي رفيع المستوى .. الجزائر صنيعة فرنسا ووجودها منذ قرون غير صحيح
سقوط عشرات القتلى والجرحى جراء حريق في فندق بتركيا
جريمة بيئية في الجديدة .. مجهولون يقطعون 36 شجرة من الصنوبر الحلبي
"حماس": منفذ الطعن "مغربي بطل"
الكاف : المغرب أثبت دائما قدرته على تنظيم بطولات من مستوى عالمي
دوري أبطال أوروبا.. برشلونة يقلب الطاولة على بنفيكا في مباراة مثيرة (5-4)
ماستر المهن القانونية والقضائية بطنجة ينظم دورة تكوينية لتعزيز منهجية البحث العلمي
"سبيس إكس" تطلق 21 قمرا صناعيا إلى الفضاء
الحاجب : تدابير استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد (فيديو)
ارتفاع عدد ليالي المبيت السياحي بالصويرة
كأس أمم إفريقيا 2025 .. "الكاف" يؤكد قدرة المغرب على تنظيم بطولات من مستوى عالمي
"البام" يدافع عن حصيلة المنصوري ويدعو إلى تفعيل ميثاق الأغلبية
المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"
تركيا.. ارتفاع حصيلة ضحايا حريق منتجع للتزلج إلى 76 قتيلا وعشرات الجرحى
التحضير لعملية "الحريك" يُطيح ب3 أشخاص في يد أمن الحسيمة
لمواجهة آثار موجات البرد.. عامل الحسيمة يترأس اجتماعًا للجنة اليقظة
الحكومة: سعر السردين لا ينبغي أن يتجاوز 17 درهما ويجب التصدي لفوضى المضاربات
بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض
تركيا.. يوم حداد وطني إثر حريق منتجع التزلج الذي أودى بحياة 66 شخصا
وزارة التربية الوطنية تعلن صرف الشطر الثاني من الزيادة في أجور الأساتذة
توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء
مطالب في مجلس المستشارين بتأجيل مناقشة مشروع قانون الإضراب
اتخاذ إجراءات صارمة لكشف ملابسات جنحة قطع غير قانوني ل 36 شجرة صنوبر حلبي بإقليم الجديدة
توقيع اتفاق لإنجاز ميناء أكادير الجاف
مجلس المنافسة يكشف ربح الشركات في المغرب عن كل لتر تبيعه من الوقود
الدفاع الجديدي ينفصل عن المدرب
اليوبي يؤكد انتقال داء "بوحمرون" إلى وباء
فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور
افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير
هل بسبب تصريحاته حول الجيش الملكي؟.. تأجيل حفل فرقة "هوبا هوبا سبيريت" لأجل غير مسمى
أنشيلوتي ينفي خبر مغادرته ريال مدريد في نهاية الموسم
المجلس الحكومي يتدارس مشروع قانون يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة
ندوة بالدارالبيضاء حول الإرث العلمي والفكر الإصلاحي للعلامة المؤرخ محمد ابن الموقت المراكشي
المبادلات التجارية بين المغرب والبرازيل تبلغ 2,77 مليار دولار في 2024
الغازوال والبنزين.. انخفاض رقم المعاملات إلى 20,16 مليار درهم في الربع الثالث من 2024
مطالب برلمانية بتقييم حصيلة برنامج التخفيف من آثار الجفاف الذي كلف 20 مليار درهم
تشيكيا تستقبل رماد الكاتب الشهير الراحل "ميلان كونديرا"
انفجار في ميناء برشلونة يسفر عن وفاة وإصابة خطيرة
المؤتمر الوطني للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية: "خصوصية المهن الفنية أساس لهيكلة قطاعية عادلة"
العمراني : المغرب يؤكد عزمه تعزيز التعاون الإستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد تنصيب ترامب
في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالاذاعة الوطنية : نظرات في الإبداع الشعري للأديب الراحل الدكتور عباس الجراري
ترامب يوقع أمرا ينص على انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية
إيلون ماسك يثير جدلا واسعا بتأدية "تحية هتلر" في حفل تنصيب ترامب
ترامب: "لست واثقا" من إمكانية صمود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
المغرب يدعو إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
الإفراط في اللحوم الحمراء يزيد احتمال الإصابة بالخرف
وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي
دوري أبطال أوروبا.. مواجهات نارية تقترب من الحسم
ياسين بونو يتوج بجائزة أفضل تصد في الدوري السعودي
علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر
القارة العجوز ديموغرافيا ، هل تنتقل إلى العجز الحضاري مع رئاسة ترامب لأمريكا … ؟
المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين
دراسة: التمارين الهوائية قد تقلل من خطر الإصابة بالزهايمر
ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير
الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»
ملفات ساخنة لعام 2025
أخذنا على حين ′′غزة′′!
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
قراءة من كتاب '' لا أرى غير ظلّي'' ل ''هيام مصطفى ''
شرنقةٌ على أفنانِ الشّعر!
آمال عواد رضوان
نشر في
طنجة الأدبية
يوم 25 - 11 - 2008
التّركيبُ اللّغويُّ بفنّيّتِهِ إنّما يُبطّنُ أفكارًا وأبعادًا عميقةً، تتخلّلُها تدفقاتُُ شعريّةٌ وشحناتٌ فكريّةٌ، وبذلك تتجلّى وتتفاوتُ درجاتُ الإبداعِ بأبعادِها بينَ الشّعراءِ. فلا ينبغي أن نكتفي بالحكمِ على ما قراناه، مِن خلالِ التّذوّقِ الفنّيِّ النّابعِ من الحسِّ الجماليِّ، أو من الانطباع الانفعاليِّ فقط، بل علينا أن نبحثَ ونكشفَ عن بواطنِ الجمالِ، للمضامينِ الفكريّةِ والدّلالاتِ الفنّيّةِ! - لماذا اختارتِ الشّاعرةُ الظّلَّ استثنائيًّا في عنوانِ كتابِها؟ أ لأبعادِ طولِهِ وأحجامِهِ المتغيّرةِ، أم لشحوبِهِ المتأرجحِ بينَ الزّيفِ والحقيقةِ؟ أم لأنّ الظِّلّ يحتشدُ بموسيقى رهبةٍ لا تحتملُ الأضواءَ، أم لتسكُّعِهِ بعشوائيّةٍ ليُضيءَ دهاليز عتمةِ ''زمكانيّةِ' الشّاعرةِ؟ يتبدّى الظّلُّ وكأنّهُ طائرٌ كونيٌّ يتلفّعُ بعرائِهِ، فهو رمزٌ لضراوةِ الألمِ والعذابِ، رمزٌ لمرارةِ القدَر والوَحدةِ والشّقاءِ، وللغموضِ ولعُمقِ المعاناةِ وعدمِ الثّقةِ، رمزٌ لستائرِ الحقيقةِ المبتورةِ والمُسدَلَةِ على تعدّدِ أساليبِ القهرِ والحرمانِ. الظّلُّ رمزٌ لملامحِ هزيمةٍ تتجلّى بومضاتٍ تُفصحُ عنها عواطفُ مشحونةً بانفعالاتٍ عاريةٍ، وتنسابُ بسلاسةٍ بينَ تعاريج الحياةِ المتناقضة باستقامتِها واعوجاجِها! لكن، هل للظّلِّ اعوجاجا ته؟ وهل لعنصرِ الزّمنِ ظلٌّ يصرخُ ويبكي ويهرمُ ويَشيخُ؟ وهل الظِّلُّ المتأرجحُ بينَ الغموضِ والتّلميحِ، يُشكّلُ عنصرًا أساسيًّا في مسرحِ الحياةِ؟ للظِّلِّ دَورٌ مُشوِّقٌ في حالاتِ التّأمّلِ وكشْفِ زوايا الحياةِ بأبعادِها وأوزانِها. فحينَ يكونُ الظِّلُّ ثقيلاً يُبكي الضاحكَ، وحينَ يكونُ الظِّلُّ خفيفًا يُضحكُ الباكي، وبينَ البكاءِ والضّحكِ تتفاقمُ حيرةُ الشّاعرةِ لمذاقات الحياة وألوانِها على مسرحِ الظّلالِ الحياتيّةِ، وما بينَ حالاتِ الضّياعِ والواقعِ المُرِّ، يُشكّلُ الظِّلُّ روحَ الشّاعرةِ! إذن؛ فالظِّلُّ هو روحُ الشّاعرةِ الملازمُ لجسدِها وأفكارِها وأحلامِها وما تتوقُ إليه في هروبِها الشّعريِّ، لكن الظلَّ تُلازمُهُ الخطيئةُ في الخبايا وفي طيّاتِ السّفرِ والموتِ فتقولُ: أصعدُ بخطيئتي تاجَ عرشِكَ/ أيُّها المسافرُ إلى بلدِ الضّبابِ/ إن رحلتَ/ أُكفّنكَ بجرحٍ تعثّرَ بينَ الخطايا/ ككلّ امرأةٍ تُخطئُ/ يبقى لها النّزفُ والحلمُ/ أيُّها المسافرُ إلى بلدِ الضّبابِ/ أهيئ لحلمِكَ المغدورِ شمعةً/ هي ما تبقّى مِن ظِلٍّ وخطيئة/ نصوصُ الشاعرة ''هيام'' محصّلةُ أغوارِ أحاسيسِها وأعماقِ نفسِها، فتجلّتْ بنصوصِها مِن خلالِ لغتِها الشّعريّةِ الغامضةِ أحيانًا، والرّمزيّة الهامسةِ تارةً، والثّائرةُ مرّةً، ومرّة رافضة، وأخرى حالمة بواقع أجمل، إذ نبتتْ في أرضٍ خصيبةٍ مِن متناقضاتٍ ومعاييرَ شكليّةٍ لا حصرَ لها، فجعلتِ الشّاعرةَ تتخبّطُ في لجّةِ صراعاتٍ بحثًا عن ذاتِها، فكيفَ لها أن تُحقّقَ الأنا؟ مِن خلالِ الحوارِ الّذي أجريتُهُ معها في مقدّمة الكتاب، نُدرك الخطوطَ العريضةَ والطّويلةَ، وما بينَها مِن إحداثيّاتٍ جسّدتْ تفاصيلَ روحِ الشّاعرةِ هيام، هذا التّعمّقُ داخلَ النّفسِ الإنسانيّةِ شحنَها بطاقةٍ ثوريّةٍ عارمةٍ ومدوّيةٍ! مِن ناحيةِ الصّياغةِ: فقد اعتمدتِ الشّاعرةُ هيام على الشّكلِ المُغايرِ الجديدِ، وعلى دلالاتِ الغربةِ ورموزِ الضّياعِ، فحين يتألّقُ الألمُ ويصيرُ سيّدَ حُزنِها وأميرَ رؤيتِها الشّعريّةِ، يغدو الزّمانُ كئيبًا، لا يُبدّدُ كآبتَهُ إلاّ لغةُ الشّعرِ الشّفافة، وفي كتابِها الشّعريِّ "لا أرى غير ظلّي". الشّاعرةُ قفزتْ قفزةً نوعيّةً مغايرةً عن سابقاتِها مِن الكتبِ، من ناحيةِ التّصوراتِ، الأسلوبِ، المضامينِ، فقد تخطّتِ المباشَرَةَ والكلامَ الموزونَ، وأيضًا مِن ناحيةِ اللّغةِ والتّجديدِ في القاموسِ اللّغويّ، والذي دارَ في مُجملِهِ في الوقتِ والغربةِ والفراغِ والملحِ والجرحِ والوهمِ والرّحيلِ والموتِ الخفيّ والظّلِّ! فتقولُ عن الضّياعِ والاغترابِ والرّحيلِ: في مدينةِ الضّياعِ يُفتّشونَ يا رفيقي/ عن غربةِ الوطنِ/ وأصيحُ: لوركا/ وجْهُكَ جرحُ السّفرِ/ مَن صادرَ للغريبِ أرضي/ مَن علّقَ ضفيرةَ طفلتي على بيادرِ الحزنِ؟ أيُّها المحتضِرونَ في الشّتاتِ/ إنَّ المنافيَ لم تلدْكُم سوى للحريق/ ثورةُ خروجِكم مِنَ الجرحِ/ ثورةٌ على الجرحِ/ أيُّها المسافرُ إلى بلدِ الضّبابِ/ إنّهُ الوهمُ بينَ أن تكونَ سيّدًا للحلمِ/ وسيّدَ الرّحيلِ أمّا الوقتُ والزّمنُ فعدوّان لا ترحمُ قسوتُهُما فتقول: عودوا إن استطعتُم/ تدثّروا لغةَ الفاتحين/ لا يخضرُّ الحبقُ مِن زبدِ الوقتِ/ كطحلبٍ هو الوقتُ/ لا تُشعلْ زبدَ وقتي/ أيُّها الوقتُ خذْ مَداكَ وصَداكَ/ علِّقْ هذا الحزنَ/ وَمُرَّ بقصيدةِ شِعرٍ على هزيمتي القديمةِ/ لطِّفْ وجهي بندى الرّبيعِ/ / أيّها الوقتُ/ أسابقُ الرّيحَ إليكَ/ هل أبقى قليلاً لديكَ لأرتضي؟ مَن يعيدُ لي زمانًا مضى/ لتكفَّ مخيلتي عن الهذيان/ مُرَّ بقربي ولا تسخرْ من شقاوةِ الوقتِ/ قد يطولُ رقادي في رحمِ امرأةٍ/ فيا حفّار القبور اجعلْ لنعشي بابًا/ ربّما يعودُ بي الزّمنُ إلى عشقٍ قديم!/ وهنا إشارةٌ من الشّاعرة إلى اعتقادِها بالتقمّص، وانتقالِ الرّوحِ بعدَ المماتِ في ثوبٍ آخرَ مِن الوقتِ والزّمان! غربةٌ وحزنٌ وخوفٌ وفزعٌ في مطاردةٍ دائبةٍ للشّاعرةِ كلّها مجتمعة تدفعُها للقول: حملتُ اغترابَكَ ملْءَ القلبِ/ وبعتُ مواسمَ العشقِ للفراغ/ أنينُ الفزعِ واللّهفةِ/ تحيطُني دوائرَ دوائر/ يشهقُ الفراغُ/ ولا أرى غيرَ ظلّي/ أنزلقُ في متاهةِ أنايَ/ ملحٌ يتماهى ومخرزٌ/ وأفقدُ لوني. أمّا اللّيلُ فيشكّلُ للشاعرة محطّة هاربةً محمولةً على أجنحةِ الأرق فتقول: لطائرِ الليلِ أدوِّنُ قصيدةَ المساءِ/ نُعاسُكَ وفحيحُ العتمةِ بلونِ عويلِ الأجنّةِ/ أنثاهُ أنا مِن رحمِ العتمةِ/ أبحثُ في فنجاني عن ليلٍ لا يتصدّعُ/ أمّا الذاكرةُ فهي خابيةُ العمرِ، تُعتّقُ بها خمورَ السّنين، وحينَ تستبدُّ بالشاعرة كأسُ الفزعِ تثمل، وتشتعلُ جوهرةُ الحنينِ إلى وطنِ الذّكرى والخيالِ، وتتوهّجُ أصابعُ ''رومانسيتها'' الظّامئة للمراوغةِ، لتعزفَ على قيثارةِ الوجْدِ وِجدانَها الدافئَ وما يعتملُ في روحِها، فتنبعثُ الأنغامُ لغةً شعريّةً، كأنّما تُعاقرُ كؤوسَ فراغِها العاقرِ حينَ يُزاوجُ وَحدتَها فتقولُ! اُحضُنْ وجهيَ الآنَ/ كي تطلَّ الذاكرةُ على جرحِ
المدينةِ
/ كمخرزٍ أنتَ في الذّاكرةِ/ نُعاسُ الذّاكرةِ أُحسُّكَ/ تعالَيْ، صليني بسرابٍ ناريٍّ/ اِتّكئي على صخَبِ اشتعالي/ فأنا البعثُ منّي/ ألِدُكَ مِن مَدّي وجَزري/ أمّا العمرُ فهو إضماماتٌ من الذّاكرةِ، تفوحُ برائحةِ الوقتِ المغموسِ بالوهمِ، وأزهارُهُ تلوّنُ بينَ الأنا والأنت! كانَ العُمرُ نُوّارَ لوزٍ/ فتراقصَ الجسدُ ترتيلَ أرقٍ/ وآتيكَ اللّحظةَ لأحتفيَ بالفُتاتِ/ لا أنادي على العمرِ الضّائعِ/ بل أُنادي مع ضياعِ عمري عليك/ ظلُّكَ والعُمرُ الّذي كانَ/ يومَ عزمْتُ على الرّحيلِ/ ها هو العمرُ يَزحفُ تحتَ الرّكام/ لا تلُمْني إنْ توقّفتُ قليلاً/ هو العمرُ يمضي والأعوامُ تمضي ومنَ الفرحِ المنشودِ لا يتسنّى للشاعرةِ أن تقبضَ على وهجِ وجهِهِ، كأنّ الفرحَ باتَ ""فلّةً" مُحرَّمَةً في بستانِها المحترقِ فتقولُ: أشحذُ الفرحَ الباكيَ مِنَ احتلالِ الذّاكرةِ/ لا ترقصْ على وجعي/ لا تعتذرْ.. لحلمِ الفرحِ مذاقِ النّارِ/ أترى اللهَ كيف يخطّطُ المسافاتِ/ ويرسمُ لون الفرحِ والحزنِ/ أنا الفُلّةُ المُحرَّمةُ/ الغافيةُ على صدرِ الكتاب/ لا شيءَ يُفرحُ/ سوى أن أخونَ الشّعرَ معك/ فكيفَ للشّاعرةِ أن تتصدّى وتنتصرَ، وتواكبَ الآتيَ؟ هي تعويذةٌ تلجأُ إليها لتنقذَها فتقولُ: نتماهى في تفاصيلِ الحزنِ/ نتقاسمُ خبزًا حافيًا مِن صرخةِ عُريِنا/ نُهمِّشُ سعالَ الأمسِ في غيابِ الرّحمةِ/ ونحتالُ على حارسِنا اللّيليِّ في مجونِ الأرقِ/ تلجأ الشاعرةُ إلى أساليبَ عديدةٍ للتّعبير، فنراها تلوذُ بالخطابِ الأسطوريِّ "لأوزيريس"، والذي كانَ سيّدَ الأبديّةِ وإلهَ الخصبِ والحبِّ والحياةِ، إذ جمعَتْ إيزيس زوجته قطعَهُ المتناثرة على شاطئِ النّيل، وجعلتْ منها مومياء، ليعودَ إلى الحياة الأخرى، ويصيرَ ملكَ الموتى فتقول: أينعْتَ أوزيريس بصيلةَ فرحي.... خذني إلى ضفّةِ نيلِكَ/ عربيدةُ اللّيلِ أنا/ وأنتَ ليلكيُّ القسماتِ مِن عطرِ أقحوانة/ امرأةُ الشّوقِ أنا/ اُدخلْ إلى أحشائي/ وساومْ على سنابلي/ ما أنا إلاّ أنثى/ في سوقِ المزادِ/ أعلنتْ عليكَ العصيان كما تلوذُ الشّاعرةُ بالخطاب الإنجيليّ والرّسول "توما"، حين لم يؤمنْ بقيامةِ السيّد المسيح، إلاّ بعدما عاينَ ولامسَ جراحَهَ فتقول: يطيرُ قلبي إلى وقتٍ يُسافرُ في جرحِ عمري/ كيف يبدو المشهدُ، رائحةُ الجرحِ/ امرأةُ الشّوقِ أنا/ ترفّقْ / ترفّقْ توما، ضعِ إصبعك في الجرحِ/ والمَسْ عطرَ مخاضي/ هل تُشكّلُ القصيدةُ وطنًا وملجأً تركنُ إليهِ الشّاعرةُ هيام مصطفى قبلان؟ نلاحظُ كم يتجذّرُ الشّعورُ بالغربةِ والاغترابِ في ذاتِ الشّاعرةِ، بما تتضمّنُ هذه النصوصُ مِن متيماتِ حزنٍ وألمٍ، تربطُ بينَ الظّرفِ الزّمنيِّ والمكانيِّ، فالشّاعرة بمجموعِ الأنثى المُبلبَلةِ باحتراقاتِها وبهمومِها الحياتيّة، قد تشرنقتْ على أفنانِ الشّعرِ، وما جاءتْ نصوصُها هذه إلاّ فراشاتٍ ملوّنةً بحياةِ الشّاعرةِ الجريئةِ والمتمرّدةِ في آن، فتقولُ: أزِِلْ رُكامَ الخوفِ عن ناظريَّ/ بُحْ لقشورِ صدَفةٍ/ كم من أسماكِ البحرِ غادرتْ معاطفَها/ تتلوى محارةٌ على صدى النّواقيسِ/ بينَ رقصةِ العويلِ ورضابِ شفتيك/ وبؤبؤُ العينِ يتمرّغُ زمرّدةً/ كاعتقالِ لحظتِها الصّغرى بِرِقّةِ لحْظِك بينَ المحارةِ واعتقالِ اللّحظةِ، تُحاولُ الشّاعرةُ بلُعابِ كلماتِها المُشاكسةِ، أنْ تلتقطَ لحظاتٍ هاربةٍ متموجة، تُلقي بها في شِباكِ قصائدِها المائيّةِ، لتبنيَ منها محاراتٍ صغيرةً، تُشكّلُ عالمَها الآمنَ والهادئَ في لجّةِ الحياةِ المتموجةِ، لكن هذه المحارات لا توقظُها مِن غفوتِها، إلاّ أنفاسُ موجاتٍ صاخبةِ الحساسيّةِ وعارمةِ الشّعريّة! وقد احتلَّ عالمُ الطّبيعةِ مرتبةً شاسعةً في صورها الشّعريّةِ، فتتحدّثُ بلغةِ الطبيعةِ والورودِ والألوانِ والفصولِ والخريفِ خاصّةً، والومضِ والرّعدِ برمزِ الرّصاصةِ والمطر، فالشاعرة تُجسّدُ الكلماتِ بصورٍ مركّبةٍ وتُعطيها بعدًا ثالثًا في الخيال، تجعلُها ملموسةً وليست تصويريّةً فقط: أيُّها السّاقطُ على ومضةِ خريفي/ إن أتاكَ الفجرُ يومًا/ علّقْ قناديلَ الذّاكرةِ بينَ ريحِكَ والبحر/ وبرصاصةٍ مِن بكاءِ الشّارعِ اثقبْ نُواحي على وهمِ النّشوةِ كما أبدتْ الشاعرةُ "هيام" لمتتبّعِها أنّها تمتلكُ أدواتٍ شعريّةً عديدةً، خاصّةً أدوات "الإيروتيك"، كما تتنعّمُ بمهارةٍ انسيابيّةٍ في الوصفِ تتناغّمُ شعريًّا، فتنسجُ سلالاً ملأى بفاكهةِ الجسد، وبقدرةٍ تستخدمُها بلباقةٍ، فيُحسُّ القارئُ بحفيفِ شهوتِها، ويشتمُّ رائحةَ حرفِها يُدغدغُ خيالَ القارئِ! لكنّها حملتْ بين طيّاتِها فكرةَ الموتِ المُلاصقةُ لروحِ هيام، والتي تمحورتْ في معظمِ نصوصِها، هذا الهاجسُ الذي يتلبّسُها اتّخذَ صوَرًا وأشكالاً وتعبيراتٍ عديدةً، مِن عتابٍ وصفٍ ومخاطبةٍ، تراءتْ للكثيرِ منّا لغةَ "إيروتيك"، لكن المضمونَ تضمّخَ بفكرةِ الموتِ المُبطّنِ. وفي قصيدتِها الأولى "لزجٌ ملمسُ قدومِكَ" اختزلتْ مخاوفَها بتعبيرِها الشّعريِّ فتقولُ: وحشيّةُ أنفاسِكَ تتسلّلُ إلى جرحي/ ووجهُ
المدينةِ
ملحٌ ضبابيٌّ/ أنيري يا نرجسةَ روحي مساحاتِ الفراغِ/ كم كانَ لسطوتِكَ عزْفُ نشيجِ الصّدى/ أيّها السّاقطُ على ومضةِ خريفي/ يرتعشُ قلبي الخداجُ/ ويحنو رمشُكَ برفقٍ/ إلى رمقي الأخيرِ فيتورّدُ/ إنْ أتاكَ الفجرُ يومًا/ علِّقْ قناديلَ الذّاكرةِ بينَ ريحِكَ والبحرِ/ والثُمْ عنقَ اللّيلِ/ وبرصاصةٍ مِن بُكاءِ الشّارعِ/ اثقبْ نُواحي/ على وهمِ النّشوةِ وفي قصيدة نعشي: يمرُّ نعشي بقربي محملقًا/ مكفّنًا بعبق السّنين/ كيف تصدحُ تحت الثرى بلابلُ العمرِ/ سرِ الهوينى أيها النعشُ/ انثرْ على نافذتي العتيقةِ/ ما دوّنتْهُ يدي مِن ألمٍ وحلمٍ وحنين/ ما سرُّ فدريكو كارسيا لوركا والشّاعرة هيام مصطفى قبلا؟ فدريكو كارسيا لوركا قد احتلَّ وطغى
بشخصيّتِهِ وسيرتِهِ وشِعرِهِ على لبِّ الشّاعرةِ :ص 42 وص52 تتحدّثُ عنه فتقولُ: خبّأتُ وجهَ لوركا في فنجانِ قهوتي/ شربتُ رائحتَهُ حتّى النّخاعِ/ لوركا شاعر إسبانيّ متمرّد، أُعدمَ في تموز 1936 رمياً بالرّصاصِ، وكانتِ التّهمةُ الموجّهةُ إليهِ، أنّهُ مثقّفٌ، صنعَ بكتبِهِ ما لمْ تصنعْهُ المسدّسات! وتنتقلُ الشاعرة بين
غرناطة
ومدريد وحيفا وبيروت، وتعود مجدّدًا إلى "أوزيريس" لتقول: رأيتُ في حلمي فدريكو/ يتّكئُ على نصفِ قلبِهِ/ نصفُ القلبِ لنا/ ونصفُ الدّمعةِ لنا/ ومرثيّةُ الوطنِ لنا/ هل قتلوا العدالةَ والعزيمةَ فيكَ أوزيريس؟ في الجليلِ وُلدَ فدريكو الشّرق/ يستحمُّ بماءِ الوردِ ومن هو فدريكو "المشرق" في عينِ الشاعرة؟ إنّه سميح القاسم، علَمٌ ورمزٌ نطقَ بلسانِ لوركا، وصوُتُهُ المُغنّي للحرّيّةِ لا زالَ يُزهرُ في سَماءِ الوطن! وهنا تأكيد آخر على فكرة التقمّص التي تؤمن بها الشّاعرة!
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
الشهد.. والعبير
قراءة لديوان "امرأة لا تحصى" للشاعر محمد بودويك
كتاب وكاتبات يتأملون «تجربة الكتابة..تجربة في الحياة». .مع السينمائي والكاتب المغربي مومن السميحي
محمد السرغيني .. قلق شعري عظيم من الحقيقة إلى الحب
في حوار مع الشاعر المغربي أحمد بلحاج آية وارهام..
تصريحات مسؤولين بالحركة الإسلامية المغربية وفاعلين ميدانيين في المجال الفني: وعي بالأهمية...وتفعيل ينتظر الخروج من دائرة الظل
أبلغ عن إشهار غير لائق