المقاربة البنيوية كمنهج للدراسة: لعل البعض يهتف ويتلذذ بأفول البنيوية وغروب شمسها بظهور الفتح الجديد: " ما بعد البنيوية" أو " ما فوق البنيوية" ، والبعض الآخر ينظر إليها على أنها في عزّ شبابها كانت موضة بين المثقفين (كما نجد لدى جابر عصفور في مقدمته لكتاب"عصر البنيوية" لإديث كيرزويل ، وكذا زكريا إبراهيم في كتابه "مشكلة البنية" إذ أشار إلى أن "تحول البنيوية إلى موضة فكرية قد أفسد على أصحابها الشيء الكثير )، بيد أني أرى أن الدراسة النقدية المتميزة للنص يلزمها أن تنطلق من النص ولا شيء غير النص، مادام هذا النص في أصله وكينونته وماهيته مادة لغوية ونسقا من العلاقات ذات النظام المستمر قبل أن يكون الناطق باسم المجتمع، لأن الأدب كما يقول جيرار جنيت:" لا يوجد إلا بذاته، وبالمقابل لا يرتبط إلا مع ذاته" ، وهذا لا يعني أن الباحث البنيوي يتعين عليه أثناء تحليل النص التشخيصَ والوصفَ واستقراءَ أجزاء النص وروابطه فقط، وإنما دراسته للبنية هي بمثابة "مرحلة حتمية في كل لحظة يباشر فيها العقل العلمي موضوع درسه" ، وهذا يعني أن" البحث في البُنى لا يعني أن الباحث ينتقل آليا إلى اعتناق البنيوية، فيعبر تلقائيا من مستوى المنهج إلى دائرة المذهب، فلئن كان من المتعين على البنيوي أن يدرس البنيات، فإن دراسة البنيات لا تقود بالضرورة إلى الانخراط في الميثاق البنيوي". ولما كانت البنيوية تتحرك بعيدا عن صنم الواقع والمجتمع، وتمتشّ امتشاشا مخّ النص، وتجعلنا أكثر ارتباطا بالنص وذات النص، وتكشف عن قوانين اشتغال المنجز النصي وبنيته الداخلية، ولا تحلق بعيدا عن بنية النص المقروء ونسقه ونظامه، وتقوم على ممارسة لغوية محضة تستقرئ المستوى التركيبي والدلالي والنحوي والرمزي والمعجمي والإيقاعي للنص، فلا مندوحة لي عنها -كاختيار منهجي - لدراسة قصيدة "دوائر الخوف" للشاعر إدريس الرقيبي. 1. مفهوم التعاقب: تحدد يمنى العيد مفهوم التعاقب بأنه" يعني زمن التطور والانتقال من بنية إلى بنية، ومن نسق إلى نسق، من نظام إلى نظام ... غير أن هذا التعاقب كمفهوم بنيوي لا يعني ذلك، بل هو يعني وكما هو واضح في بحث دي سوسير وربما عند غيره من البنيويين فيما بعد استمرار البنية نفسها التي تتعرض بسبب تهدم عنصر من عناصرها إلى خلل، ثم لا تلبث هذه البنية نفسها أن تستعيد نظامها" .
2. بنية التعاقب في العنوان: يشكل العنوان رافدا مهما لفهم دلالة المتن الشعري والمتخيَّل الإبداعي للشاعر، فهو بمثابة بوّابة أو مدخل عتباتيّ أو حسب سارتر"خذروف النص"؛ إذ يعمل على تحريك خيوط النص واختزال مضمونه وفكرته.ولمقاربة عنوان القصيدة" دوائر الخوف" لابد من طرح سؤال حول مرجعيته قبل وظيفته ودلالته: لماذا اختار الشاعر "دوائر الخوف" عنوانا لقصيدته، ولم يختر ما كان على شاكلة الدوائر: كالهَالات أو الدوّامات أوالعواصف أو..؟ لعل كلمة الدوائر لا تقتصر فحسْب على مفهوم الدوران الشكلي والظاهري للكلمة؛ فتعني أنها تدور وتدور وتعود إلى نفس البؤرة التي انطلقت منها، بل تتجاوزه لتفسر أسى الذات ودورانه الذي لا ينتهي، فهو - أي الأسى- يدور في ذات الشاعر ويرجع إلى بؤرة الانطلاقة، ليبدأ معها الشاعر معاناةً جديدة ورحيلا جديدا وإبحارا جديدا في المعاناة، وهذا ما تجسده الأسطر الأخيرة في القصيدة في قول الشاعر: " سأظل دوما أبحر، في عباب الليل .. في بحور الشعر.. دوما في أبد الرحيل" إذن فالشاعر قد كان مُدقِّقا ومُوَفَّقاً في اختياره للعنوان، لأن البدائل الأخرى لو وُظّفتْ لغيّرت معنى القصيدة ومضمونها، لأن الهالات مثلا تدل على السكون والثبات فنقول مثلا هالة القمر: بمعنى الدائرة الضوئية التي تحيط بالقمر، وتعرف استقرارا في شكلها وأبعادها وملازمتها للقمر، وتدل الدوّامات والعواصف على الخراب والدمار الذي يأتي على الأشياء فيجعل عاليها سافلها، ثم يعقبها الهدوء والاستقرار، بينما الدوائر تعرف استمرارا وتعاقبا وتَمُورُ مَوْراً وتجعل الموجود فيها في حيرة مستمرة كما في قوله تعالى:" عليهم دائرة السوء"(سورة الفتح، الآية:6 ) أو كما في المثل السائر:" على الجاني تدور الدوائر" للدلالة على استمرار تعاسته وخيبة أمله، فهي إذن- أي الدوائر- تتشكل منها العواصف والدوامات والهالات سواء كانت تدل على الثبات والسكون أو الحركة والدمار، وترمز إلى خوف متجدد ومستمر لا يفتأ يتهافت ليحدث الفزع والتوجس في قلب الشاعر. وبهذا تتشكل بنية التعاقب منذ البداية من العنوان، الذي دل على التشظي والتوجس المتعاقب والمستمر الذي انتهى في آخر القصيدة بتحرر الشاعر منه ممتطيا سفينة الشعر ممعنا في الإبحار وأبد الرحيل. 3. التعاقب في البنية المعجمية: القصيدة: دوائر الخوف رفيقةَ دربي.. تمُرّينَ بين خيالات السّكونْ.. تصبِّينَ عمري بكأسِ الشجون.. يتوهّجُ صوتي المسافرُ في همساتِ الفصول، فيستحيل في نرجسِ الكلماتِ، عبقا ليلكيا، يباهي احتراقي، وتورق من شذاه الغصون.. رفيقة دربي .. أخاف أن يصدمني الصدود، أخاف من الآتي ألا يعود، أخاف من إلفك ينساب بين جوانحي، هاربا يأبى القعود.. كم ذا اجتمعنا عبر أرصفة الدروب.. وتبادلنا الخواطر حتى عفت الكروب.. ويقض مضجعي دائما ذكراك في زمن الغروب.. رفيقة دربي.. أخاف من إلفك يمسي سرابا، بعد أن كان صرحا من كلام.. تمضي بنا الساعات، نتيه في نشوتها كما المدام، وتهب نسمات الود تدغدغ مسمعي: الإلف أقوى سلطة.. الإلف أسمى رقة.. الإلف أعنف رجة من حب ترعرع في سكوت. رفيقة دربي.. أخاف من لحظة البوح، حين يهزمني الحنان.. ومن الرسو على أرصفة الشطآن.. لأن الرصيف بدء المسير .. وأن الرسو وقت الرحيل يعوق السفر. رفيقة دربي.. أخشى المسافات التي لا تنتهي.. وكنجمة في الأفق، أفر من قبضة الإغماء، من صمت الأفول.. أخشى الأفول.. أخشى الرؤى تسلب مني سري الدفين .. قد كنت أكتمه جرحا، ينز بداخلي عبر السنين.. أخشى السؤال، جربته، مارسته، ضجت به أركان قلبي ولم يزل يسبي العقال.. رفيقة دربي.. أتغفرين هجري الهجين؟ أتقبلين عذرا رديفا باليمين؟ أتغفرين ازورار خافقي ومحاجري، وإبحاري عبر جغرافية الصمت الحزين؟ رفيقة دربي اعذريني ، متوجس غير أني سأظل دوما أبحر، في عباب الليل.. في بحور الشعر.. دوما في أبد الرحيل. إذا تاملنا القصيدة على المستوى المعجمي نجدها تتحرك في محور التعاقب الذي تشكله تيمة الخوف، ففي الأسطر الأولى يستهل الشاعر قصيدته بوصف رحلة الخوف التي يخاف، فيكاشف القارئ بشرارة المعاناة التي انطلقتْ بمناداته رفيقة دربه التي تملأ خياله، وتسكب أيام عمره الحزينة بكأس الشجون، وقد عبّر عن هذا الحزن المسكوب والمصبوب بقوله: تصبِّينَ عمري بكأسِ الشجون.. لِما للكأس من دلالة عميقة، فهي"الإناء يُشرب فيه أو مادام الشراب فيه" ، فإذا لم يكن فيه شراب فهو قدح، فوظف الكأس ولم يوظف القدح مثلا، للدلالة على صبّ العمر في كأس الأحزان من أجل ارتشافه وشربه من قِبَلِ رفيقة دربه. ثم بعد ذلك يستأنف رحلته بالحديث عن المظاهر الأخرى لهذا الخوف المتمثلة في: صوته الذي فَقَدَ جَهُورِيته وحيويته بأن أصبح مهموسا وخفيضا بين طيات الفصول، ولا يخفى على سامعٍ إذ يتوهج مُضَعْضَعاً في همسه، لكن رغم ذلك فهذا الصوت المهموس الذي أحدثه الخوف لدى الشاعر يصير عبقاً فوّاحا طيب الرائحة، يتضوّع بين ثنايا الكلمات النرجسية ويبعث الحياة في أغصان الحياة، فجِيء بالنرجس بدل الورد لما للأول من جمالية وعبق لا يُضاهيان، وهذا يذكّرنا بقول ابن الرومي في تفضيل النرجس على الورد: للنرجس الفضل المبين وإن أبى * * * آبٍ وحاد عن الطريقة حائد. في المقطع الثاني يتمظهر التعاقب في عودة الشاعر إلى رفيقة دربه، ليبثّها شكواه من الخوف، المتمثل هذه المرة في الخوف من صدمة الصدود، ومن الآتي الذي قد لا يعود، ومن رحيل الإلف وهروبه من قلب الشاعر، وقد عبّر عن هذا الرحيل المؤلم بكلمة دقيقة هي" القعود" إذ استعملها بدل كلمة الجلوس، لما لهما من اختلاف كبير يتجلى في ما ذكره الفيومي في "المصباح المنير" من أن:"الجلوس غير القعود، الجلوس: هو الانتقال من سُفْلٍ إلى عُلو، القعود هو الانتقال من علو إلى سفل، فعلى الأول يُقال لمن هو نائم أو ساجد: اجلس، وعلى الثاني يُقال لمن هو قائم :اقعُد.يُقال جلس متكئا ولا يقال قعد متكئا"، إذن فالإِلْفُ الهارب ها هنا في القصيدة قد قام من ذات الشاعر يأبى القعود والالتصاق بالأرض، مما يدل على رغبة الشاعر الجامحة في قعود راسخٍ لهذا الإلف يستمتع من خلاله بوجود رفيقة دربه إلى جانبه، ويأنس بها ويركن إليها، ثم بعد ذلك عرج للحديث عن ذكرياته مع رفيقة دربه والخواطر التي أرّقت ليله وتركته مسهدا. في المقطع الثالث تستمر بنية التعاقب في رصد الشاعر دوائر خوفه من غياب الإلف برحيل رفيقة الدرب، فتوجّس خيفة من فقدان هذا الإلف وتلاشيه كالسراب، مستحضرا نشوته بساعاته وهو إلى جانب الرفيقة، وسطوة الإلف وسلطويته على نفسيته ومشاعره. في المقطع الرابع عاد الشاعر إلى خوفه سيّما من البوحِ لحظةَ رقةِ العواطف ولطافتها(حين يهزمني الحنان) ، ومن المكوث على الأرصفة والرسو بها، وقد عبرّ عن هذا الخوف بكلمة" الرسو" التي تفيد الثبات والاستقرار بعد رحلة معينة، ومنها – أي كلمة الرسو- المرساة التي تجعل السفينة ثابتة في المرسى ومستقرة، وفي القرآن الكريم:"مجراها ومرساها" أي مستقرها، فعبّر عن هذا الخوف بلفظة الرسو للدلالة على تضايقه من الالتصاق بالرصيف والاستقرار والجمود به لاسيما لحظة السفر والرحيل. وإذا نحن تأملنا المقطع الخامس وجدنا أن تيمة الخوف تشكل بنية ثابتة ونسقا يرتبط بهذا الثبات ويقوم على نفس النظام المستمر ، والمحور الذي عليه مدار القصيدة، فالشاعر ها هنا يستأنف الحديث عن الخوف، فيكشف عن مظاهره الأخرى، متمثلة في : الخوف من المسافات البعيدة وسطوة الإغماء وصمت الأفول وانكشاف السر بسبب الرؤى، وكذا الخوف من السؤال، فيلاحظ أن الخيط الناظم لهذا الخوف وتعاقبِه يتسق بتكرار كلمة "أخشى"، التي تؤدي وظيفة صوتية إيقاعية تؤثر في الأذن الموسيقية للمتلقي، بالإضافة إلى تأكيد الخوف الذي عليه مدار القصيدة. في المقطع الأخير تتبلور بنية التعاقب في تساؤلات الشاعر المتمثلة في إمكانية الصفح عن الهجران الهجين والإمعان في الصمت وتقبل العذر واليمين، وتتبلور كذلك في صورة الخوف التي لازالت تلازم الشاعر رغم كثرة مناداة رفيقة دربه ومناجاتها، فعبّرت عن هذه الصورة كلمة"متوجس" التي تفيد الفزع يقع في القلب أو السمع من صوت أو غيره (كقوله تعالى في موسى:"فأوجس في نفسه" طه، الآية:67.)، فدلت على تردد خفيّ لدى الشاعر وخوف من المجهول، لكنه في النهاية استطاع أن يتحرر من هذا الخوف ويعانق الإبحار في الشعر والإصرار عليه. 4. التعاقب في البنية الصوتية: إن الملاحظ على القصيدة على المستوى الصوتي أنها مبنية على تعاقب بعض الأصوات وتكرار بعض الكلمات والعبارات على طول القصيدة، مثل لازمة "رفيقة دربي" التي كررت في جميع المقاطع، وقد جاءت منادى مضاف إلى اسم بعده لتدل على أهمية المنادى الذي هو القصيدة، وقد حذفت فيها أداة النداء لخلق انسجام صوتي وإيقاعي في النص، ولترمز إلى أيّ قصيدة تأتي بها قريحة الشاعر بغض النظر عن موضوعها، على عكس مثلا لو جاءت هذه العبارة على هذا الشكل:" يا أيتها الرفيقة لدربي" فهي ستفيد رفيقة معينة خاصة دلت عليها هاء التنبيه، وستخلق اضطرابا إيقاعيا لدى المتلقي في طول كلماتها. وفي مقابل ذلك نجد تكرار بعض الكلمات مثل: "أخاف"، و"إلفك" و"الإلف" و"الرسو" و" أخشى" وهي أفعال تارة وأسماء تارة أخرى، تجسد تعاقب الخوف من مصير رفيقة درب الشاعر/ القصيدة، وحرصه الشديد على ملازمة هذه الرفيقة والإبحار معها برغم العوائق والمثبطات التي قد تصادفه في سفره وإبحاره معها.
5. تركيب: لقد تشكلت من خلال هذه القصيدة بنية التعاقب على مستويات عديدة (المعجمي والصوتي والدلالي و..) ، وداخل نسق مترابط يتحرك ككيان حامل لخصوصياته البنيوية، عبر صيرورة منطقية للقصيدة /الكائن النص التي أبانت عن هذا التعاقب لا على مستوى البنية والنظام اللغوي للقصيدة فقط، بل على مستوى الأسلوب كذلك، الذي عبر بشكل كبير عن ذاتية الشاعر من خلال دوائر الخوف التي رصدها في النص، لأن"الأسلوب معطى فيزيقي ملتصق بذاتية الكاتب وبصميميته السرية.إنه لغة الأحشاء، الدفقة الغريزية المنبثقة من ميثولوجيا "الأنا" ومن أحلامها وعقدها وذكرياتها، لذلك فإن الأسلوب هو ما يكشف روعة الكاتب وطقوسيته: " إنه سجنه وعزلته" " . ومن جانب آخر، باستقراءنا لهذه القصيدة/ "دوائر الخوف" للشاعر ادريس الرقيبي نلاحظ أنها قد مثلت الشعر المعاصر الجديد في مبناه و رمزيته وشعريته وجماليته مما يخلق تنافرا بين الشاعر والقارئ على مستوى التلقي(بالنسبة للقارئ العادي البسيط)، لأن النص لجماليته يختار قارئه وهو موجهٌ إلى القارئ النموذجي وليس إلى أي قارئ، هذا التنافر – السمة البارزة للشعر المعاصر- يقول عنه أدونيس"هناك إذن تنافر بين الشاعر و"الواقع" يوازيه تنافر بين الشاعر والقارئ.فقد صار الشعر الجديد الشخصَ الشاعرَ نفسَه أو كاد، ولعل هذا التنافر هو أبرز خصائص الشعر الجديد وأكثرها أصالة وعمقا، هذا التنافر هو شعريا الغرابة و"الجميل غريب دائما" كما يقول بودلير." لقد تناولت القصيدة موضوع الشعر والقصيدة التي تظل رفيقة الشاعر أينما حلّ وارتحل، وسيظل يحملها في كيانه ووجدانه، ويتحمل دونها الصعاب كيفما كان الحال، لأنها روح الشاعر وملاذه وأنيسه الحميم في كل لحظة، فلا مناص من الشعر مادام يسكننا ومادام: " الإلف أقوى سلطة.. الإلف أسمى رقة.. الإلف أعنف رجة من حب ترعرع في سكوت" فلا مندوحة للشاعر عن القصيدة والشعر رفيق الدرب.قال محمود درويش عن هذا التلاحم بين الشاعر والقصيد: " وجلستُ خلف الباب أنظرُ: هل أنا هو؟ هذه لغتي، وهذا الصوت وخز دمي ولكن المؤلف آخر أنا لستُ مني إن أتيتُ ولم أصل أنا لستُ مني إن نطقتُ ولم أقل أنا من تقول له الحروف الغامضات: اكتبن تكن واقرأ تجد وإذا أردتَ القول فافعل يتحدْ ضداك في المعنى وباطنكَ الشفيف هو القصيد." 1 - بعدما سيطرت الوجودية في الخمسينات على المشهد الأدبي والفلسفي، ثم البنيوية في منتصف الخمسينات والستينات جاءت " ما بعد البنيوية" كمنطلق تحليلي جديد يقوم على مستويات مختلفة " فمن مبدأ سوسير في التمايز إلى مبدأ ياكوبسن في التقاطب الثنائي، ومن المفهوم الخاص للتقدم العلمي عند ألتوسير إلى الإنكار الكامل للتقدم العلمي عند فوكو، ومن القلب الأول للقاعدة والبنية الفوقية مع سوسير وليفي ستراوس ولاكان إلى القلب التام والأكثر للقاعدة والبنية الفوقية مع دريدا ودولوز وغاتري وبودريار- تمثل قصة ما فوق البنيوية قصة تكثيف وتطهير الذاتي." انظر كتاب: ما فوق البنيوية: فلسفة البنيوية وما بعدها، ريتشرد هارلند، ترجمة: لحسن أحمامة، الطبعة الثانية 2009، دار الحوار للنشر والتوزيع، سورية، ص:266 . 2- انظر كتاب: عصر البنيوية: من ليفي ستراوس إلى فوكو، إديث كيرزويل، تر: جابر عصفور، عيون، الطبعة الثانية، الدارالبيضاء،1986،ص:5. 3 - انظر كتاب: مشكلة البنية، زكريا إبراهيم، مكتبة مصر، ص: 11. 4- G.Genette."Figures 1".p:146,Coll, Points.Paris 1966. 5 - الأدب وخطاب النقد، عبد السلام المسدي، الطبعة الأولى، 2004، دار الكتاب الجديد، بيروت، لبنان، ص:320. 6 - نفس المرجع، ص: 320. 7- في معرفة النص، يمنى العيد، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، الطبعة الأولى 1983، ص: 34 (بتصرف) 8- نشرت هذه القصيدة في موقع مجلة" طنجة الأدبية" الإلكترونية ، بتاريخ: 07-07-2011. 9- القاموس المحيط، مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، مادة : كأس. 10- لتبيان الدلالة العميقة لجمالية لفظة النرجس، واختلافها عن دلالة الورد عند بعض الشعراء المولدين (سيما ابن الرومي) يُنظر كتاب: أسرار البلاغة، عبد القاهر الجرجاني، تحقيق: محمد الفاضلي، المكتبة العصرية، صيدا بيروت، الطبعة الثانية 1999، ص:212. 11- سورة هود، الآية 41. 12- - القاموس المحيط، مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، مادة : وجس 13- الدرجة الصفر للكتابة، رولان بارت، ترجمة: محمد برادة، الشركة المغربية للناشرين المتحدين، الرباط، الطبعة الثالثة، 1985، ص: 13. 14 - زمن الشعر، أدونيس، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الخامسة، 1986، ص:18-19.