تختتم مساء اليوم السبت، فعاليات الدورة الرابعة عشرة، من مهرجان السينما الإفريقية بمدينة خريبكة، وذلك بتتويج الفيلم المتألق، الذي شد الانتباه، وراق لجنة تحكيم المسابقة الرسمية بكل موضوعية، لجنة قادها بكل حنكة الناقد السينمائي المغربي مصطفى المسناوي. ويرشح عدد من المتتبعين، أفلام افريقية، قدمت للجمهور، فيضا من الأناقة الإبداعية شكلا مضمونا، والعديد من الاشراقات الخالصة التي تفضي بالمتلقي إلى ضفاف المتعة البصرية، الفرجة الراقية المفعمة بقيم المحبة والإنسانية، والإبداع الجميل، الفن الرفيع الذي يجعل من السينما لحظة من لحظات الانشراح الممتع، والتعبير القوي عن عدد من القضايا، وفنا ساحرا بكل ما تحلمه الكلمة من معنى. ويعد الفيلم المغربي" الوتر الخامس" من إخراج سلمى بركاش، من الأفلام المرشحة لنيل إحدى جوائز المهرجان، وبخاصة أن الفيلم قوبل أثناء عرضه بالمركب الثقافي بالكثير من الحفاوة، لا لشيء إلا لأن المخرجة عرفت كيف تعزف للمتلقي مواويل الوداعة السينمائية الجميلة، بإيقاع غاية في الاحتفاء بالصورة. فيلم "الوتر الخامس" ملخصه، انه في نهاية التسعينات من القرن الماضي، يقرر مالك المغرم بعزف العود، الذهاب عند عمه أمير أستاذ الموسيقى من أجل تعليمه لفنونها، في الفيلم يعد العم بكشف سر الوتر الخامس... يدرك أمير مدى جرأة ابن أخيه فيغير أسلوب التعامل معه.... يلتقي مالك ب"لورا" خلال فترة تعلميه، مما سيحفزه على مواصلة الجهود لتحقيق حلمه. كما خطف الأضواء الفيلم التونسي "النخيل الجريح" لمخرجه عبد اللطيف بنعمار، حيث تدور أحداث الفيلم في شتاء سنة 1991 بمدينة" بنزرت" المدينة المعروفة بنضالها ضد الاستعمار الفرنسي، وحرب الخليج تدق طبولها الأولى، يعد الهاشمي عباس بمخطوط عن بنزرت إلى شامة الراقنة، هذه الفتاة اليتيمة من جهة الأب ومتخرجة من الجامعة التونسية وعاطلة عن العمل. كما لا ننسى فيلم " كل وحياته" للمخرج الجزائري علي غانم، هذا الفيلم المهم الذي يعالج قضية الهجرة في الديار الفرنسية وما تطرحه من إشكالية الانتماء والغربة والهوية، والعودة إلى الديار، لكنالاسرة تنتفض وترفض العودة إلى الجزائر، ثم لا ننسى الفيلم الموزمبيقي" آخر رفة لطائر النحام"، والمصري" ميكروفون" لمخرجه احمد عبد الله. عموما يمكن التأكيد إن كل الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية، قدمت للجمهور طيلة أيام المهرجان، أسلوبا آخر في الفرجة، مما يوضح أن السينما الإفريقية رغم المشاكل التي تعانيها ماديا ومعنويا، الا أنها خطت لنفسها مسارا تصاعديا باتجاه برج الإبداع والتميز، ليكون مهرجان خريبكة السينمائي من أهم المهرجانات على الصعيد الإفريقي، الذي أصبح قائم الذات، من أجل الاحتفاء بالإبداع السينمائي في القارة السمراء. بل أولها أمام مهرجاني واداغودو وقرطاج. هكذا خطا المهرجان 14 خطوة، باتجاه منتصف الثلاثينات من عمر هذا المهرجان، حيث الإجماع على نجاح الدورة بكل المقاييس، نجاح ساهم فيه الجميع، وهنا لا ننكر جهود العديد من الوجوه التي تشتغل في الخفاء، والتي تسهر على السير الطبيعي للمهرجان بالتنسيق مع اللجان المختصة، ونذكر هنا جهود عبد اللطيف العصادي احد المهندسين الكبار بالمركز السينمائي المغربي في إنجاح النظاهرات السينمائية، ونذكر هنا مهرجان المرأة للسينما بسلا، وهز الدين كريران مدير مهرجان أبي الجعد الدولي للفيلم القصير والوثاقي، وحبيب ناصري رئيس المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي، فضلا عن المندوب العام لمؤسسة المهرجان الحسين اندوفي ونائبه المدير العام للمؤسسة حسين مازي. يشار أن 13 فيلما من 9 دول افريقية، تتنافس للظفر بالجائزة الكبرى للمهرجان التي تحمل اسم المخرج" اوصمان سمبيني"وقيمتها 7 آلاف دولار، حيت شارك المغرب بفيلمين هما هما " مجيد" لمخرجه نسيم عباسي، و" الوتر الخامس" لمخرجته سلمى بركاش. وتضم لجنة التحكيم، عددا من السينمائيين الأفارقة والأجانب، وهم منصور صورا واد من السينغال، مهتم بالحقل السمعي البصري، وله أفلام وثائقية عديدة، وفيلم طويل بعنوان"ثمن الاعتذار"، ثم المخرج المغربي محمد مفتكر، صاحب فيلم "البراق" والحاصل على مجموعة من الجوائز وطنيا ودوليا، ثم السينمائية مريان خوري ابنة شقيقة المخرج الراحل يوسف شاهين، والتي تشتغل على تراث يوسف شاهين السينمائي. ومن المغرب كذلك تضم اللجنة أيضا، الفنانة الممثلة نجاة الوافي صاحبة الأدوار المتنوعة سواء في السينما (طويلة وقصيرة) أو التلفزيون أو مسرحية , ومن الكونغو الديمقراطية بالوفو باكيبا كانيندا صاحب فيلم "طوماس"، ثم الفرنسي بوجارد دانيال. وكان حفل الافتتاح قد انطلق السبت الماضي، بتكريم المخرج المغربي حكيم النوري، وعرفت الدورة بالمناسبة تنظيم عدد الورش والمعارض، إضافة إلى عرض أفلام مهمة ضمن بانوراما السينما المغربية، وتوقيع عدد من الإصدارات السينمائية، من أبرزها كتاب "الإنسان الايقوني" لمحمد شويكة. وعرفت الدورة بالمناسبة تنظيم ندوة مهمة لتقديم مشروع مركز "بنافريكان" للسينما والسمعي البصري بالعاصمة دكار، الذي يعد من المشاريع الضخمة في القارة السمراء، لما له من أهمية قصوى في تطوير القطاع السينمائي في أفريقا بالخصوص. كما شهدت تكريم عدد من السينمائية الأفارقة الراحلين، من أبرزهم المغربي احمد البوعناني، فضلا عن تنظيم معرضين للفنون، الأول هم معرض للصور الضوئية يؤرخ لمسيرة المهرجان والعديد من الشخصيات التي طبعت الدورات السابقة، فيما الثاني هم معرض للطرز من توقيع الفناة زهرة لحرش.