احتضنت قاعة البلدية شيشاوة يوم الثلاثاء 11 يناير 2011، ندوة وطنية حول الدلالات التاريخية لصدور وثيقة 11 يناير للمطالبة بالاستقلال {11يناير1944}. هذه الندوة التي تندرج في إطار برنامج الثقافي السنوي الذي سطرته جمعية مهرجان شيشاوة للثقافة والفنون بشراكة مع الجماعة الحضرية لمدينة شيشاوة. الندوة التي قام بتأطيرها الأستاذ محمد عادل عرفت مشاركة: الدكتور محمد ولد بن عزوز الدكتور حسن لغدش الأستاذ عبدالعزيز آيت بنصالح. وقد عرفت حضورا لافتا لفعاليات المدينة وجمهورها، الى جانب الحضور الفعلي لعامل اقليم شيشاوة والذي أخد الكلمة في مقدمة المتدخلين لمناقشة الدلالات التاريخية لوثيقة 11 يناير. ففي معرض تدخله تعقيبا على مداخلات المشاركين، أكد السيد العامل أن 11 يناير تمثل لحظة تاريخية وعيد وطني للمغاربة. حيث تربط الحاضر بالماضي وتكثف من دلالة التربية على المواطنة. مطلب الوثيقة لازال ممتدا في الزمن حيث يسعى المغرب الى استكمال وحدته الترابية ومواصلة معركة التحرير. توقف السيد العامل عند الدلالات التاريخية العميقة لانبثاق وثيقة المطالبة بالاستقلال ومعانيها التي أمست تشكل ثقافة المغاربة ووحدتهم. ولعل مفهوم الوحدة والهوية هو ما دفع الى استحضار ثقافة المواطنة والتسامح، حيث تنمحي النظرة "الانتماء الضيقة". وفي رده على طلب استحداث خزانة ومركز التوثيق {جاك بيرك}. أكد السيد العامل التزامه بمعية السلطات المحلية على إيجاد حل لإحداث خزانة للكتب والمعارف ومركز للبحث والتوثيق {جاك بيرك} يخص حفريات شيشاوة وتاريخها. وهو الالتزام الذي شاطره رئيس المجلس الحضري لشيشاوة في معرض كلمته، إذ شدد على ضرورة تعميق النقاش الحر حول مواضيع الثقافية بموازاة النقاشات السياسية والاجتماعية للمنطقة، كما أكد السيد عبدالمنعم بن يوب على أن ذكرى 11 يناير تحل في وقت يواصل فيه المغرب بناء مسلسله الديمقراطي ودولة الحق والقانون، الواجب الوطني يحتم علينا إلقاء المزيد من الضوء على النقط المضيئة من تاريخ المغرب. فتخليد ذكرى وثيقة المطالبة بالاستقلال، يؤكد الأستاذ محمد عادل مؤطر الندوة، هو نابع من رغبة ربط الحاضر بالماضي ويشكل استدعاءا بليغا لتاريخ الأمة المجيد. كما تعبر هذه المحطة التاريخية على تمسك المغاربة بوحدتهم الترابية، ولعل تنظيم ندوة حول هذا الحدث الوطني هو إغناء للتاريخ الوطني ومواصلة البحث والتنقيب. الدكتور محمد ولد بن عزوز، الباحث في التاريخ، توقف عند الدلالات التاريخية لوثيقة المطالبة بالاستقلال. فهذه الذكرى العزيزة على المغاربة التي يحييها الوطنيون بهرت الشرق والغرب، وتمثل مرحلة من مراحل التحول الجذري في تاريخ المغرب. ولعل ملامحه هي المحطة الأساسية التي توقف عندها الباحث بن عزوز، ابتداء من مفهوم الدولة المغربية والتي عرفت تحولا عكس مسار الامتداد من الأدارسة الى عهد السلطان محمد الخامس. إذ انتقلت مع الوثيقة الى مفهوم "الملك" أي انتقال من سلطة المطلقة الى إمارة المؤمنين، تحولت دلالة العرش العلوي من السلطان الى الملك، تم تحولت الدولة كجهاز من الدولة {كما حددها ابن خلدون} القبيلة حيث {الزعيم العصبية القبلية الايديولوجيا} بموازاة ترسيخ للفكر المالكي المبني على العقيدة الأشعرية. لقد طالبت الوثيقة بتوحيد المناطق الأربعة وتحريرها، ولو أن السؤال تبادر مع إشكالية الاستقلال ممن؟ لم يقم المستعمر بترسيم الحدود وهو ما يدفع المغرب ضريبته الى اليوم. توقف الباحث بن عزوز في استقراءه للوثيقة عند ظاهرة الملك السياسي بقيادة محمد الخامس وهي المدرسة الوطنية التي أنتجت الحسن الثاني ومن بعده شخصية محمد السادس. الباحث حسن لغدش توقف عند التحول من المطالبة بالإصلاحات الى المطالبة بالاستقلال، إذ تناول وثيقة 11 يناير من جانبين: الأول يقرأ مسار التحول من الإصلاح الى الاستقلال، والثاني كيف تبلورت هذه الوثيقة في سياق وطني وعالمي. توقف الباحث عند فترة الحماية، حيث كانت الإقامة العامة تنهج خطة عزل المدن عن البادية. حيث أن المدن كانت لا تشكل خطرا على المستعمر لكرههم العنف وميولهم للنضال السياسي، عكس البادية التي تميل الى الصدام مع المستعمر. لقد قامت الإدارة الاستعمارية بمحاربة الصحف، وتوالت سلسلة من الاختيارات لتضييق على المغاربة وهو ما مكن في النهاية من نشوء حركة المقاومة. يشير الباحث لغدش الى أن مطالب الوثيقة ليست نهائية بل سبقتها مطالب سابقة، بموازاة إطلاق حركات احتجاجية عارمة تكونت خلايا سرية. التحول من مطالب ذات طبيعة سياسية الى المطالبة بالاستقلال جاء نتيجة للعنف والرفض الذي جوبهت به مطالب الكثلة العمل الوطني التي تقوت ببروز الطبقة العاملة. لقد أسهم الوضع الدولي ببروز الدعوة الى التحرر، من الهيمنة الامبرالية وضرورة مراجعة لسياساتها مع نهوض قوي لحركات التحرر، الى جانب تأسيس اتحاد النقابات الموحدة بالمغرب وصيرورة من التحولات السياسية العميق في المغرب. في النهاية تبلور الأنساق الداخلية والدولية والذي من خلاله انبثقت وثيقة 11 يناير عن مطلب تشكل الدولة الوطنية، والدمقرطة الشعاران الذين ظلا رهانا المغرب الحديث. المداخلة الأخيرة كانت للروائي والباحث المتخصص في تاريخ منطقة شيشاوة عزيز آيت صالح، والذي ركز على دلالة المقاومة في تاريخ منطقة شيشاوة، المنطقة التي ذكرها التاريخ قبل مراكش ك"شيشاوة المقاومة أرضا وأناسا". فهذه المنطقة التي ظهرت سنة 1068 ميلادية، عرفت بمواجهتها "الدخيل" أي كانت جنسيته من الرومان الى الفتح الإسلامي الى عهد المرابطين فالموحدين والسعديين الذين أقاموا معاصر السكر بالمنطقة. لقد توقف الباحث عند تاريخ شيشاوة المقاومة وكم تحتاج الى أن يتم الالتفات الى أسماء مقاوميها وتاريخ المقاومة بالمنطقة. لقد شكلت الندوة في مقاربتها للدلالات التاريخية لوثيقة 11 يناير محطة ضمن برنامج ثقافي متواصل سيستمر مستقبلا مع محطات ثقافية تشمل ندوات ولقاءات وقراءات، تحتفي بالمنطقة وبامتدادها وإشعاعها. لتظل شيشاوة ملتقى الطرق والثقافات أيضا.