الحبُّ والرغبة طِفلٌ يحمل غصنَ طلحٍ ويركض بين الأزهار خلف الفراشات. فجأة يسقط وتدمي الأشواك وجهه. شرعت الأم تنقي خديه وتصفعه بصفعات توبيخ. قال ذَكََرُ الفراشة لأنثاه ، وهو يمرِّرُ أنامله على شاربه:‹‹ صدِّقيني يا حبيبتي فأنا من فعَلها به!...فماذا ستمنحينني هذا المساء؟››. ردَّتِ الفراشة ضاحكة بدلال، وهي تتحول من زهرة إلى زهره:‹‹ إليكَ رحيق زهرتي ، شريطةَ أن تفعلها بهِ مرةً أخرى››. وفي المساء كان أحد الصبيان يحك تلك الفراشة إلى جِلد عانته لاعتقاده أن ذلك يُعجِّل من ظهور الشعر. وكان حبيبها يرفرف قرب عيني الصبي حتى أنه كان يرتطم بوجهه. وظلت هي تصرخ حتى آخر رمقٍ من حياتها:‹‹ إليك زهرة عمري يا حبيبي ...››. ‹‹ فَقر!›› حاكمٌ دكتاتوري مستبد ، يَبعثُ أعوانه لإحصاء الفقراء بمملكته... وكالنِّيران في الهشيم تسري همَسات بين الرَّعية: »إنه يريد إعدامهم ..أُششْش « !. يعود الأعوان ويطأطئون رؤوسهم بين يديه : »لا فقراء بمملكتكم يا سيدي«. وفوق منصة فخمة يخطب في جماهير غفيرة: »حققنا المعجزة فلأول مرة في تاريخ البشرية يتم القضاء على الفقر«. تَهْتز هتافات وتصفيقات حارة ، غير أن معظم الجماهير كانوا يحركون رؤوسهم فقط، فأيديهم كانت قد قطَعتها أحكامهُ الجائرة وحدوده المتشددة.