في هذه المجموعة الشعرية الجميلة، الصادرة عن "دار التنوير للنشر والتوزيع " بالجزائر، يعيد الشاعر فاتح علاق للقصيدة بهاءها، وهو الناقد الذي عرفناه في أكثر دراسة أكاديمية متخصصة في دراسة الشعر نفسه. والشعر عند علاق ليست من نوع "شعر العلماء " (والأكاديميين ) كما نعهده عند الكثير من النقاد الذين يزاوجون بين التنظير والإبداع، إنما القصيدة عنده مكابدة حقيقية وهو الذي يختصر فلسفتها في العبارة التي وضعها عنوانا لهذا الكتاب (الجرح والكلمات )، وما الكتابة الشعرية والأدبية عموما إلا جرحا غائرا في الذات المبدعة تتم ترجمته إلى "كلمات ليست كالكلمات " بتعبير سفه الشاعر الكبير نزار قباني. وتمزج الشاعر في هذه المجموعة الجميلة، وبكثير من الاقتدار، الهم الشخصي بالسياسي والحضاري العام، دون أن يسقط في التقريرية والمباشرة، وهي من أصعب المهام الفنية لأي شاعر مقتدر، بل يستخدم الكثير من الحقول المعرفة من موقعه كناقد متخصص في نظريات التلقي في الارتقاء بالعملية الشعرية وهو يذكّره في مقدمة مجموعته بالمقولة الشهيرة أن "كل الأجناس الأدبية تسعى لأن تكون شعرا"، والمجموعة هذه هي شعر جميل ودعوة للقارئ لتذوقه.