مات من مات .... وعاش من عاش .... سافر من سافر .... وهاجر من كان يحاور .... الزمن الشديد لا يرحم .... فالكل هنا يناور .... تبدلت الدنيا اليوم البطل فيها يقامر .... لا تقل عليه المغامر .... بل شكلته هكذا دنيا المواجع بثوب ساحر .... لا يعلم هو الحق أم هو الجائر .... أم تبدل الحال بين ماضي وحاضر .... غادر من غادر .... من دنيا المواجع والنوادر .... واهتزت الصورة وتكسرت وتبدد الأمل كموج هادر .... وتبعثرت الأوراق والدفاتر لتتحول لوحش كاسر .... ينبش في سطورها يبحث في الورق الخاسر .... يدقق في صفحاتها ينقب في كل الدفاتر .... يسأل .... من الزائر .... هل هو قليل الزاد مسافر .... أم هو مخمور مقامر .... يداعب اللحن السامر .... يرقص في مواخير صوفيا للصبح هو المخاطر .... يتنطط بين الكراسي كأي شاب مساخر .... يتلذذ بالكأس الفارغ تائها وسط الجميع لا يعلم من هو الحائر .... بل يطيل الثمالة حتى يفيق عن حظه العاثر .... لا مناص من القدر فأنت في الدنيا تحاور .... تارة قادر .... وتارة خاسر .... وفي معظم الحالات لا تزال كقطار عابر .... أقيل من أقيل .... وسرح من سرح .... مرض من مرض .... وشفي من شفي .... وقالوا ذاك شكي .... كان قد مر هنا للصلاة ثم طوي .... تسأل .... دنيا المواجع والألم .... وفيها تتدنى الهمم .... تفشل فيها نزوات الخصم .... طال الدهر أم سئم .... يظل هو المنازع الشهم .... لا للسؤال قبل الندم .... بل لا للبكاء وسط الحمم .... من كل صوب تقذف الحمم .... تتناثر فوق الرؤوس الصديق قبل الخصم .... حرب ضروس للشلة وتوابعهم لم تدم .... لا يعرفون هف الجفون لأن عيونهم لم تنم .... المرضى والصرعى يغشيهم نقص المناعة ليلة حلم .... لا يدرون من بال عليهم وشاية غصة نغم .... هل تتبدل دنيا المواجع والألم .... هل يتذكر أحدهم الألم .... ممن جاء بهذا الألم .... من سبب في هذا الألم .... آه منك أيها الألم .... تنزع ضمائر البشر قبل القدم .... تنزع البسمة من العيون قبل العزم .... تنزع القبلة من الشفاه قبل النغم .... تنزع الحب من القلوب قبل العدم .... ويسأل سائل لما الندم .... عن أي شيء هو يلم .... عن دنيا لم تدم .... عن جفن لم ينم .... عن حلم لم يتم .... عن خاطر تلبس كالصنم .... لم يعرف أنه ماضي للعدم .... سئم ما سئم .... ودعا كل من دعم .... تكلم فيهم أم فك عنه أللجم .... هي الدنيا تسرق الحشم .... لا تبالي من دفع ذاك الرقم .... ولا تمانع في لقاء الخصم .... مناظرة بين الطيب والأصم .... بل تاه وسط الخضم .... ينافس الكل في هذا الزخم .... يجادل بأروع كلام لغة الشهم .... يقارع المكائد فناء الأمم .... يحاور القاصي والداني بالقلم .... يناظر الهمم .... يباغت القمم .... هي دنيا المواجع والندم .... ليست كدورة قمر ولمعان نجم .... ليست كشهاب حط من أعلى القمم .... ليست لعب ولهو كما صورت وسط الخضم .... ليست برسالة تحرر حروفها قد تستلم .... ليست بخوف من الآتي لكل من زعم .... ليست بنقص في الموارد بل عطف لمن حلم .... نزوات الخصم .... مسارات اللغم .... مهازل القسم .... هل يكفر بالقسم .... هل يسخر بالقلم .... هل يسكن الألم .... هل تراني كثير الندم .... أم سرى علي الخصم .... لا يريد مني سوى أللجم .... أن أبقى أصم .... بكم من تبكم .... وزال القيد وزاد العلم .... وسارت الحياة لم تنم .... مضاجع الليل نسمة الحلم .... زهوة الخاطر ذكرى القدم .... خوض ردهات تجيد الكلم .... كر وفر لا تردد قبل الحسم .... ذوبان جليد أم حبر قلم .... كسر قيد قد يكون تحطم .... أم شرخ في الفكر تهدم .... أم صراع الأمس واليوم تكلم .... أم أن الغد يصيح يهمهم .... هي دنيا المواجع والألم .... تزداد تارة وتخفت كالندم .... وتنهار معها كل الهمم .... من كان الرابح اليوم قد خسر الذمم .... جار عليه الخليل ونغص حلم من ظلم .... إنها دنيا الألم .... في ليلة لم تدم .... بل بات فيها السبات لم يعم .... حلم ككل حلم لم يدم .... بل هو تردي الزمن جفاء لمن سلم .... هي الدنيا تصنع أم لا تصنع .... هي الدنيا تمرح فيها ثم قد تركع .... هي الدنيا تلهث فيها وراء السراب ثم تخضع .... تغطي رأسك بالرمال أسير أقرع .... وتقول هيهات من دلني على الجواد الأقرع .... لأطوف بحثا عن غريم فاته الخطب الموجع .... ثم أعود لاهثا أبحث عن الخبر المفجع .... خبر الرحيل المزمع .... عدا الرحيل الممتع .... هناك سنحلق مرة أخرى للجديد لأسمع .... وسنعيد ذكرى نديم صال وجال وتجرع .... أصبح ثم أمسى في تنوع .... أدبر ثم رحل في تمنع .... سار وتاه والعين تدمع .... جلس وكتب ثم أبدع .... قال والقول اليوم صار أسرع .... أناشد من بعد .... أحاور من بعد .... أكلم من بعد .... أبتعد عن من بعد .... أتقرب مع من بعد .... سؤال لمن بعد .... هي الدنيا دنيا التمني .... دنيا التجني .... دنيا التعري .... دنيا التفشي .... دنيا التدني .... دنيا التخلي .... دنيا التردي .... دنيا المواجع بلا تروي .... دنيا المواجع والتحدي .... مازالت تعيش التمني .... والحكايات تدون تارة ولا تشكي .... بل هي طرقات كمسيرة تبكي .... كظل يحكي .... والليل فيه مازال يسري ....