يواصل الشاعر ادريس أمغار مسناوي مغامرته الشعرية الزجلية بإصدار جديد يحمل عنوان " ا ل جسد " ويتسم هذا العمل الصادر عن مطبعة المعارف الجديدة بالرباط (2009) بسموقه الفني وطلاوته وعذوبة ألفاظه وتميز معجمه الشعري ، وسلاسة أسلوبه وبلاغة صوره الشعرية التي تعبر بالقارئ نحو مدارج الرؤيا الصوفية ، عبر السمو بالجسد من بعده الفيزيقي إلى بعد ميتافيزيقي تخييلي يتشكل بمعاني مبتكرة تحتاج لجهد تفسيري وتأويلي. ويقع هذا الديوان في 104 صفحة من الحجم المتوسط، مع لوحة تشكيلية باذخة من إنجاز الفنان فؤاد شردودي. ويراهن هذا العمل الزجلي على كشف تضاريس الجسد بلغة شفافة تستند لطاقة تعبيرية متوهجة معهودة في كتابات الشاعر ادريس أمغار مسناوي. والجسد الذي يشكل المكون المهيمن في هذا العمل الشعري لاينبع من ا لتصور الإيروتيكي ، بل من تجربة روحية ذات منحى إشراقي، فللجسد على حد تعبير الشاعر" أسماءه الحسنى مايعرفهم غير الشاعر الفنان واللي طال على سر جسده مزيان". وهذا الإهتمام انعكس على فهرس المجموعة الشعرية التي تضم :حرف الألف، حرف الام، حرف الجيم، حرف السين، حرف الدال.وقد زاوج الشاعرادريس أمغار مسناوي بين البوح الشعري الزجلي والرؤية المنهجية المتجلية في كتابة "ا ل جسد" وفق مخطوطات ،كل مخطوط يحمل عنواناً خاصاً مثلما ورد في مخطوط رقم 3:" مايكونش الإنسان حوتَهْ وتاهت فالبرْ؟" . ومثل العمل الشعري السابق " مقام الطير" يتسم "ا ل جسد" بحضور الإحالات والهوامش، واستتمار الإرث الثقافي للحضارات القديمة مثل الحضارة السومارية والفرعونية مما يعكس الجهد الفكري الذي بذله - حكيم الزجل المغربي- من أجل عمل زجلي يحقق مزية التأمل ، ومزية الإمتاع على نحو جمالي، خاصة وأن ادريس أمغار مسناوي يكتب برؤية بصرية ليس في المستوى التركيبي، والمستوى الدلالي فحسب ، بل في طرائق توزيع الأسطر الشعرية والشواهد والإحالات ، تأكيداً منه على انتماء نصوصه إلى التربة المغربية الخصبة عبر مختلف أعماله:الواو،قوس النص ،كناش الريح...،مع البال، تراب لمعاني، قلت لراسي ماقلت لحد، شحال فالساعة، ضد الضد، جا ف. وهي جزء من زخم شعري زجلي عرفه المغرب في الآونة الأخيرة ، لإعادة الإعتبار لهذا المكون الأساس في الثقافة المغربية الشفاهية والمكتوبة. "مي بدنك هذا جايب الدورَه من أول جْدَر فالأسطورَه لآخر ثورَه فالسْطورَه احياه الزمان وطورُه حتى شفتِه خارج من قبرُه يقرا مْجاري اللذه بالكلمَة بالوترَه بالصورَه".