انطلقت عشية يوم الجمعة 26 يناير الجاري، بمدينة مكناس، فعاليات النسخة الخامسة من المهرجان الدولي للسنة الأمازيغية الذي يسهر على تنظيمه مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم. في كلمته الافتتاحية قال عبد السلام بوطيب رئيس مركز الذاكرة، إن السنة الأمازيغية ليست مجرد لحظة زمنية يتم الاحتفاء بها، بل إنها جزء من ميراث وطني حي، يعيش فينا يوميا، ونتقاسم رمزيته البليغة في ظل تناغم وطني يفخر بإرثه المشترك، ويعمل جاهدا من أجل تقوية شروط نجاح عيشه المشترك، مُشيراً إلى أن المركز اختار منذ التأسيس الاشتغال على الحوار في كل الأسئلة الشائكة المطروحة على البشرية اليوم، بالرغم من قساوة بعض الردود التي وصلت إلى حد التجريح والتشكيك. وجرى خلال الحفل الافتتاحي تكريم الأستاذ الجامعي، والباحث في علم الاجتماع السياسي، عبد الله ساعف تقديرا لمنجزاته وإسهاماته التي أعلت من شأن البحث العلمي، ورؤيته المنفتحة، وإيمانه بالحوار في صورته الحضارية. وقال الدكتور جمال بندحمان في كلمة له بالمناسبة في حق المحتفى به إن عبد الله ساعف، المناضل اليساري لم يمنعه اقتناعه الحزبي من الانفتاح على الجميع وربط علاقات مع الجميع، واصفا إياه برجل الحوار الذي لا يقلل من قيمة اقتناع الآخرين وهو يدافع عن وجهة نظره. كما تطرق إلى مساهمة ساعف على الصعيد السياسي في تقعيد دستور 2011، إلى جانب مساهمته في إعداد التقرير الإستراتيجي للمغرب، وختم كلمته بالقول إن ساعف ألح على الاستمرار في التدريس بكلية الحقوق بالرباط رغم تقلده المنصب الوزاري خلافا للكثير من التوقعات التي كانت تشير إلى تخلفه عن مقعده في التدريس بالكلية. بدوره أشار محمد النشناش الطبيب والحقوقي أن ساعف أنه يعد حجة في مواجهة ما يشاع عن عدم التزام النخبة المثقفة. من جانبه أشار مدير أرشيف المغرب جامع بيضا فركز على كون ساعف آمن بأهمية الثقافي في إنارة الدرب النضالي، كما عمل على توسيع معارفه ونهل من الكتابات القانونية والسياسية والتاريخية مما جعله من أبرز المثقفين الموسوعيين، مشيرا إلى أن أسلوبه يتفادى الخطاب السياسي المبتذل الحماسي الذي يمكن أن يمتطيه كل من هب ودب من محترفي السياسة. واختتم حفل تكريم المفكر عبد الله ساعف بتسليمه درع التكريم الخاص باسم مدينة مكناس ومركز الذاكرة المشتركة من طرف أسماء خوجة نائبة رئيس بلدية مكناس. وبعد ذلك انطلقت أشغال الندوة الدولية حول "حوار الثقافات وسؤال الهوية"، بمشاركة مفكرين من المغرب وتونس ومصر واليمن والعراق والجزائر وإيران، وفلسطين ولبنان وغيرها من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وناقشت الندوة عدة إشكالات مرتبطة بموضوع الندوة كحوار الثقافات والهوية والقيم الإنسانية المشتركة وتعدد الثقافات والهويات وحقوق الإنسان، على أن تستأنف الندوة في شقها الثاني غداً السبت، على أن يتم صياغة المبادئ العامة لإعلان خاص بدول شمال إفريقيا والشرق الأوسط سيتم اعتماده في اختتام الندوة. وفي إطار فعاليات المهرجان من المرتقب أن تحتضن الساحة الإدارية – حمرية مكناس غداً السبت سهرة كبرى بمشاركة الفنان الجزائري الأمازيغي ادير إلى جانب الفنانة المغربية فاطمة تحيحيت، وستختتم بإطلاق الشهب الاصطناعية في سماء المدينة الإسماعيلية.