رواية "زابيطو: بداية النهاية"، ترجمة ذاتية للأصل الفرنسي A Tanger au bec de la pie لمحمّد المغربي. ولعلها تجربة تخفف حدة المقولة الإيطالية " الترجمة خيانة"، فلا أحد سيكون أكثر أمانة من المؤلف وهو يترجم منجزه الشخصي. " زابيطو بداية النهاية " هي رصد لعقود ما بعد الاستقلال من خلال سيرورة تحولات مجتمعية قروية ومدينية عرفتها جهة الشمال، مجسدة في طنجة القلب النابض والأقنوم الرمزي. تحولات أدت إلى ظهور طبقة طفيلية هجينة تقوم أيديولوجيتها على تجميع المال، مهما كانت الطريقة، وتقديسه باعتباره السيد الضامن للوجاهة والنفوذ الاجتماعي. وهذا، بالضبط، ما يمثله "ابن آوى وأبناؤه، ومن يتحكم فيهم من جهة الظل. قد يلمس القارئ تحكم الكاتب محمد المغربي في زمام عملية التسريد وتملكه أدواتها وطرائقها، ما يفرض عليه الانغماس في لذة القراءة بنفس متلاحق لا يكاد يتوقف. ولئن كانت للكتابة عند محمد المغربي بعض الجذور الكلاسيكية فان لها من جهة أخرى انفتاحا على تقنيات التقطيع السنيمائي للحكي. ذلك أن تنضيد الوحدات الحكائية يتم بلمسات من يبني اللقطات في سيناريو محكم الحبك. ومن مظاهر ذلك القدرة على تكسير الكرنولجيا الخطية -وفي الآن نفسه- توفير ما يلزم من مؤشرات الترابط السببي/ المنطقي في تنامي الأحداث، وكذلك في خلق الأنساق والانسجام بين المقاطع الحكائية، سواء على مستوى البنية العميقة للمحكي، أم على مستوى البنية السطحية، والتي من تجلياتها التقطيع الكرافي وعنونة المقاطع التي تنشئ إيقاعات موازيا لإيقاع سيرورة الأحداث، يخلق علاقات أفقية تعيد إنتاج الدلالة الكلية للمحكي، وتعمل على الانعكاس المرآوي لمفاصله.