تبدو الشوارع خالية تماما فقد أسدل الليل ستاره الأسود الكثيف وغطى المدينة بثوبه الأسود الموحش ، فقط المشردون يفترشون قطع الكرطون على الرصيف ملتحفين السماء وبعض السكارى يستعدون لحجز مقعد في خمارة عفنة تشترى الجيوب إلى حين ، كنت حزينا مهموما لا أهتم لشيء تصادفني سيارة تكاد تدوس عظامي النحيلة ولا أهتم ، كتل جسدية تترنح وتطرق الأرض بكعبها العالي تتمشى في سكون الليل تبحث عن مكبوت أو لمالا سفاح يحسن اصطياد خفافيش الظلام ، قدمي تصيح لقد كلَت من المشي ، أتوقف برهة إلى عمود الكهرباء أسندت الظهر غائبا كأني جسد بلا حياة، شيء تراقص بريقه أمام عيناي وأيقظني مرغما من كابوس تحقق هذه المرة، كنت مضطرا لكي أهتم، تظاهرت بالبلادة كمن في حلم طفولي جميل قلت " أمي كفى رجاءا لا أريد الاستيقاظ " صوت غريب هازئ يقول: - يا حبيبي ...أمه الحنون توقظه من نومه ثم أضاف ممعنا في سخريته - أمك تقول لك سلًم كل ما تملك لأعمامك أيقنت أني في موقف لا أحسد عليه الأغبياء ألم يجدواْ غيري ؟؟ قلت لزعيمهم - وهل هذا شكل إنسان له ما يملك ؟ قال الزعيم بغضب - وما ذنبنا نحن، أنت صيدنا الوحيد ثم صاح بقوله - إطرحوه أرضا وفتشوه قلت محتجا - لما تفعلون هذا ؟ قال أحدهم - نفعل ذلك باسم قانون الجحيم الأرضي قلت متعجبا ومستفسرا في أن واحد - قانون الجحيم الأرضي ...ماذا تقصد به ؟ نظر الزعيم إلى كتاب كانت يداي تمسكان به وتفحصه مليا ثم قال: - رجل قانون مستقبلي ثم فكر قليلا وقال لأصحابه همسا : - قد يكون قاضيا في المستقبل قبل أن يضيف ببلادة - ونحن ؟ وردَ الجميع بصوت واحد: - ونحن ؟ أجاب الزعيم: - نحن لصوص ودور القاضي هو أن يحكم على اللصوص قلت خائفا - ماذا أنتم فاعلون بي أيها المجانين ؟ صاح أحدهم وكأنه اكتشف سر صناعة القنبلة النووية - ما رأيكم معشر اللصوص وقطاع الطرق لو لعبنا دور القاضي ؟ قال الزعيم فرحا: فكرة رائعة، المجرم هو القاضي والقاضي هو المتهم قال أحدهم: - بما تحكمون ؟ قال الزعيم رافعا يداه: - نتشاور نحن قوم عادلون . وانزوى الجميع إلى ركن قريب تاركين إياي أستعد للخطة الحاسمة التى ارتسمت بذهني وأخيرا أطلقت ساقي للريح نافذا بجلدي لا أنظر خلفي إلا وأنا على عتبة الدار ألهث من شدة الجري .