في الواحد والعشرين من مارس، سيحتفل الكثيرون بالعيد الذي أنت عيده، سيهنئونك ويقبل الأبرار منهم يديك الكريمتين وحين يطرقون يبصرون الجنة تحت قدميك ،وسائل الإعلام ستخصص ربورتاجات وبرامج تمدح خصالك وتعدد مناقبك، ثم تطلب من مشاهديها أن لا ينسوا معايدتك وسيدعو طاقمها لك بطول العمر .الشعراء أيضا سيربطون بين الاحتفاء بعيد الشعر وعيد الشجرة وعيدك، ويقولون_صادقين _ إنك قصيدتهم التي لا تسعف القرائح في نظمها، فأنت أكبر من الكلمات. سنعايدك أماه، لكننا سنحزن حين نتذكر أن الكثيرين قد فقدوا أمهاتهم ،وأنهم حين يلتفتون ولا يجدونهن يفتك الترح والغبن بهم، فيستسلموا إلى بكاء طويل ويدعون لهن بالرحمة. ستتشظى الصورة بين من يقدم التهاني والهدايا مشفوعة بقبلة على الوجه أو الجبين بعد يوم مدرسة أو عمل،وبين الذين يغبطون هذا المشهد ويعتبرونه ترفا بعيدا وحلما يمثله أبطال يأتون كشموع من تحت الماء ... ويستيقظون حين يسمعون أصوات معداتهم الفارغة ويتذكرون المسافة الطويلة التي سيقطعونها إلى "المدرسة". سنعايدك أماه ،لكننا سنخجل من دموع الثكالى بغزة والعراق وهن يدفنن فلذات أكبادهن والدمع في مآقيهن يتحجر،يصررن على البقاء برغم مخططات الإبادة الممنهجة، نحزن حين نسمع جنودا إسرائيليين يعترفون أن زملاءهم يقنصون العجائز فقط لأنهن خرجن تتجولن _ كأي إنسان _قرب المنازل التي يستعد المعمر لنسفها،ورغم ذلك نفرح حين نرى الابتسامة على محياكن الصافي، لأننا نعرف أنكن تبتسمن ليموت الأعداء قهرا... ونموت(نحن) كمدا لا ندري ما نصنع؟. سنعايدك أماه، لكننا سنتذكر ملامح نساء "آيت عبدي" ... وسنبكي علنا أو سرا وإن حاولنا أن نشيح النظر عن فظاعة الصورة وغلظة المسؤولين عنها، سنبكي لأننا سنرى مناطق مغبونة جدا تلد النساء فيها في ظروف مأساوية ،وحين تفقدن مواليدهن تدفنهن في أدراج " الدواليب" لأن الوصول إلى التربة التي يكرم الميت بولوجها الأسرع محال،فيصبح الهوان هوانيْن :هوان الحياة بجبال تحاصرها الثلوج وهوان الموت دون دفن. سنعجب من قدرة بعضهن السيزيفية الخارقة على الاحتمال وعلى التضامن مع محيطهن، فهن يدركن _ دون غيرهن _ أن فطرة الإنسان الخيرة تخلد حين تفنى كل المظاهر الزائفة الأخرى ،هنيئا لكن. سنتذكر كل ذلك... وسنحزن جدا ... وسنبكي، لكننا سننسى كل شيء بعد أن تنجلي الصورة التي تمس الضمائر الصدئة، سنستلب مرة أخرى و نتيه في سراديب الحياة التي لا نرى فيها غير أنفسنا. فلتعذرينا أماه لأننا نحزن في يوم الفرحة بك،فكل أيام السنة فرحة بك. وكل عيد والأمهات بألف خير.