تصدرت معالجات نقدية لثلاثة نقاد مغاربة كتابا نقديا، ضم أربعين أكاديميا وناقدا عربيا. تناولوا بالدراسة والتحليل والحوار تجربة الروائي العراقي المقيم في لندن فاتح عبدالسلام ، وذلك من خلال كتاب جديد حرره وكتب مقدمته الناقد العراقي الدكتور محمد صابر عبيد، وحمل عنوان: "السارد والمؤلف فاتح عبدالسلام" ، وصدر عن "دار الآن ناشرون وموزعون" في الاردن هذا الشهر. وعالج المشاركون في دراساتهم المنجز السردي والمنظار الرؤيوي في الرواية والقصة القصيرة للكاتب العراقي فاتح عبد السلام في خلال أربعة عقود بوصفه علامة مميزة في تاريخ السرد العراقي الحديث. وتوافر الكتاب الذي صدر مؤخراً في 380 صفحة من القطع الكبير عن دار" الآن ناشرون وموزعون" في العاصمة الأردنية عمّان على حوارات أجريت مع الروائي عبد السلام في فترات متفاوتة من تجربته الإبداعية وأضاءت جانبا من تشابك العلاقات السردية وتكوين المبدع. وجرى توزيع الكتاب للمرة الأولى الأسبوع الاخير في معرض القاهرة الدولي للكتاب. وشارك في الكتاب عبدالرحمن مجيد الربيعي وزهرة زيراوي وحسام الدين محمد وكرم نعمة وعبدالستار ناصر وعماد عبد يحيى وعمر الطالب وفرج الحطاب ومحمد شاكر السبع وماري القصيفي وعيسى حسن الياسري وهيا صالح وسيّار الجميل وفيصل عبدالحسن وعذاب الركابي ونورالدين محقق ويوخنا ميرزا وحكمت الحاج وفائق مصطفى وعدنان حسين أحمد وباسم عبدالحميد حمودي وغالية خوجة وعدنان الظاهر وعمار احمد وآخرون. وعرض محرر الكتاب محمد صابر عبيد صفحات من حياة البدايات عن الروائي وعلاقته الأولى بالقصة القصيرة، وأيام الزمالة في دراسة الادب العربي في الجامعة للتحضير لشهادة الماجستير في مطلع الثمانينات من القرن الماضي. وعرج عبيد على العلاقة بين مفهومي السارد الذي يروي الاحداث ويحكم البناء الداخلي بحركته وحواره، والمؤلف الذي هو العامل الخارجي الذي تمثله ثقافة فاتح عبدالسلام ورؤيته المنفتحة المتجددة لاسيما في العقدين الأخيرين إذ انتجت غربته تلاقحاً ثقافياً ثرّاً أثّرَ جلياً في سعة تكوينه الإبداعي، ودفعه الى امام بقوة متجاوزا مرحلة العقدين اللذين سبقاهما بكثير. عنيت ابحاث الفصل الأول برواية "عندما يسخن ظهر الحوت" التي ظهرت أول مرة العام 1993 ببغداد ثم بطبعة ثانية ببيروت 1998، وترجمت للانكليزية والاسبانية في العام 2003و 2004. ورأى فيها أستاذ النقد الادبي الراحل دكتور عمر الطالب مرحلة متقدمة من المزاوجة بين ادب الخيال العلمي والواقع المرير للإنسان، بما لم تعتد عليه الرواية العراقية حتى ذلك التاريخ. وتناول الباحثون الاخرون الجوانب البنائية للسرد والحوار. فيما انصب اهتمام الدارسون في الفصل الثاني على رواية" اكتشاف زقوة" التي استلهمت تاريخ العراق القديم في توظيف يستنطق زمن كان فيه العراقيون تحت حصار خانق بعد خروجهم من حربين شرستين. وكان للقصة القصيرة نصيب في دراسات الفصلين الثالث الذي عني بالتجريب في مجموعة " حليب الثيران"2000 في العام والطاقة الترميزية المشتقة من الواقع الخشن، فيما كانت الأبحاث الأخرى تعاين مجموعة " عين لندن" 2011 التي تجلّى اهتمام القاص فيها بحياة المغتربين والمهاجرين، رافضي التهميش والذين تسكنهم أحلام ثقيلة لها ارتباط وثيق بالأرض التي انجبتهم. أمّا الجانب المتبقي من الكتاب فضمَّ حوارات أدبية أجراها مع الروائي فاتح عبدالسلام كلّ من كرم نعمة ومنير مطاوع وحكمت الحاج ونورالدين صدوق والمحرر الادبي لمجلة الوطن العربي بباريس.