انطلقت خلال الأيام الأخيرة لسنة 2007 بالمغرب الإقصائيات الإقليمية للمهرجان الوطني لمسرح الشباب في دورته الخامسة، والتي من المنتظر أن تدور أطواره بالرباط بقاعة "علال الفاسي" (قاعة "سُمية" كما يحلو للبعض مناداتها) بالعاصمة الرّباط بداية أبريل 2008. وتعدّ الدورة الخامسة دورة مفاجئة للذين كانوا يرون بأن فكرة مسرح الشباب هي للوزير محمد الكحص المنتهية ولايته وأن استمرارها كتجربة مسرحية ترعاها وزارة الشباب والرياضة هو أمر مستبعد. إنّ ازدواجية الخطاب لدى المنظمين لهذه التظاهرة المسرحية السنوية هو سبب الخلط وإكسابها العداء منذ أولى الدورات إلى النسخة الحالية، فالخطاب العمودي لوزارة الشباب والرياضة (وكذا كتابة الدولة المكلفة بالشباب حينذاك) بنصّ على أن تجربة مسرح الشباب هي تجربة مغايرة وليست بديلا عن أي تجربة مسرحية بما فيها تجربة مسرح الهواة، في حين نجد أنّ الخطاب الأفقي بمندوبيات وزارة الشباب والرياضة في ربوع المملكة المغربية تتعامل ودور الشباب والأندية المسرحية على أساس أنّ مسرح الشباب هو إحياء لتجربة مسرح الهواة وحافز لبعثه من رماده بحكم أنّ دور الشباب كانت هي منبت التجربة بالماضي وحضنها الدافئ قبل أن تنمو وتترعرع وتفرخ المسرح الاحترافي وتصل إلى الحضيض على يد من أبدع في اغتيالها. خطابان جعلا اللبس يلف التجربة، يذكيه تزايد عدد الأندية المسرحية الشبابية التي تجاوز عددها 416 ناديا في أبريل 2007 والذي سيكون بالتأكيد قد ناهز 500 نادٍ ونيف نهاية السنة نفسها. انطلقت الاقصائيات المحلية والإقليمية إذن، انطلقت معلنة عن تجربة خامسة لمهرجان مسرحي سنوي يبتدئ على مستوى العمالات والأقاليم، بأبسط الإمكانات إن لم نقل باللاشيء، بأضعف العروض ومتوسطها وأجودها، بفصيحها ودارجها وأمازيغها، قبل أن ينتقل المتأهلون إلى المرحلة الجهوية والتي يتأهل إليها نادٍ واحد من بين أقل من ست نواد متنافسة إقليميا وناديان في حالة ما إذا عادل عدد المتنافسين الإقليميين ست فرق أو فاقها، ليلج التنافس بذلك مرحلته الجهوية التي تتسم بفضاءات ركحية أرحب، ومؤثرات ضوئية وصوتية أوفر، ولجان تحكيم مرؤوسة بموفدين مركزيين لمنع تجاوزات وتواطؤات وسوء تحكيم، إلا أن ذلك لم يمنع من اقتراف جريمة بمكناس خلال الدورة الماضية تجاه نادي المشعل لمسرح الشباب بأرفود ومسرحيته "حزام لالة ومالي" باعتراف رئيس لجنة الجهة المسرحية لمكناس "السيد الشرقاوي"، كما أنّ عرض مسرحيتين معنونتين ب "آح وبردات" و "باب الفرج" بنهائيات الدورة الرابعة يبعث على الريبة فيمن حكّم بكل من فاس ووجدة. إنّ تزايد تراكمات هذه التجربة، بإيجابياتها وسلبياتها، وتوسّع رقعتها بارتفاع عدد الأندية، يرافقه نقص حاد بالموارد المالية والحوافز المادية على المستوى المصالح الخارجية لوزارة الشباب، حيث تندثر النوادي جراء انعدام الإمكانيات فلا يبقى إلا اسمها ضمن السجلات، ويتلكأ الفاعلون المسرحيون من الانخراط في التأطير و لجان التحكيم بغياب الحوافز وبعد المسافة وظروف الإقامة ، هذا كله قبل أن تبدأ بهرجة الرباط وبوزنيقة خلال النهائيات أمام ضيوفها من مصر وتونس ليرى الوافدون من الجهات المسرحية العشر وكذا ممثلي الأندية المسرحية الأخرى أعلى خشبة زنقة "سمية" بأكدال مئات الملايين تجهيزا، ومثلها إسرافا في غياب للتوزيع العادل لموارد كفيلة بالرفع من مستوى الحركة المسرحية بالبلاد لنوادي مسرح الشباب وكذا المحترفين المتخفين في عباءة مسرح الشباب. .................................................................... طارق العاطفي: مسرحي و مدير موقع الركح دوت كوم