وقع اختيار ادارة ملتقى سيدي قاسم للسينما والابداع الفني الأمازيغي ، في دورته الثانية من 27 الى 29 دجنبر 2013 ، على الممثلة والرايسة فاطمة تحيحيت لتكريمها على مجمل أعمالها الفنية في مجالي الغناء الأمازيغي السوسي والتشخيص السينمائي والتلفزيوني . ومعلوم أن الحاجة فاطمة ، واسمها الحقيقي فاطمة بانو أمزين ، قد ساهمت بقسط وافر من أعمالها الفنية في التعريف بجانب مهم من التراث الغنائي السوسي محققة بذلك اشعاعا للثقافة الأمازيغية داخل المغرب وخارجه من خلال سهراتها الغنائية الموسيقية الراقصة وجولاتها الفنية وأعمالها السمعية والبصرية المختلفة على امتداد ربع قرن من الزمان . والمتأمل في حياة ومسيرة هذه الفنانة الشعبية الموهوبة ، المزدادة بنواحي الصويرة (دائرة تمنار ) ، يقف على حقيقة مفادها أن ما وصلته من شهرة ومكانة فنية رفيعة لم يأت بدون معاناة وتضحيات ، فرغم الوسط المحافظ جدا الذي ترعرعت فيه (منطقة حاحا ) ، ورغم اكراهها على الزواج المبكر مرتين ، بحكم تقاليد بالية ، وهي لا تزال طفلة ، ورغم ظروف العيش القاسية التي كابدتها ابان زواجها الأول والثاني وبعد طلاقها من ابن عمها وما عانته من حرمان مادي وعاطفي ، ظلت تختزن في دواخلها عشقا لامحدودا للغناء والرقص والتمثيل تربى معها منذ مراحل الطفولة المبكرة وتغذى باستمرار من خلال استماعها لأغاني وموسيقى كبار شيوخ وروايس الغناء السوسي سواء عبر أمواج الاذاعة أو بواسطة الأسطوانات والكاسيطات ، ومن خلال تتبعها للأعمال الدرامية التلفزيونية أو مشاهدتها للأفلام بالقاعات السينمائية وغير ذلك . وما أن جاءت الفرصة المواتية حتى انفجر البركان الذي بداخلها على شكل أغاني ورقصات تعكس مضامينها حزنا دفينا ومعاناة نفسية واجتماعية كبيرة ، خصوصا أغانيها الأولى . كانت الانطلاقة الفنية الحقيقية للرايسة فاطمة تحيحيت سنة 1988 على يد الرايس الحاج محمد الدمسيري وبعد أن تصلب عودها واكتسبت خبرة كافية في مجال الغناء والرقص والمشاركة في الحفلات والسهرات وتسجيل الأسطوانات وغير ذلك كونت فرقتها الخاصة سنة 1994 وظلت تتحف عشاقها بجميل غنائها وخفة رقصها وتلقائية أدائها في الأفلام السينمائية ( " أركانة " لحسن غنجة و " أكادير بومباي " لمريم بكير و " بحيرتان من الدموع " لمحمد حاسني و " خمم " و " حب الرمان " لعبد الله فركوس ... ) والأعمال التلفزيونية ( " دواير الزمان " لفريدة بورقية و " دموع الرجال " لحسن غنجة و " البخيل والمسرف " لهشام الجباري و " هنية ومبارك ومسعود " لمحمد عبد الرحمان التازي ... ) وأفلام الفيديو الأمازيغية ... ان معاناة الطفولة وما بعدها هي التي صنعت من فاطمة تحيحيت امرأة قوية وصلبة ومنحتها خبرة في الحياة ومكنتها في الأخير من الارتباط بزوج يحبها وتحبه ويحترمها وتحترمه ، وكانت ثمرة هذا الزواج طفلة جميلة تنسيها آلام الماضي . أما ثمرة زواجها السابق (الثاني) بابن عمها فقد كانت طفلة كذلك ، هي الآن شابة تزوجت وأنجبت، وبذلك أصبحت أم سناء والهام جدة . في رصيد فاطمة تحيحيت الفني حاليا العديد من الألبومات مع أشهر المطربين والمطربات الأمازيغ والعديد من السهرات المصورة والأعمال السمعية البصرية ، وتكريمها وهي في أوج عطائها هو اعتراف بما أسدته من خدمات جليلة لفنون الفرجة والغناء وتشجيع على الاستمرارية في العطاء الفني . فتحية لها ولمن فكر في تكريمها والاحتفاء بتجربتها الفنية الخصبة والمتنوعة .