شهد المركب الثقافي بالناظور يوم الإثنين 2 دجنبر 2013، محاضرة للكاتب الإسباني الكبير لورنثو سيلفا Lorenzo Silva، الذي حضر إلى مدينة الناظور بدعوة من المعهد الإسباني بالناظور "لوبي دي فيكا". وقد كانت هذه المناسبة فرصة لالتقاء تلاميذ المعهد ومثقفي المدينة وجمهور الناظور عموما بهذه الشخصية الأدبية المتألقة في الأدب الإسباني. وقد استغل الكاتب هذه الفرصة من داخل مدينة الناظور ليقدم كتابه الجديد "سبع مدن في إفريقيا Siete ciudades en Άfrica"، وهو كتاب يرصد العلاقات المغربية الإسبانية، ويركز على مدن محددة تركت فيها إسبانيا بصماتها خلال تواجدها بالمغرب، وهي مدن: طنجة، تطوان، العرائش، الحسيمة، الناظور، سبتة، مليلية. وقد برر الكاتب هذا الاهتمام بالمغرب، بكون جده قد سبق له أن مات أثناء مشاركته في حرب الريف بشمال المغرب، كما أن أفرادا آخرين من عائلته يستقرون حاليا بالمغرب ويزورهم من حين لآخر. إلى جانب ذلك تطرق كذلك للمعطيات التاريخية والجغرافية التي حتمت عليه الكتابة في هذا الموضوع، فإسبانيا لها جاران أوربيان هما فرنسا والبرتغال، وجار عربي إفريقي هو المغرب، وقد كان لهذا الجوار على مر التاريخ تأثيراته المتبادلة بين البلدين الجارين. أما من الناحية التاريخية، فقد تحدث في هذا الكتاب عن شخصيات تاريخية كان لها تأثير على منطقة الريف مثل الروكي بوحمارة، وعبد الكريم الخطابي، والجنرال الإسباني سيلفستر، وهي من أكثر الشخصيات التي تركت بصماتها الواضحة على شمال المغرب. دون أن ينسى الامتداد التاريخي لهذه المنطقة التي تعاقبت عليها عدة دول وحضارات مثل البيزنطيين والقرطاجيين والوندال والرومان والدولة الخليفية. ليست هذه هي المرة الأولى التي يهتم فيها لورينثو سيلفا بالمغرب، بل سبق له أن أصدر سنة 2001 كتابا آخر عن المغرب سماه "من الريف إلى جبالة:Del Rif al Yebala"، ويدخل هذا الكتاب ضمن كتب الرحلات، إذ تناول فيه رحلته في الأراضي المغربية، إذ انطلق من مدينة مليلية ليزور مختلف المدن الأخرى في الشمال والداخل، وقد أودع هذا الكتاب الأدبي ملاحظاته ومشاهداته مستعينا بكل ما له علاقة بالتاريخ والجغرافيا والسياسة...وبذلك يمثل هذا الكتاب وجهة نظر الآخر/ الإسباني، وتفسيره للواقع المغربي. أما فيما يتعلق بالتوجه الأدبي للرونثو سيلفا، فقد توطدت علاقة بالكتابة والإبداع في سن مبكرة من حياته، إذ كان يستغل أوقات الفراغ والعطل الصيفية ليجرب حظه في ارتياد عوالم الكتابة، ومن هنا بدأ تدشين مساره الأدبي، الذي ستتحدد معالمُه فيما بعد تحت تأثير الخلفية العسكرية والتوجه الأمني لأسرته التي انخرط كثير من أفرادها في أسلاك الأمن. فراح يُنَقِّبُ في عالم الجريمة وكيفية التعامل الأمني معها، يستلهم منها أعماله الإبداعية، ويقوم بتصريف مهاراته التعبيرية فيها، وبذلك سيتبلور عنده جنس تعبيري هو الرواية البوليسية أو الرواية السوداء التي سترسم شكل تضاريسه الإبداعية. ولم يقف عند حدود هذا النمط من الكتابة، بل تعداه إلى الكتابة في مجال القصة الموجهة أساسا للأطفال والشباب، وكذلك أدب الرحلة الذي رام من خلاله التعرف على الآخر/المغربي واستكشافه. دون أن ننسى أبحاثه ودراساته العديدة في مجالي الأدب والتاريخ. بهذا الرصيد التخييلي وما لحقه من اهتمامات أخرى، غدا الكاتب كالنهر المتدفق الذي لا ينضب ولا ينقطع عن الجريان والعطاء، فظفر بأدوار طلائعية في المشهد الثقافي الإسباني، وأصبح له حضور وازن تشرئب إليه الأعناق داخل إسبانيا وخارجها، مما أتاح له أن يُتَوِّجَ مجدَه الإبداعي بجائزة العالم Premio de planeta التي نالها باستحقاق وجدارة سنة 2012، وكذلك جائزة نادال Nadal عام 2000. تجدر الإشارة أن الكاتب أصدر أكثر من أربعين مؤلفا، نذكر منها: [الكيميائي الهلوع El alquimista impaciente (2000)، الضباب والصبية La niebla y la doncella (2002)، بلد الغدران البعيدة El lejano país de los estanques(1998)، اسمنا El El nombre de los nuestros، الرسالة البيضاء La carta blanca....].