المخرج المغربي محمد إسماعيل منهمك حاليا في تركيب مشاهد فيلمه السينمائي الطويل السابع “لامورا” (LA MORA )، الذي صوره مؤخرا بين تطوان وشفشاون والقصر الكبير، أي في فضاءات الشمال العزيزة عليه نظرا لغناها وتنوعها وتناسبها مع الزمن الذي جرت فيه أحداث الفيلم. يعيد سيناريو هذا الفيلم الجديد، الذي اشترك في كتابته محمد امزاوري ومصطفى الشعبي، إلى الأذهان قصة شباب المنطقة الشمالية الذين أرغموا في ثلاثينيات القرن العشرين، باسم الدين، على القتال في صفوف جنود الديكتاتور الفاشي فرانكو مقابل ضمان لقمة عيش لأسرهم أيام السنوات العجاف. ويسعى إلى إعادة الاعتبار لجانب من الذاكرة المغربية في شمال المملكة من خلال نبشه في ماضي فئة شعبية غرر بأفرادها لينضموا إلى جيش فرانكو في حربه الدامية ضد المتمردين الحمر، غير أن مأساة هؤلاء الجنود المغاربة ظلت دفينة الماضي، فمنهم من كتب له أن يعود إلى بلدته إما بجراح عميقة أو بعاهة مستدامة، ومنهم من كتب له أن يدفن بأرض الأندلس تحت اسم مجهول. كما يسعى أيضا إلى رد الاعتبار لبعض الأماكن، التي ظلت شاهدة على عملية ترحيل هؤلاء الجنود المغاربة إلى الضفة الإسبانية، من بينها الثكنة العسكرية “جبل درسة” بتطوان وقصر الخليفة مولاي المهدي وساحتي الفدان والجلاء والمستشفى العسكري الإسباني والحي العسكري بالقصر الكبير والثكنة العسكرية بشفشاون، التي تحولت اليوم إلى مؤسسة تعليمية… ومعلوم أن بعض سكان شمال المغرب قد انخرطوا بكثافة في صفوف الجيش الإسباني بسبب ظروف سنوات الحرب والجفاف القاسية الأولى (1934- 1937)، الأمر الذي سهل مأمورية ممثلي الاستعمار، الذين استغلوا مشاعر هؤلاء السكان الدينية ضد الكفر والإلحاد والشيوعية من أجل إغرائهم بالتجنيد ليجاهدوا في سبيل الله إلى جانب فرانكو “المؤمن” ويضمنوا ولائهم وحماسهم. فيلم “لامورا” من بطولة المهدي فولان وفرح الفاسي، اللذان يجسدان فيه قصة حب بين شاب مغربي قدم إلى إشبيلية للقتال باسم الدين وفتاة إسبانية (ماريا) أنساه عشقها أوجاع الحرب، وإلى جانبهما ثلة من الممثلين المغاربة (حسن فولان، صلاح ديزان، عباس كميل، فاروق ازنابط، حميد البوكيلي، عبد الإله إرمضان، محمد امزاوري، عبد السلام الصحراوي، جميلة سعد الله، نعمة بنعثمان، محمد عسو، هشام عبو، محمد بوغلاد…). لقد أجهضت العلاقة الغرامية بين البطلين الشابين، بقوة الإرادة، لكنها أثمرت فتاة إسبانية بملامح عربية جسدت دورها هاجر بولعيون في أول وقوف لها أمام كاميرا السينما. وإلى جانب الممثلين والممثلات المغاربة المخضرمين والشباب، استعان مخرج الفيلم بخبرة الممثلة الإسبانية تيرما آيربي (Tirma Ayerbi)، في دور أم ماريا التي تكن عداء كبيرا للجنود المغاربة. يعتبر “لامورا” (2019) سابع فيلم سينمائي روائي طويل من توقيع المخرج محمد إسماعيل، وذلك بعد إخراجه سابقا لستة أفلام هي: “إحباط” (2015)، “أولاد لبلاد” (2009)، “وداعا أمهات” (2007)، “هنا ولهيه” (2004)، “وبعد…” (2002)، “أوشتام” (1997). ومن المنتظر أن يشارك هذا الفيلم المغربي الجديد في المهرجانات الوطنية والدولية ويعرض في القاعات السينمائية أواخر السنة الجارية.