نظم اتحاد كتاب المغرب ببني ملال الفقيه بن صالح بتنسيق مع المديرية الجهوية لوزارة الثقافة لجهة تادلا أزيلال لقاء حول رواية :" أبو حيان في طنجة " للروائي بهاء الدين الطود . وذلك يوم 20 أبريل 2013 ، بغرفة التجارة والصناعة ببني ملال ، على الساعة السابعة مساء . قدم في البدء رئيس الجلسة القاص عبد الله المتقي كلمة تمهيدية للقاء ، مرحبا من خلالها بالحضوربين جنبات الحكي ، في ضيافة الكاتب العميق بهاء الدين الطود الذي أغنى المدونة السردية المغربية والعربية بروايتين جميلتين : " البعيدون و " أبو حيان في طنجة " محور اللقاء . الأستاذ عبد الغني فوزي عرض لرواية أبي حيان ، من حيث مادتها الحكائية المتمثلة في استعادة شخصيتين بارزتين وهما أبو حيان التوحيدي ومحمد شكري عبر مسار سردي يتسم بالفقد المتعدد والمتنوع بين الماضي والحاضر ، في تركيزغنائي متشظ على سقوط الأندلس كرمز للسقوط العربي العام ضمن سير زمني فاقد للمعنى والهوية . وتم ذلك عبر تقنيات سردية عديدة تمثلت في التوازي والتذكر بين شخوص وحكايا فرعية . ليخلص العارض إلى خاتمة تقول بضرورة الاشتغال على الكائنات الثقافية وبالأخص منها غير المتصالحة والمتصادمة مع الأنساق والسلط المتحجرة التي تركت تراثا مثيرا للجدل والنقاش ، لكن عبر متخيل جديد . الناقد نور الدين درموش قدم مسار الحكاية في رواية أبي حيان الذي ركز على سقوط الأندلس وأن أبا حيان لم يستسغ ذلك ضمن تحولات مسخت الأمة العربية وجعلتها في موقع المستهلك . لكن الكاتب بهاء الدين الطود حقق لحكايته الغريبة تلك ، كما يقول الناقد ، كل شروط التحقق ، لتبدو محتملة في الحاضر المفارق . ولا يتأتى ذلك إلا للكتاب من أمثال بهاء الدين الذين يقومون بإعادة بناء الأشياء وترهين حيوات ماضية والإضافة إليها ضمن التحولات المتسارعة والتساؤل عن مكانة الإنسان ضمن ذلك . بهذا فالرواية محايثة للواقع ،وتنتج معرفة راصدة . الروائي عبد الكريم جويطي ركز في ورقته على لعبة القناع الموظفة في هذه الرواية بشكل كبير ، فالمادة موجودة وممثلة في تراث شخصيتين بارزتين ( أبو حيان ومحمد شكري ) غير متصالحتين مع النمط والمألوف . وكان الروائي بارعا في تقديم ذلك بشكل مختصر عبر حكاية مركزة تعلي من شأن بعض القيم الإنسانية الجوهرية الخالدة كالاغتراب وإنسانية الإنسان البئيس وجوديا التي لا تخضع أحيانا لآلة الزمن . وهو شيء ينفرد به الأدب كتعبير متشظ وحميمي . ويبدو الجهد واضحا كما يقر الروائي عبد الكريم في هذا العمل الحكائي من خلال تحقق شرط الحكي ، لتتدفق حالات ومواقف شخصيتين ممتلئتين حياة ووجودا ، ضمن مدينة طنجة العالمية كمكان غدا إنسانيا في نفي سردي للمعالم الجغرافية والتاريخية . وتلك سمة الروائيين الكبار كما يختم عبد الكريم جويطي . الكاتب بهاد الدين الطود كانت له كلمة بارقة في آخر اللقاء ، فقد أثنى على الأوراق المقدمة التي تغني العمل الذي يغدو ملكية جماعية كلما مسه أحد مفتوحة على القراءة والتأويل . موضحا دواعي الربط بين شخصيتين ( أبو حيان ومحمد شكري ) مفارقتين في الزمان والمكان ، ولكنهما على قدر كبير من الالتقاء في الاغتراب والتمدد في المكان والزمان . لأن السقوط يسائلنا جميعا فتكون الكتابة كنغمة ، لإثارة الفقد ، بشكل مفتوح ، وفق محتمل أدبي . وبالتالي فاستحضار أبي حيان الآن ، تم بشكل مدبر من خلال الاهتمام بهذا الرجل وتشرب شخصيته واستحضارها رفقة شكري ( صحبة حياة ووجود ) ، على سبيل الإبحار بهما في طنجة من جديد ، على الرغم من التحولات التي لاتقول شيئا . فكان مصير أبي حيان هو العودة للمغارة ، بالمعنى العميق للكلمة .