مطر صلت من أجله واجفة جموع كثيرة ، هل منهمرا كأن بئرا انقلب على وجهه فوق رؤوس الظماء، كان الفرح وكان الرواء، و لولا أن الفرحة بعد حين تحولت إلى بكاء، كان العام يكون أحسن عام ، خصبا في الأتربة وخصبا في النفوس، زاد المطر عنيدا يتفجر من غضب على زمن الرعاة، إذ نسوا أحزانهم فجأة ، رغم التراكم نصف قرن، بين يدي آلهة من قصب، استيقظ الناس بعد صمت تلفه ملاءة الليل الطويل، كان الماء يحاصرهم والجوع والعطش، و كانوا أكثر عريا من ذي قبل ، الحرث والنسل و الخيام، كل يسبح في صفيحة الفيضان ، وفوق رؤوسهم أزيز منشغل بالتقاط الصور، شيئا فشيئا تأخذ الأصوات في الارتفاع منتهكة حرمة الخط الأحمر، و شيئا فشيئا تأخذ العصي في النزول من السماء، قال طفل سحبوا منه أمه غضبى تلعن القدر و أهل الحضر: كانت أمي جالسة فوق صخرة غرقى في الماء، ترفع عقيرتها في وجه الإهمال، حين جاءها رجل يسعى كالضفدع. قبلها اقتيد أبي و إخوتي خارج الدوار، تماما كما كانت تحكي جدتي، جاء الزبانية ذات ليلة، اقتادوا عمي الشيخ إلى مكان مجهول ، حكت أنه خرج ولم يعد ، وكان الجو مطيرا بوابل من الرصاص .