احتشد مئات الجماهير، أول من أمس، على خشبة مسرح هاني صنوبر بالمركز الثقافي الملكي لحضور مسرحية "يا ليل يا عين" لمخرجها الأردني خليل نصيرات. وقدمت المسرحية، التي اختتمت عروض مهرجان مسرح الأردن التاسع عشر، انشغالا جديدا للمخرج نصيرات لنص عبد الكريم برشيد وطقوسه المستخدمة بالمسرح. وتمتلئ حكايات المسرحية في رؤية إخراجية بصرية لنصيرات تفوق فيها رغم الاستهلالية أحيانا بطريقة عرض الشخصيات. يستمر عمل "يا ليل يا عين" في أحد أركان المدينة حين تلتقي تلك الشخصيات التي تحمل بجعبتها عوالم مختلفة، جمعتهم المدينة في إحدى زواياها، وفي ليلة واحدة وفي ظل هذا الليل. الزمان هو ليلة العيد، أما المكان فهو الحلم، عبر رؤية إخراجية تعتمد الاحتفالية وعاء لها. فيحتفل كل فرد على طريقته التي ترضي رغباته طريقة عيشه. ويتناول ذلك الاشتغال، وفق ما يؤكد نصيرات في حديثه للغد؛ حكاية كاتب مسرحي كان أعمى (يوم كان العمى موضة ذلك العصر)، فأصبح مبصراً، ليذهب إلى حي من أحياء المدينة "حي الساهرين والفرحين والأحياء"، فيقرر كتابة نص مسرحي، يسميه فيما بعد "موال مسرحي"، فيلتقي بشخصيات الليل وظلالها (أبطال المسرحية) فيحاورها وتحاوره، ولكن الأهم عند لقائه بخياله الذي يتمثل بشخصية (الدرويش) أو (المجنون) كما يسميه سكان الحي. فيعيش أوجاع تلك الشخصيات، وهمومها، وانتظارها وجنونها، ورقصها، وأسماءها إلى درجة أنه يشك باسمه فيقع ضحية (لعبة الأسماء الماكرة). ولكل إنسان طقوسه وعوالمه، وهذا ما حاولت المسرحية إيصاله للجمهور في علاقة الإنسان بداخله وأهمية رؤيته الصافية لما يدور حوله. ربما كثير من التناقضات تسكن داخل المرء وفي أعماقه، ويسمح له لقاؤه بالآخر ورؤية الفوضى بالخارج بتوسيع الفرضية واكتشاف هدوء ما بداخله، وفق ما قدمته مسرحية "يا ليل يا عين"، التي ذهبت الى تهذيب الفكرة من الداخل وخلق التوازن بين الروح والإيمان في النفس عبر طقس العلو بمفاهيم "الإنسانية" في الزمان والمكان المناسبين. سينوغرافيا العمل كانت متناسقة مع الفكرة في تبدّل الأشكال والألوان في اللحظة والمكان واليوم ذاتها، إلا أن نصيرات "أخفق" في التسبب بأزمة صحية لبعض الحضور حين أغرق باستخدام "الدخان" الكثيف أثناء العمل المسرحي وبالكثير من المشاهد التي كان من الممكن الاستغناء عنها. ويؤدي عمل "يا ليل يا عين" كل من؛ حيدر كفوف، زينب شروف، محمد الجيزاوي، طارق التميمي، بندر السواعي، نضال البتيري، أمجد حجازين، ثامر خوالدة، عضيب عضيبات، إبراهيم النوابنة، محمد الزعبي، سينوغرافيا عزيز المشايخ، تصميم إضاءة فراس المصري، موسيقى نور أبوحلتم، ملابس فكرية أبوخيط، رؤية نقدية فراس الريموني، تصميم ملابس وإكسسوارات جميلة علاء الدين.