رجال بصموا أسمائهم في ذاكرة التاريخ السياسي المغربي المعاصر، وحلق بهم تميزهم ودهائهم السياسي لتقلد مناصب مهمة داخل دهاليز الحكومات ووضع بصمتهم في بناء الدولة المغربية الحديثة ما بعد الاستقلال والتي شكل لبناتها الأولى الملك الراحل الحسن الثاني. من خلال هذه النافذة، سنسلط الضوء شخصية سياسية بصمت على مسار متميز من تاريخ المغرب المعاصر، وذلك برسم بروفيلات عنهم، اقتباسا من كتاب « رجال حول الملك »، لمؤلفه محمد الأمين أزروال. عبد الرحمان اليوسفي، القيادي البارز في حزب الاتحاد الاشتراكي، تميزت شخصيته بالتواضع والواقعية السياسية، وهي من الصفات التي أهلته إلى وضع حد للقطيعة التي دامت أربعة عقود بين الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في طبعته الأولى والثانية وبين القصر الملكي وخاصة الملك الراحل الحسن الثاني. سنة 1992 توفي عبد الرحيم بوعبيد، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، ليخلفه عبد الرحمان اليوسفي، في تلك الفترة بدأت بوادر حكومة التناوب تلوح في الأفق، بعد أن دشن القصر اتصالاته مع أقطاب الكتلة الوطنية التي كان لليوسفي دور هام في احيائها وزرع الروح فيها من جديد، والتي كانت قد رفعت مذكرة إلى الملك تطالب من خلالها بإصلاحات سياسية ودستورية، ولعل دستور 1996 كان من ثمرات هذه المذكرة، حيث سبقتها سنة 1994 محاولة لتشكيل حكومة يرأسها بوستة، عضو الكتلة الوطنية وأمين عام حزب الاستقلال، كأول خطوة للوصول إلى التناوب، إلا أن المحاولة أجهضت في المهد بسبب أن بوستة رفض مشاركة وزير الداخلية القوي إدريس البصري فيها. وأمام إصرار الملك على التأسيس لحكومة التناوب، بعد أن أعلن أن المغرب مهدد بالسكتة القلبية، نجحت مساعي الملك ومساعي رفاق اليوسفي في إقناعه بالعودة إلى وطنه. وهكذا استقبل سنة 1998 من طرف الملك الذي كلفه بتشكيل حكومة التناوب التوافقي مع الارتقاء بالبصري وزيرا للداخلية، وبذلك يكون اليوسفي قد قبل بما رفضه بوستة بالأمس القريب، لكن تجربته مهدت لجو سياسي منفتح.