أسدل الستار ليلة الأحد الماضي عن فعاليات ملتقى أصيلة الوطني للمديح والسماع والقصيدة الروحية في نسخته الحادية عشر « المهرجان الوطني للثقافة الصوفية »، تزامنا مع الذكرى الخامسة عشر لميلاد صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، وقد استضافت الجمعية ضيف الشرف متمثل في « مديح الجهة الشرقية » احتفاء بمدينة وجدة المغربية عاصمة للثقافة العربية لموسم 2018م، فقد افتتحت فعاليات هذا الملتقى مساء الجمعة 11 ماي بقص شريط معرض للوحات التشكيلية والخطية بحضور السلطات المحلية، وممثلي عن الوزارات الوصية وأشخاص ذاتيين من الداعمين والمساهمين، وشخصيات فنية وثقافية يتقدمهم وزير الخارجية الأسبق ورئيس المجلس الجماعي لأصيلة السيد محمد بن عيسى ناهيك عن الحضور اللافت لوسائل الإعلام المرئية، المسموعة، المكتوبة والإلكترونية. تليت إذن آيات بينات من الذكر الحكيم إيذانا بافتتاح المهرجان تلته كلمات افتتاحية للجمعية المنظمة وبعض الشخصيات الحاضرة، فكانت أولى الفقرات عرض روبورتاج وثائقي يؤرخ لعشر دورات من المهرجان ويضم أقوى اللحظات، تليه تقديم شريط وثائقي يبرز المميزات والمقومات التي جعلت مدينة وجدة تحضي بشرف عاصمة الثقافة العربية، يليه العرض الرئيسي لليوم الافتتاحي الذي أدته مجموعة نخبة الجهة الشرقية للمديح والسماع وقد قدمت نمطا تراثيا يعرف بخصوصيات الجهة الشرقية للمملكة، وقبل أن تنهي عرضها تقدم الشاعر المغربي الزبير خياط لخشبة المسرح ليلقى قصيدة مديحية في خير البرية، لتتابع بعده المجموعة عرضها المديحي. صبيحة اليوم الثاني 12 ماي كان لضيوف الملتقى موعد مع ورشة تكوينية في فن الخط المغربي أشرف عليها خطاط المملكة الفنان محمد قرماد قدم خلالها الأساليب الفنية المتبعة لإتقان هذا الفن، وبعد عصر نفس اليوم التقى ضيوف الملتقى من جديد وهذه المرة لأجل حضور ندوة فكرية بعنوان « أبعاد المديح والسماع الصوفي »، تقريب المسافات، تقويم السلوكيات وتنمية الثقافات. ناقشها كل من فضيلة الدكتور محمد المهدي منصور والدكتور عدنان زهار والإعلامي المصري حسن الشاذلي وأشرف على تسييرها الدكتور أحمد لحريشي. مساء استهل الحفل الفني بكلمة ترحيبية ألقاها الأمين العام للرابطة الوطنية الكبرى للمديح والسماع بالمغرب، لتصعد بعده المجموعة الصوتية التابعة لجمعية أهل أصيلة للمديح والسماع والتي أدت قصائد مديحية محلية كانت ولازالت متداولة بالمدينة، وقد ألهبت جنابات قاعة مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية وجعلت الجمهور يتجاوب مع العرض بشكل كبير، الفقرة الثانية عرفت مشاركة الشاعر المغربي إسماعيل زويريق في إلقائه لقصائد مديحية وهو المعروف بمدحه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في 12000 بيت شعري، تلته الشاعرة المقيمة بالمهجر الدكتورة سعاد الزاكي في قصيدة شعرية، الفقرة الثالثة لنفس الأمسية شهدت « تكريم » أحد وجوه المديح والسماع والأذكار بأصيلة الفقيه أحمد الجباري في التفاتة حقيقية لأعلام المدينة، العرض الفني الثاني عرف مشاركة مجموعة نخبة أصوات مكناس للمديح والسماع حيث قدمت برنامجا فنيا مستوحى من زاوية سيدي قدور العلمي بالعاصمة الإسماعيلية. صبيحة اليوم الختامي أقيمة دورة تدريبية (ماستر كلاس) لفائدة المادحين والمنشدين ضيوف الملتقى تحمل عنوان « السماع وسيلة للتربية والترقية » أشرف على تأطيرها الأستاذ إدريس الداودي بمعية الشيخ محمد بنيس. بعد صلاة العصر شهد فضاء المركز تنظيم مسابقة وطنية في فن الإنشاد، شارك فيها منشدين شباب من مدن فاس، مكناس، تطوان، طنجة، شفشاون، الصويرة، صفرو والقصرالكبير، ليعود لقب منشد الملتقى للشاب بلال الهواج ممثل مدينة تطوان. الأمسية الختامية استهلت بعرض فني لمجموعة رحوم البقالي للحضرة الشفشاونية هذه الفرقة التي قدمت الموروث النسائي لمنطقة جبالة في قالب فني تقليدي متميز عرفت تحطيم رقم قياسي للجمهور الحاضر، الفقرة التالية كانت روبورتاج وثائقي يحكي المسيرة الفنية للمحتفى به عرفت استحسانا كبيرا من المشاهدين لتنطلق بعده مراسيم تكريم الفنان الحاج محمد عزالدين شيخ المادحين والمنشدين بالمغرب بحضور وازن لشخصيات بارزة، العرض الفني الثاني أدته مجموعة الجمعية العباسية للأمداح النبوية من مدينة مراكش، وقبل تتمة العرض الفني تقدم الشاعر المغربي الكبير الفقيه محمد بالمحجوب التبايك ليلقي قصيدتين شعريتين الأولى في رثاء المحتفى به، والثانية في مدح المصطفى (ص) سلبت ألباب المستمعين، لتتابع المجموعة عرضها. الفقرة الموالية عرفت تأبين المرحوم الحاج عبدالمجيد الصويري، بحضور إخوته الفنان عبدالرحيم الصويري والمنشد عبدالغفور الصويري، ونجله الشاب سعد الصويري، فكانت كلمة عميد المادحين والمنشدين بالمغرب الشيخ علي الرباحي في حق المحتفى به وفي حق الفقيد جد مؤثرة، لتحيي المجموعة الكبرى المكونة من جميع المادحين والمنشدين الحاضرين في المهرجان بإشراف من الأستاذ علي الرباحي أربعينية الفقيد، لتختتم الفعاليات ببعث رسائل الشكر للداعمين والمساهمين ثم تلاوة برقية الولاء والإخلاص للسدة العالية بالله. هذا وفي تصريح إعلامي خصنا به المدير العام للمهرجان السيد عماد غيلان أكد لنا أن نسخة هذه السنة عرفت نجاحا كبيرا بشهادة الجميع سواء على المستوى التنظيمي وبرمجة الفقرات المفيدة، وكذا على المستوى الفني من خلال تقديم مواد فنية متميزة تراعي فيها إدارة الملتقى التنوع الثقافي والفني الذي تزخر به بلادنا، كما أكد على ضرورة تبني هذا المشروع من طرف الجهات الرسمية، وهي مناسبة لكي يجدد فيها نداء الجمعية للداعمين قصد المساهمة في تمويل هذا التقليد السنوي الذي يمثل الهوية المغربية الأصيلة الضاربة في الجدور التاريخية للمملكة