« هل تعاني من مشاكل جنسية لا تستطيع الإفصاح عنها؟ هل تخشى أن تهجرك زوجتك من الفراش؟ هل تحلم بأداء جنسي تتفاخر به أمام أصدقائك وأقرانك، حتى وأنت شيخ مسن؟ »، قد تبدو أسئلة غريبة، لكنك في ساحة « السوق دبرا » بمدينة طنجة شمالي المغرب، تجد صاحب السؤال ومعه الإجابة. في حلقات تكبر وتصغر بحسب عدد المارين من المكان، يتجدد لقاء يومي يتوسطه أشخاص يقدمون منتجات يقولون إنها مستخلصة من الأعشاب الطبيعية، تساعد على « تقوية الأعضاء التناسلية، على الانتصاب ونمو العضو الذكري وتعالج البرود الجنسي »، سر المهنة تحفظ جميع « الحلايقية » (مديرو الحلقة) عن الإدلاء بتصريحات صحافية حول مصدر تلك الأعشاب، وكيف تتحول لسائل أو مسحوق، اختلفت التبريرات بين من قال إن ما يقوم به « في سبيل الله، يساعد به الضعفاء مقابل رزق قليل، ولا يرغب في الحديث عن ذلك للصحافة »، وآخر تعلل ب »السر المهني ». لكن هذا التحفظ يقل بشكل كبير حين يتعلق الأمر بزبون يستفسر عن المنتوج وكيفية استعماله ومصدره. يقول « سعيد.ب » أحد عشابة ساحة « السوق د برا » إن السائل الذي يقدمه في علب زجاجية صغيرة، مستخلص من طحالب البحر، ويضيف بنبرة الواثق مما يقول « من لم يصدقني فليبحث أمامي على الإنترنت عن منافع طحالب البحر وفوائدها، ما أبيعه يستخدمه الصيادلة، واقتناه أشخاص كثر، يشكرونني عليه، من بينهم هذا الشخص الواقف هنا والآخر الواقف هناك ». ورغم أنه يتبين فيما بعد أن الأشخاص الذين قصدهم بإشارته يشتغلون معه، إلا أنه يحافظ على نفس النبرة والجدية في الحديث، قبل أن يرد على سؤال مصدر هذا العشب الذي يستخرج منه مستحضراته بالقول إن « هذه الحرفة ورثتها عن أجدادي، واليوم آتي بهذه العشبة من إقليم دكالة غرب المغرب، وقد أصبحت تهرب بالأطنان إلى أوروبا لأنهم يعرفون منافعها جيدا ». « عروض الفحولة » 20 درهما (دولارين) للقنينة الواحدة، 40 لقنينتين، و50 درهما لثلاث قنينات، يشدد البائع على العرض الأخير، مستدركا بين الفينة والأخرى « ولي ما عندوش يدي فابور » (الذي لا مال معه يأخذ بالمجان) الشيء الذي لم يحصل إطلاقا. ولأن العشاب « سعيد.ب » بملامحه الجادة ولباسه العصري، القريب من الرسمي، لا يفتر يرحب بأي اتصال على رقمه الخاص، من كل من يرغب في الاستفسار أكثر حول المشروب، فذلك ما قمنا به، للسؤال هل المشروب حكر على الرجال، ليجيب بالنفي مؤكدا « نفس المفعول السحري على النساء، ولا تمنع منه إلا المرأة الحامل ». كان من اللافت تلميح « عشاب الحلقة » خلال حديثه إلى أن من يرغب في زيادة حجم عضوه الذكري يمكنه ذلك، شريطة أن يستعمل المشروب مرتين في اليوم بعد الأكل، وبعدها يمكن أن يتصل به على انفراد لمعرفة ما يمكن القيام به. يتعلق الأمر بخلطة أخرى تصل إلى حوالي ألف درهم (100 دولار) يُدهن بها العضو 20 مرة خلال 40 يوما، بحسب ما أكده « سعيد.ب » في اتصال هاتفي، وفيما رفض الكشف عن مكونات هذه الخلطة، أكد أن نتيجتها « مضمونة مئة بالمئة إذا تم استعمالها وفق تعليمات معينة، تزيد حجم العضو ما بين 3 إلى 6 سنتيمترات ». متخصصون يحذرون ما يقدمه « سعيد.ب » ويعد به زبائنه، استبعدته الأخصائية في العلاج الجنسي أمال شباش بشكل قاطع، مؤكدة أنه « ليست هناك أية إمكانية للزيادة في حجم العضو الذكري بالشكل الذي يتم الترويج له، هل يمكن مثلا أن نزيد من حجم الأنف أو العين باستعمال دواء معين؟ ». الأخصائية في العلاج الجنسي أوضحت في تصريح ل »أصوات مغاربية »، أن « الإمكانية الوحيدة المتاحة هي الخضوع لمتابعة طبية منذ الطفولة للحالات المعنية بهذا المشكل، من طرف مختصين في الهرمونات، أما دون ذلك فهو شيء يصعب تصديقه، وفي أقصى الحالات يمكن إجراء عمليات جراحية تزيد حوالي السنتيم في العضو الذكري ». وحذرت شباش من توجه قطاعات واسعة ممن يعانون من مشاكل جنسية بالخصوص، نحو الحل الأقرب والأقل تكلفة، مع اعتقاد سائد بأن مستخرجات الأعشاب الطبيعية غير مضرة بالصحة، « لكن المشكل أن أي منتوج بما فيه الدواء والأعشاب له أعراض جانبية على مناطق أخرى من الجسد، خاصة إذا كانت الجرعات زائدة، فإنها تنعكس على صحة الكلي بالأساس التي تقوم بتصفية الدم، وبذلك نتحول من البحث عن العلاج لعضو معين إلى الإضرار بعضو آخر ». وتأسفت الاختصاصية الجنسية لهذا الوضع « الذي يستغل ضعف وقلة حيلة المرضى، ويلعب بالأساس على مخيال الشخص فيوحي إليه أنه يمكنه القيام بشيء خرافي بعد استعمال هذه الأعشاب أو مستخلصاتها، لكن على الناس أن تحتاط أكثر من استعمال هذه المنتجات ». إثارة الخيال « استغلال مخيال الشخص »، كان الخيط الذي جر منه المتخصص في علم النفس جواد مبروكي الحديث عن الموضوع، ليوضح في حديثه ل »أصوات مغاربية » أن « الحلقة » تكسر طابو الجنس، وتعطي رخصة للحديث حوله بعلانية أكثر. « ما يقع هو أن الشخص المار وعندما يرى العديد من الأشخاص يحيطون بالحلايقي، ويسمع الخطاب، يتبين له أنه ليس وحيدا، إذا كان يعاني من مشكل جنسي معين » يقول الأخصائي النفسي، مضيفا أن الأمر « ليس كزيارة الطبيب بشكل انفرادي، حيث يتعرى المريض داخليا، ليكشف ما يعانيه في حياته الجنسية، وهو أمر ليس بالهين، وبالتالي فالانسلاخ وسط الجماعة أهون » بحسب المبروكي. ودقق المبروكي في شخصية من يدير الحلقة معتبرا أن « لديه مهارات يسلب بها مخيال الحضور ويجعل من يحيطون به يحلمون بأداء جنسي مثالي، يتحول في مخيالهم إلى صور وخيالات تثيرهم جنسيا ». لكن اللافت في « الحلقة » هو غياب العنصر النسوي، حيث يكون النقاش داخل هذا الفضاء ذكوريا خالصا، ما علق عليه المبروكي بالقول إنه « في المخيال المغربي، على الرجل أن يكون مثالا للفحولة، والمرأة يمكن أن تهجر الرجل الذي لا تتوفر فيه هذه الصفة ». « هذا أمر غير صحيح » يردف الأخصائي النفساني، لكن « الإيجابي هو أن فضاء الحلقة يخلي مسؤولية المرأة، وإذا كان هناك فشل جنسي، فالمعني به أساسا هو الرجل لا المرأة، رغم أن العلاقة الجنسية مشتركة بينهما ».