من خلال هذه المقالات حول المدارس العتيقة في قبائل سوس لابد من ذكر دور المرأة وبصمتها في الإهتمام و الرقي بشوؤن التعليم في كل جوانبه. إذن ما ماذا مساهمة المرأة في قطاع التعليم العتيق؟؟ وما هي الإهتمامات التي برزت فيها النساء في المجال التعليمي؟؟ المرأة الأمازيغية ومنذ الفتح الإسلامي إقتفت نهج أمهات المومنين في أخد وتلقين أمور الدين والتفقه فيها جنبا الى جنب الرجل عكس ما يظنه البعض أن الأمازيغ غيبوا المرأة في المجال التعليمي و إستخفوا بقدراتها. والمصادر التاريخية وما حملت إلينا من أخبار عن نساء عظيمات كن السبب في بروز نجم العديد من العلماء الأجلاء. ومن خلال تتبع الإنتاجات العلمية للمختار السوسي نجد أنه خصص حيزا مهما لشأن المرأة السوسية العالمة في مؤلفاته وإن لم تنل الشهرة التي نالها الرجل. والمرأة في القطر السوسي و إن حكمت عليها الأعراف و التقاليد والعادات بلزوم البيت والتفاني في خدمة البيت والزوج والأبناء لم يكون سببا في عدم تعليمها وتفقهها في أمور دينها بل والنبوغ العلمي في شتى المجالات. فنجد أن النساء كن يتفقهن على يد أزواجهن أو أبائهن أو أولادهن. في المعسول وفي حديث مؤلفه عن النساء العالمات ذكر والدته و أشار الى مكانتها و فضلها عليه. هي رقية بنت محمد بن العربي المتوفاة سنة 1342ه تربت في بيت العلم والزهد والإقبال على الدين ومنابدة البدعة، وذكر أنها أول معلمة في إليغ ومنها تشرب حب العلم وأهله. قال في المعسول : أول ما أعلمه عن والدتي أنها هي التي سمعت منها بأدي ذي بدء تمجيد العلم و أهله… نعم أمر عادي أن يؤثر المحيط والوسط في تكوين شخصية أي إنسان زد على ذلك الإهتمام بالتربية و التعليم والتحفيز في صقل و تتبع النشيئة وفي علاقته بوالدته ذكر المختار السوسي كيف كانت تتبع وتسهر على تحقيق مناها في إبنها. قال : « أيقضتني يوما فناولتني كاسا مملوءة ماء فقالت أن هذا الماء ماء زمزم الذي هو لما شرب له وهذا سحر يوم عظيم وهو مظنة الإستجابة. فاشرب منه ونوي في قلبك أن يرزقك الله العلم الذي أتمناه لك دائما ». هكذا كانت المرأة السوسية تسهر على التعليم والتربية الروحية وبث القيم الإسلامية السمحة وحب العلم والعلماء في نفوس أبنائها. أما الإهتمام المدارس ببنائها وتشيدها فنجد عدة مدارس في قبائل سوس تحمل أسماء نساء صالحات قانتات عابدات كان همهن العلم والصلاح وإصلاح العباد ولا تخلو قبيلة من قبائل سوس أن تجد والية من أولياء الله. والأبحاث والدراسات التي إكتفت بالجرد البيبليوغرافي لأسماء وتراجم النساء العالمات السوسيات وذكر الحيز الزماني والمكاني والأوضاع السياسية والإقتصادية كل هذا له علاقة في ظهور العالمات ونبوغهن في شتى المعارف والعلوم الشرعية والأدبية إنطلاقا من التصوف الذي كان السبب الرائيسي في انتشار العلم عبر زواياه. من خلال المؤلفات العلمية لكل من المختار السوسي وقبله محمد بن أحمد الحضيكي ومن خلال الوقوف على تراجم نساء أهل سوس تضح تضحيات المرأة السوسية وفرض نفسها في خدمة الدين و التعليم والإرشاد ويكفيها فخرا وشرفا إنجاب وتربية علماء أفذاذ صاروا منارات يستضيء بها العباد في ظلمات الجهل.