على بعد نحو 8 كيلومترات من مركز الزلزال "إيغل- الحوز"، لم يتبق من منطقة "ثلاث نيعقوب" إلا عدة جدران، شاهدة على ما وقع في لمح البصر. قطعنا في الطريق من مراكش إلى منطقة "ثلاث يعقوب" نحو ثلاث ساعات، حيث تسببت الانهيارات في الطريق إلى تعطيل حركة المرور في أكثر من منطقة، وزادت صعوبة الأمر كثرة السيارات التي تحمل المساعدات إلى هناك. لم نمر على قرية من عشرات القرى التي شاهدناها في الطريق، إلا وكانت تخرج منها السيارات محملة بالمساعدات الغذائية والمعيشية. وعندما وصلنا إلى المنطقة، كانت المشاهد تفوق كل وصف، جميع منازلها هُدمت، فيما يواصل عمال الإنقاذ البحث عن الضحايا واستخراج الجثث من تحت ركام المنازل المهدمة. "ليتني مت قبل أن أرى كل هذا الجحيم"… نطقت بهذه العبارة وصمتت لأكثر من دقيقة من هول الصدمة، حتى استعادت قواها لتسرد ما حدث، وتابعت هند معط الله، ثلاثينية، من منطقة "ثلاث يعقوب" التابعة لإقليم الحوز في مراكش المغربية، بالقول: "كنا انتهينا للتو من العشاء، ونضحك ويلهو الأطفال بجوارنا، وفجأة كل شيء بدأ يتحرك من مكانه، تيقنا بعد لحظات أنه الزلزال، فهممنا للهرب إلى الشارع". لم يتمكن أحد من الخروج من باب المنزل الذي انهار في لحظات فوق رؤوس الجميع، إلا أن السيدة كتبت لها النجاة دون عائلتها. وتتابع في حديثها ل "سبوتنيك": "في لحظات انهار المنزل، وكنت قريبة من الباب، فسقط فوقي، فيما سقط الحائط بالكامل على والدتي، فيما اختفى طفلي البالغ 3 أعوام تحت سقف المنزل، ودفن النصف الأسفل من شقيقتي تحت الركام". وتتابع: "بعد نحو نصف ساعة استجمعت قواي وبدأت في إزاحة الركام من فوقي وانقطع التيار الكهربائي، وبدأت بالصراخ على والدتي، طفلي، شقيقتي، شقيقي، لا أحد يجيب، وبعدها بدأت في إزاحة الركام، ووجدت شقيقتي على قيد الحياة، ما زالت تتنفس، لكن نصفها الأسفل كان مدفونا، حاولت إفاقتها وبعد أن استفاقت بدأت تصرخ.. لا تتركيني استحلفك بالله أنقذيني". واستمرت نحو ساعة ونصف ترفع الركام من فوق جسد شقيقتها، حتى تمكنت من إخراجها بعد أن تكسرت قدميها. لم يعد يستوعب هول الصدمة، إذ فارق نحو 7 أشخاص من عائلته، آيت بويا علي، وهو شيخ ستيني، من منطقة ثلاث يعقوب، قال إنه فقد اثنين من أشقائه وزوجة شقيقه وثلاثة أبناء للأشقاء. وفي حديثه مع "سبوتنيك"، أكد أنهم لم يستطيعوا إجلاء أحد من القتلى إثر الزلزال، وكذلك المصابين. وأوضح أن الأهالي هم من قاموا بعمليات الإنقاذ الأولى حتى الصباح، إذ لم تتمكن قوات الإنقاذ من الوصول إليهم سوى صباح يوم السبت، نظرا للانهيارات التي وقعت في الطرق. وقال مراسل "سبوتنيك" إن عمليات الإنقاذ مستمرة في منطقة "ثلاث يعقوب"، حيث هبطت طائرة عسكرية في المنطقة صباح اليوم لنقل الجرحى والمصابين، بينما واصلت فرق الإنقاذ البحث عن جثث الضحايا الذين لا يزالون تحت الأنقاض. ولفت إلى أن عشرات المنازل تهدمت بالكامل، مشيرا إلى أن هذه المنطقة وحدها شهدت سقوط نحو 50 قتيلا، بينما يوجد آخرون لا يزالون في عداد المفقودين، ولا توجد إحصائيات نهائية حتى الآن. وأوضح أنه تم نقل المصابين إلى المستشفيات القريبة مثل مستشفى محمد السادس، بينما لا تزال آليات الإنقاذ موجودة في المنطقة، إضافة إلى الهلال الأحمر والصليب الأحمر والجمعيات الإنسانية. وأشار مراسل "سبوتنيك" إلى أنه أُقيمت خيام للمتضررين من أهالي المنطقة، التي لم يتبق منها سوى 4 بنايات فقط لم تتهدم. وذكرت وزارة الداخلية المغربية، اليوم الثلاثاء، أن حصيلة ضحايا الزلزال المدمر، الذي هز البلاد، يوم الجمعة الماضية، ارتفعت إلى 2901 قتيلا، بينما وصل عدد الجرحى إلى 5530 شخصا، في ذات الوقت الذي تستمر فيه جهود الإنقاذ.