قال رئيس وفد روسيا المفاوض إن مسودة الاتفاق بين موسكو وكييف ليست جاهزة بعد لعرضها على قمة بين الرئيسين الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وفلاديمير بوتين، في وقت أعلنت فيه موسكو فتح ممر لإجلاء الأجانب من مدينة أوديسا المحاصرة جنوبي أوكرانيا. من جهتها، أكدت القوات الأوكرانية أنها استعادت السيطرة على كامل منطقة كييف، وقالت إن روسيا واصلت سحب وحداتها عبر شمال أوكرانيا. في الأثناء، نقلت شبكة "سي إن إن" (CNN) عن مسؤولين أميركيين أن روسيا تركز على تحقيق النصر في شرقي أوكرانيا مع بداية مايو/أيار المقبل، وأنها تعدل إستراتيجيتها الحربية للتركيز على السيطرة على إقليم دونباس ومناطق أخرى في الشرق. وأضاف المسؤولون الأميركيون -الذين اطلعوا على أحدث تقارير الاستخبارات- أن بوتين يضع نصب عينيه تاريخ التاسع من مايو/أيار المقبل (ذكرى عيد النصر في روسيا) للاحتفال بانتصار من نوع ما في هذه الحرب. وذكرت المصادر ذاتها أن بوتين يستعد لحرب طويلة الأمد في أوكرانيا كما جرى في الشيشان. وفي اليوم ال39 من هذه الحرب، نشرت وزارة الدفاع الأوكرانية صورا قالت إنها من بلدة بوتشا (شمال غربي كييف) تُظهر جثثا متناثرة في الشوارع، متهمة القوات الروسية التي كانت تسيطر على البلدة بتنفيذ إعدامات بين السكان. ولم تعلق روسيا حتى الآن علنا على هذه الاتهامات، ونفت مرارا اتهامات أوكرانية بأنها تستهدف المدنيين. وشبهت الوزارة الوضع في بوتشا بما جرى في سربرينيتسا البوسنية التي قتل فيها الآلاف خلال الحرب في منتصف التسعينيات. وأظهرت صور حجم الدمار الذي شهدته بوتشا التي استعادت القوات الأوكرانية السيطرة عليها مؤخرا. وكان رئيس بلدية بوتشا أناتولي فيدوروك قال إن 300 من السكان قتلوا خلال الحرب الروسية المستمرة منذ أكثر من شهر. وعُثر اليوم الأحد على 57 جثة في مقبرة جماعية، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول الإغاثة المحلي سيرهي كابليتشني. كما أظهرت صورٌ حجم الدمار الذي شهده مطار أنتونوف (قرب كييف) والذي استعادت القوات الأوكرانية السيطرة عليه أيضا. ودعا رئيس الوزراء الأوكراني شركاء بلاده لفرض مزيد من العقوبات على روسيا، "بعد أن أظهرت جرائمها وجهها الحقيقي"، على حد قوله. مزيد من العقوبات وكان وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا قد اتهم القوات الروسية بتعمد ارتكاب مذبحة في بوتشا، وفق تعبيره. وقال، في تغريدة، إن ما جرى في بوتشا يهدف إلى القضاء على أكبر عدد ممكن من الأوكرانيين. وطالب كوليبا مجموعة دول السبع بحظر المواد البترولية الروسية، وإغلاق جميع الموانئ أمام سفن روسيا وبضائعها، وفصل بنوكها عن نظام سويفت. وكان نائب وزير الدفاع الأوكراني أعلن أن القوات الأوكرانية استعادت السيطرة على كامل منطقة كييف. ونشرت وسائل إعلام أوكرانية صورا قالت إنها لآليات عسكرية روسية مدمرة على إحدى ضفتي نهر إربين، في ضواحي كييف. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن قوات بلاده تواصل استعادة مناطق كانت تحت سيطرة الجيش الروسي في ضواحي كييف ومدينة تشيرنيهيف. وأضاف زيلينسكي، في كلمة مسجلة، أن جيش بلاده يواصل المقاومة، ويوجه ضربات للجيش الروسي، على حد تعبيره. سياسيا، أعرب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل عن صدمته مما وصفها ب"مشاهد القتل والفظاعات" التي ارتكبها الجيش الروسي في المناطق التي استعادتها السلطات الأوكرانية. وقال ميشيل إن الاتحاد سيساعد المنظمات الحقوقية وأوكرانيا في جمع الأدلة اللازمة لتقديمها للمحاكم الدولية، مضيفا أن الاتحاد سيقدم مزيدا من الدعم لأوكرانيا، وسيفرض مزيدا من العقوبات على روسيا. من جهته، قال مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن دول الاتحاد "مصدومة مما يرد من أنباء عن الفظائع التي ارتكبتها القوات الروسية في أوكرانيا"، مؤكدا أن الاتحاد سيساعد في توثيق جرائم الحرب. محاكمة المسؤولين بدورها، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن المشاهد الواردة من بوتشا لا تطاق، وإن "عنف بوتين المتفشي لا يعرف حدودا"، حسب تعبيرها. واستنكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الصور "التي لا تُحتمل" من مدينة بوتشا، مشددا على ضرورة "أن تُحاسب السلطات الروسية على جرائم" قتل المدنيين. وكتب ماكرون على تويتر "في الشوارع، قُتل مئات المدنيين بجُبن". كما قال وزير الشؤون الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان اليوم الأحد إنه يدين بشدة ما وصفها "بالانتهاكات الجسيمة" التي ارتكبتها القوات الروسية في أوكرانيا في الأسابيع القليلة الماضية. وأشار لودريان بالأخص إلى بلدة بوتشا، قائلا في بيان إن مثل هذه الانتهاكات من شأنها أن تشكل جرائم حرب، وأن فرنسا ستعمل مع السلطات الأوكرانية والمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة المسؤولين عنها. كما أبدت وزيرة الخارجية الأسترالية ماريز باين صدمة بلادها لسماع روايات عن الجرائم التي ارتكبتها القوات الروسية في أوكرانيا، ودعت موسكو إلى تحمل مسؤولية تصرفات قواتها. من جهتها، دعت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس إلى التحقيق في ما وصفتها "بالهجمات العشوائية على المدنيين الأبرياء خلال ما سمته الغزو الروسي غير القانوني وغير المبرر لأوكرانيا"، بوصفها جرائم حرب. وقالت إنه مع إجبار القوات الروسية على التراجع، تتزايد الأدلة على ارتكاب أعمال مروعة من قبل "القوات الغازية" في مدن مثل إربين وبوتشا. وأكدت تروس أنه لن يُسمح لروسيا بالتستر على تورطها في هذه الفظائع، وفق تعبيرها، وإن المملكة المتحدة ستضمن كشف حقيقة تصرفاتها. وأوضحت أن لندن ستدعم بشكل كامل أي تحقيقات تجريها المحكمة الجنائية الدولية. وشددت على أنه من الضروري أن يواصل المجتمع الدولي تزويد أوكرانيا بالدعم الإنساني والعسكري الذي تحتاجه، مع زيادة العقوبات لقطع التمويل عن آلة بوتين الحربية، وفق قولها.