نظمت رئاسة النيابة العامة بشراكة مع الاتحاد الأوروبي، أمس الخميس، بمدينة مراكش حفلا لإطلاق الدليل العملي لمسطرة تسليم المجرمين بمدينة مراكش. وترأس هذا الحفل رئيس النيابة العامة بحضور السيد وزير العدل وممثلين لمجموعة من المتدخلين المعنيين بهذه الآلية من آليات التعاون القضائي الدولي لا سيما وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج والمديرية العامة للأمن الوطني والقيادة العليا للدرك الملكي. ويأتي هذا الدليل، حسب بلاغ لرئاسة النيابة العامة، في إطار جهود رئاسة النيابة العامة للرفع من قدرات أعضائها في مجال محاربة الجريمة المنظمة ومنع الإفلات من العقاب وتتبع الجناة الفارين من العدالة، وتكريسا لالتزامات المملكة المغربية الموقعة على مجموعة من الاتفاقيات الدولية والإقليمية والثنائية التي تهم آلية تسليم المجرمين. ومن أجل تيسير وتوحيد عمل قضاة النيابة العامة لمعالجة مساطر تسليم المجرمين وقال الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، في كلمة له بالمناسبة، إن مسطرة تسليم المجرمين تعد من أقدم أشكال التعاون الدولي وأكثرها حزمًا في مجال العدالة الجنائية، ومعلوم أن عمليات التسليم تكون غالبا معقدة ومركبة، بفعل المتطلبات القانونية والتقنية المختلفة المتعلقة بها، والتي تفرضها القوانين الداخلية للدول أو الاتفاقيات الثنائية أو الإقليمية أو الدولية. وهو ما يتطلب الإلمام بقوانين التسليم والاتفاقيات الدولية المنظمة له، وضبط إجراءاته، واحترام الآجال المقررة له. ذلك أن عدم مراعاة تلك المساطر، يضيف الداكي، يؤدي إلى رفض طلبات التسليم أو يؤدي إلى إطالة آماد البت فيها، الشيء الذي يضر بالسير السليم للعدالة الجنائية، وهو ما يدعو إلى تكوين وتحسيس الجهات القضائية والإدارية المكلفة بتدبير قضايا التسليم على مساطره كما يحددها القانون الوطني والاتفاقيات الدولية ذات الصلة. ولتحقيق هذه الغاية، يقول المسؤول القضائي، فإن رئاسة النيابة العامة كمؤسسة قضائية، أخدت على عاتقها اعتماد وتفعيل استراتيجية تواصلية ومقاربة منفتحة قوامها نسج علاقات متينة مع السلطات القضائية الأجنبية والمؤسسات والمنظمات الدولية الرسمية وغير الرسمية، والتي تعنى بموضوع العدالة والقانون، الأمر الذي يمكن من خلق روابط تخدم سياسة مكافحة الجريمة بشكل عام والجريمة المنظمة والعابرة للحدود بكل أشكالها. واسترسل الداكي، أن رئاسة النيابة العامة، جعلت من أولوياتها توفير تكوين عالي الجودة لقضاة النيابة العامة بشأن آليات التعاون القضائي الدولي بشكل عام وبشأن مسطرة تسليم المجرمين وباقي الآليات المرتبطة بها بشكل خاص، وذلك من خلال إشراكهم في عدة ندوات ومؤتمرات وأيام دراسية، يؤطرها عادة خبراء مختصون. ويهدف الدليل المذكور، حسب المتحدث ذاته، إلى تيسير وتوحيد العمل بالنيابات العامة بهذا الخصوص ويتوخى من خلال محاوره الخمسة بيان مختلف المواضيع ذات الصلة بتسليم المجرمين، كالأوامر الدولية بالبحث وإلقاء القبض، وطلبات الاعتقال المؤقت مرورا بتعريفها وصولا إلى شروطها وكيفيات تنفيذها. كما يوضح الدليل أيضا ذلك في قالب مبسط الشروط الشكلية والموضوعية لطلبات التسليم الصادرة عن السلطات القضائية المغربية أو الواردة عليها من السلطات القضائية الأجنبية، ويطرح بعض الإشكاليات العملية التي تعترض هذه الطلبات مقترحا حلولا لها، كما يعالج بعض الطلبات الخاصة التي ترد أثناء معالجة مسطرة التسليم، كالتسليم المؤقت وتمديد مفعول طلب التسليم أو طلب العبور، وفضلا عن ذلك يوضح دور الشكاية الرسمية في منع إفلات بعض الجناة من العقاب خاصة في الأحوال التي لا يمكن تسليمهم فيها ، مع بيان الشروط الشكلية والموضوعية التي تتطلبها.