جرى، اليوم الخميس بمدينة مراكش، إطلاق الدليل العملي لقضاة النيابة العامة لمسطرة تسليم المجرمين، وذلك خلال حفل نظمته رئاسة النيابة العامة بشراكة مع الاتحاد الأوروبي. ويرمي هذا الدليل إلى توفير المعلومات الحقوقية والقانونية المتعلقة بمسطرة تسليم المجرمين، ويتوخى من خلال محاوره الخمسة بيان مختلف المواضيع ذات الصلة بتسليم المجرمين، كالأوامر الدولية بالبحث وإلقاء القبض، وطلبات الاعتقال المؤقت مرورا بتعريفها وصولا إلى شروطها وكيفيات تنفيذها. ويوضح الدليل، الشروط الشكلية والموضوعية لطلبات التسليم الصادرة عن السلطات القضائية المغربية أو الواردة عليها من السلطات القضائية الأجنبية، ويطرح بعض الإشكاليات العملية التي تعترض هذه الطلبات مقترحا حلولا لها، كما يعالج بعض الطلبات الخاصة التي ترد أثناء معالجة مسطرة التسليم، كالتسليم المؤقت وتمديد مفعول طلب التسليم أو طلب العبور، وفضلا عن ذلك يوضح دور الشكاية الرسمية في منع إفلات بعض الجناة من العقاب خاصة في الأحوال التي لا يمكن تسليمهم فيها، مع بيان الشروط الشكلية والموضوعية التي تتطلبها. ويأتي هذا الدليل في إطار جهود رئاسة النيابة العامة للرفع من قدرات أعضائها في مجال محاربة الجريمة المنظمة ومنع الإفلات من العقاب وتتبع الجناة الفارين من العدالة، وتكريسا لالتزامات المملكة المغربية الموقعة على مجموعة من الاتفاقيات الدولية والإقليمية والثنائية التي تهم آلية تسليم المجرمين. ومن أجل تيسير وتوحيد عمل قضاة النيابة العامة لمعالجة مساطر تسليم المجرمين. وحضر هذا الحفل الذي ترأسه الحسن الداكي الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، كل من وزير العدل وممثلين لمجموعة من المتدخلين المعنيين بهذه الآلية من آليات التعاون القضائي الدولي لا سيما وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج والمديرية العامة للأمن الوطني والقيادة العليا للدرك الملكي. وفي كلمته الافتتاحية، أكد الحسن الداكي الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، أن مسطرة تسليم المجرمين تعد من أقدم أشكال التعاون الدولي وأكثرها حزما في مجال العدالة الجنائية، مشيرا الى أن عمليات التسليم تكون غالبا معقدة ومركبة، بفعل المتطلبات القانونية والتقنية المختلفة المتعلقة بها، والتي تفرضها القوانين الداخلية للدول أو الاتفاقيات الثنائية أو الإقليمية أو الدولية. وفي هدا الإطار، أوضح الداكي أن رئاسة النيابة العامة كمؤسسة قضائية، أخدت على عاتقها اعتماد وتفعيل إستراتيجية تواصلية ومقاربة منفتحة قوامها نسج علاقات متينة مع السلطات القضائية الأجنبية والمؤسسات والمنظمات الدولية الرسمية وغير الرسمية، والتي تعنى بموضوع العدالة والقانون، الأمر الذي يمكن من خلق روابط تخدم سياسة مكافحة الجريمة بشكل عام والجريمة المنظمة والعابرة للحدود بكل أشكالها. وأشار الداكي إلى انخراط المملكة المغربية في المجهودات الدولية من أجل محاصرة الجريمة وضمان عدم الإفلات من العقاب، من خلال المصادقة على مختلف الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بتقوية آليات العدالة الجنائية، وإبرام عدد من اتفاقيات التعاون القضائي الثنائية في الميدان الجنائي من أجل تبادل المساعدة القضائية وتسليم المجرمين ونقل المعتقلين وغيرها من آليات التعاون القضائي الدولي. وأكد أن المغرب اعتمد تجارب ناجحة لتسهيل وتتبع تنفيذ الاتفاقيات الثنائية مع الدول لتعزيز التعاون القضائي كمؤسسة قاضي الاتصال أو شبكات التعاون القضائي الموضوعاتية كالشبكة الرباعية الذي تنخرط فيها النيابة العامة المكلفة بقضايا الإرهاب ببلادنا إلى جانب النيابات العامة المعنية بكل من فرنسا واسبانيا وبلجيكا. وخلص إلى القول إن التعاون القضائي في الميدان الجنائي يعتبر وجها من أوجه العلاقات الدولية، يستهدف مكافحة الجريمة التي تعد اليوم من أكبر التحديات التي تواجه أجهزة العدالة الجنائية بسبب تفشي نشاط الشبكات الإجرامية واستغلالها لتطور وسائل الاتصال والمواصلات والتكنولوجيا الحديثة. وبالموازاة مع إطلاق الدليل السالف ذكره، نظمت رئاسة النيابة العامة دورة تكوينية حول موضوع '' إجراءات تسليم المجرمين بين القانون و والاتفاقيات الدولية''، من أجل تمكين المشاركين فيها من قضاة النيابة العامة وغيرهم من التعرف على آلية تسليم المجرمين، ومعالجة بعض الحالات الخاصة وكيفية التعامل معها كتأجيل التسليم وطلبات العبور وتقديم الضمانات والتعهدات. وأشرف على تأطير هذه الندوة علميا عدد من الخبراء رفيعي المستوى من قضاة النيابة العامة بالمملكة المغربية وخبراء من وزارة العدل ومن المديرية العامة للأمن الوطني، بالإضافة إلى خبراء من الاتحاد الأوربي وقضاة الاتصال المغاربة والأجانب. وشكلت هذه الدورة التكوينية، المنظمة على مدى يومين، فرصة للتعرف على الاجتهادات القضائية لمحكمة النقض في مادة تسليم المجرمين، وبعض الممارسات الفضلى الأوروبية في المجال.