لاقى إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعيين منصف السلاوي الخبير البيولوجي ذو الأصول المغربية، على رأس لجنة لتطوير لقاح ضد فيروس كورونا، اهتماما إعلاميا دوليا كبيرا، كما رصدته « القناة »، حيث سنورد هنا ما كتبته الBBC البريطانية في هذا الموضوع. وبتسلمه منصبه الجديد، تقول الصحيفة البريطانية، سيبدأ السلاوي أصعب مرحلة في مساره العلمي، حيث اعتبر السلاوي أن مهة إيجاد لقاح لفيروس كورونا ستكون صعبة، لكنه أكد أن الاختبارات الأخيرة تبشر بنتائج جيدة. وأوضح في خطابه الذي ألقاه في البيت الأبيض: « لقد اطلعت في الآونة الأخيرة على بيانات مبكرة من تجربة سريرية لإيجاد اللقاح. وقد منحتني المزيد من الثقة بأننا سنتمكن من تقديم بضع مئات من الجرعات بحلول نهاية عام 2020 » . كيف تم اختياره؟ وحول دواعي اختيار السلاوي، كشفت الصحيفة أن تعيينه يأتي خلفا للمدير السابق لهيئة البحث والتطوير الطبي الحيوي، ريك برايت، الذي عزله ترامب في أبريل الماضي، عقب معارضته استخدام دواء « الهيدروكسي كلوروكين » في علاج مرضى كورونا. وكان برايت قد حذر مما وصفه ب »الشتاء الأكثر ظلمة بالتاريخ الأمريكي المعاصر بسبب سلبية الإدارة في التعامل مع فيروس كورونا » خاصة في المراحل المبكرة من تفشيه. ومنذ عزل برايت سعت الإدارة الأمريكية، إلى إيجاد شخصية علمية ذات خبرة في الإدارة للإشراف على فريق حكومي واسع للتسريع في التوصل للقاح فعال ضد كورونا. وضمت القائمة الأولية للمرشحين للمنصب العديد من الشخصيات بالإضافة إلى السلاوي من بينها الجزائري إلياس الزرهوني الرئيس السابق للمعاهد الوطنية للصحة في عهد الرئيس جورج بوش، وآرت ليفينسون الرئيس التنفيذي ل »كاليكو ». وقد وقع الاختيار على السلاوي بعد مقابلة أجراها مع وزيرة الصحة الأمريكية وخبيرة الفيروسات التاجية في البيت الأبيض، ديبورا بيركيس، بالإضافة لكبير مستشاري ترامب جاريد كوشنر، بحسب صحيفة بوليتيكو. العوامل التي أهلت السلاوي لنيل ثقة الإدارة الأمريكية؟ واعتبرت الBBC أن السلاوي يضم مسيرة علمية حافلة، موردة سيرته الذاتية منذ أن غادر السلاوي، المولود في مدينة أكادير، المغرب لدراسة الطب في فرنسا إثر حصوله على شهادة البكالوريا. ولكنه استقر في بلجيكا حيث عكف على دراسة البيولوجيا الجزئية، وحصل هناك على الدكتوراةمن جامعة « ليبر دو بروكسل ». وبعد سنوات اتجه السلاوي إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ليصبح أستاذا في جامعة هارفارد ثم في جامعة تافتس ببوسطن. كما يشغل السلاوي حاليا منصبا استشاريا في جامعة حمد بن خليفة القطرية، التي نشرت لمحة عن سيرته الذاتية. وفي غضون 15 سنة، شارك العالم المغربي في تطوير لقاحات للوقاية من سرطان عنق الرحم والتهابات المعدة والأمعاء، والملاريا. وبين عامي 2015 و2017، ساهم السلاوي في اكتشاف 24 لقاحا لفيروسات متطورة بما في ذلك لقاح لفيروس إيبولا. وقد حظيت جميعها بموافقة إدارة الصحة والأغذية الأمريكية. كما تعاون مع شركة « فيرلي » أحد فروع شركة « ألفابيت »، التابعة لغوغل، على صنع رقائق إلكترونية قابلة للزرع في الدماغ لعلاج الاضطرابات العصبية. ومنذ تكليفه من قبل إدارة ترامب، تعالت التحذيرات المتعلقة بتضارب المصالح خاصة أن السلاوي يشغل مناصب هامة في شركات طبية عالمية. ومن أهمها شركة « موديرنا » التي تعد من أولى الشركات التي قامت بإجراء تجارب سريرية لإيجاد لقاح لفيروس كورونا. علاوة على ذلك ترأس السلاوي في السابق قسم اللقاحات في شركة « غلاسكو سميث كلاين »، وهي شركة أدوية بريطانية عالمية. نقاش حول السلاوي وتطرق تقرير الBBC إلى تعبيرمدونين وأطباء عن فخرهم بكفاءة مثل السلاوي، مقابل ما دعا إليه آخرون من وضع حد لما سموها ب « عملية استنزاف العقول ». واحتدم النقاش عقب انتشار تدوينة للخبير المغربي في علم الفيروسات، كمال المسعودي تحدث فيها عن خيبة الأمل التي تعرض لها السلاوي إثر عودته للمغرب قبل سنوات لإفادة بلده الأم بعلمه. وقال المسعودي في تدوينته الطويلة، التي عنوانها « على مسؤوليتي »: « إن السلاوي اقترح على إحدى الجامعات المغربية تقديم محاضرة في اختصاصه مجانا، فوافقت بادئ الأمر ثم قامت بإلغاء المحاضرة وتجاهل طلبه ليقرر بعدها العمل في المهجر ». لاقت التدوينة تفاعلا واسعا، إذ رأى كثيرون أنها لخصت واقع المفكرين والعلماء في الدول المغاربية والعربية عموما. وذكر مدونون أسماء لخبراء ومبدعين مغاربة لمعوا في الغرب كعالمة الفلك مريم شديد والدكتورة الشابة سارة بلالي، عضو الفريق الطبي الذي يقوده عالم الفيروسات الفرنسي ديدييه راوولت. هجرة العقول وراح آخرون يعددون الأسباب الكامنة وراء هجرة العقول، بحسب التقرير ذاته، فركز البعض على العوامل السياسية كأهم عامل طارد للعقول، ويقولون إن فساد الأنظمة وسياساتها القمعية تدفع بالعقول العربية نحو الهجرة الطوعية. في حين أرجع آخرون الأمر إلى عوامل اجتماعية واقتصادية لافتين إلى أن الرفاه المادي والتحرر الذي تتميز به المجتمعات الغربية يعد عنصر جذب للطاقات البشرية. وفي تصريحات صحفية عام 2019، قال وزير التربية والتعليم العالي في المغرب، سعيد أمزازي، إن أكثر من 600 مهندس مغربي يغادرون بلدهم كل عام، ما يعادل رقم جميع خريجي أربعة مدارس عليا للهندسة في المغرب خلال عام واحد. كما كشفت دراسة لجامعة الدول العربية عام 2018، أن هناك حوالي 50 ألف طالب مغربي يدرسون في الخارج وحوالي 200 ألف خبير مغربي في مجالات مختلفة، اختاروا العمل خارج بلدهم. وبينت دراسة أجراها موقع Recruit للتوظيف على الإنترنت، أن 91٪ من الخريجين المغاربة يحلمون بمغادرة البلاد وإيجاد فرص عمل في الخارج.