أعرب المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية عن قلقه العميق إزاء الأحداث الصادمة التي شهدتها مدينة الفنيدق، حيث حاول آلاف الشباب والقاصرين، مغاربة ومن جنسيات أخرى، الهجرة الجماعية عبر معبر سبتةالمحتلة. وأشار حزب التقدم والاشتراكية في تصريح توصلت به جريدة "العمق" إلى أن ما ينبغي التركيز عليه هو تلك "الرغبة العارمة التي باتت تسكن عددًا كبيرًا من شبابنا في مغادرة بلادهم ولو نحو آفاق غامضة، فقط انطلاقًا من رفض واقعهم المتسم بكثيرٍ من المعاناة وانسداد الآفاق". ولفت المكتب السياسي إلى أهمية الدور الذي قامت به السلطات الأمنية المغربية في التصدي لهذه المحاولات، معتبرًا أن هذه الواقعة تمثل "مساءلة حقيقية" للسياسات العمومية المتبعة في البلاد، مضيفا أن هذه الأحداث تطرح تساؤلات حول مدى نجاح هذه السياسات في إدماج الشباب وتمكينهم من الانخراط في المسار التنموي الوطني. وفي هذا السياق، سلط الحزب الضوء على التحدي الأكبر المتمثل في رغبة الشباب المتزايدة في مغادرة بلادهم بحثًا عن آفاق غامضة، تعبيرًا عن رفضهم للواقع الذي يعانون منه، والذي يتميز بانسداد الفرص وصعوبة التكيف مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وأكد الحزب أن المغرب، رغم الإنجازات التي حققها في مختلف المجالات، لا يزال بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتوفير شروط العيش الكريم لجميع المواطنين. ودعا إلى استعادة الثقة بين الشباب والمؤسسات، وتعزيز فضاءات الحريات والديمقراطية، وتصحيح المسار الاقتصادي، وتوسيع فرص الشغل، وتحسين جودة التعليم والنظام الصحي، وتعزيز العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات. وأشار الحزب إلى أن هذه المبادئ تمثل جوهر مشروعه السياسي الذي يتقاطع مع توجهات النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إليه الملك محمد السادس. ورغم تحقيق بعض المكتسبات، إلا أن الحزب أكد أن النقائص العميقة لا تزال قائمة، بما في ذلك تفاقم الفوارق المجالية وبقاء ملايين المواطنين على هامش التنمية، وخاصة الشباب الذين يعانون من البطالة وعدم وجود فرص للتعليم أو التكوين. وشدد الحزب على ضرورة مراجعة السياسات الحكومية الحالية التي، وفقًا له، تتسم بالغياب السياسي والصمت تجاه معاناة المجتمع. ودعا إلى تفعيل إصلاحات اقتصادية واجتماعية جديدة تضمن إدماج جميع المواطنين في مسار التنمية، وتعزز الثقة والأمل في مستقبل البلاد. وكانت السلطات المغربية قد أحبطت محاولة جماعية كبيرة للهجرة نحو مدينة سبتةالمحتلة، شارك فيها آلاف الأشخاص. وأسفرت العملية الأمنية المكثفة، التي استمرت عدة أيام، عن توقيف أكثر من 4455 شخصًا، بينهم مغاربة وأجانب، بما في ذلك العديد من القاصرين. ووفقًا لمصادر مغربية تحدثت لوكالة الأنباء الإسبانية "إيفي"، فقد جرت العملية الأمنية بين 11 و16 شتنبر، وكشفت عن محاولات متكررة للوصول إلى سبتة بشكل غير قانوني، معظمها من مغاربة. وأفادت نفس المصادر أن العمليات الأمنية أسفرت عن توقيف 3795 مغربيًا بالغًا، و141 قاصرًا، و519 أجنبيًا، بينما تم وضع 70 شخصًا قيد الحراسة النظرية للاشتباه في تورطهم في تنظيم عمليات الهجرة غير الشرعية من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والجزائر.