شهدت المدرسة العليا للتكنولوجيا بالدار البيضاء، السبت الماضي، حدثًا لافتًا أثار جدلاً واسعًا، حيث رفض عميد كلية العلوم بن امسيك، تكريم طالبة متفوقة خلال حفل توزيع الجوائز، مبررًا ذلك بأنها تعبر عن موقف سياسي بارتدائها الكوفية الفلسطينية تضامنًا مع الشعب الفلسطيني. هذا التصرف أثار استياءً واسعًا لدى جميع الحاضرين، قبل أن ينتقل الغضب إلى مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة وأن الحفل تزامن مع مجزرة مروعة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم خان يونس بغزة، أسفرت عن سقوط أكثر من 90 شهيدًا و300 جريح، نصفهم من الأطفال والنساء. وعبّر الحاضرون، من أساتذة وموظفين وطلبة ومدعوين، عن رفضهم الشديد لسلوك العميد، معتبرين تصرفه غير مسؤول ويتعارض مع الموقف المغربي الداعم للقضية الفلسطينية، مما اضطر العميد إلى مغادرة حفل توزيع الجوائز. وأصدر مكتب الفرع المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بيانًا عبّر فيه عن "استنكاره الشديد للسلوك الأرعن لعميد كلية العلوم ابن امسيك"، معلنًا تضامنه اللامشروط مع الطالبة المتفوقة التي تعرضت للاستفزاز. وأكد البيان أن حمل الكوفية الفلسطينية يُعتبر مفخرة للطالبة ولذويها تنضاف إلى تفوقها الدراسي، داعيًا إلى "اتخاذ موقف حازم تجاه هذا السلوك الشاذ من قبل عميد كلية العلوم". وفي ذات السياق، وعلى النقيض مما فعله العميد، ظهر عدد من أساتذة القانون البارزين، بكل من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، يرتدون الكوفية والعلم الفلسطيني إلى جانبهم، خلال مناقشات أطروحات ورسائل جامعية. "انبطاح المثقفين" في هذا الصدد، استنكر عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، رفض عميد كلية العلوم ابن امسيك، تسليم جائزة التفوق لطالبة خلال حفل تخرج طلبة المدرسة العليا للتكنولوجيا بالدار البيضاء، بسبب ارتدائها للكوفية الفلسطينية. وقال بوانو خلال الاجتماع الأسبوعي للمجموعة، إن "هذا السلوك سيبقى وصمة عار في جبين هذا المسؤول، متسائلًا عن السر في التصرف الذي قام به، وما إذا كان يتعلق بموقف من القضية الفلسطينية التي يدعمها المغاربة منذ بدايتها، وسبق للملك الذي يرأس لجنة القدس أن اعتبرها بمكانة القضية الوطنية، أم أن الأمر له علاقة بخوف ليس له مبرر". وأوضح بوانو أن سلوك عميد كلية العلوم بابن امسيك، "يعكس انبطاح عدد من المحسوبين على المثقفين والنخبة الأكاديمية، أمام التطبيع مع الكيان الصهيوني"، مشيرًا إلى أن "هؤلاء وغيرهم من المهرولين نحو التطبيع، لم يقرؤوا جيدًا بلاغ الديوان الملكي الذي صدر عقب التوقيع على الإعلان الثلاثي، والذي حدد مجالات استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل، وحدد سقفها". وفي السياق ذاته، اعتبر أن "الزيارة التي قام بها بعض "الصبية" المغاربة إلى إسرائيل في وقت يواصل فيه جيشها المجازر في غزة، تهدف إلى خلق الفتنة بين المغاربة، والتشويش على تصاعد فعاليات التضامن والدعم التي يقوم بها الشعب المغرب إزاء الشعب الفلسطيني". الحرم الجامعي من جانبه، شدد رئيس الاتحاد العام لطلبة المغرب، محمد بنساسي، على أن الحرم الجامعي هو فضاء للطلاب للتعبير عن آرائهم وتوجهاتهم ومواقفهم، ولا يحق لأي كان أن يمنعهم من ذلك، مؤكدا أن الكوفية هي رمز يجسد مواقف سياسية وأنه لمن الغريب أن يحدث هذا في الجامعة المغربية التي ظلت دائمًا مساندة للقضية الفلسطينية. وأشار بنساسي، في تصريح لجريدة "العمق"، إلى أن التضامن مع الشعب الفلسطيني لم يعد مقتصرًا على الجامعات العربية والإسلامية بل امتد إلى كبرى الجامعات العالمية، حتى تلك التي تدعم رسميًا إسرائيل، كالولايات المتحدةالأمريكية وغيرها، واصفا تصرف العميد بأنه تقدير خاطئ غير محسوب، لا يتماشى مع موقف الدولة والشعب المغربي، وليس له سند قانوني أو توجيه ذي صلة بالمهنة، معتبرًا أنه ربما كان قراءة شخصية خاطئة للتطبيع الرسمي للدولة المخدوم دبلوماسيا. ولفت المتحدث إلى أن هناك تراجعًا كبيرًا في الحراك الطلابي بشكل عام في المغرب، لا سيما في بعض المدن والمعاهد الخاصة والكليات ذات الاستقطاب المحدود، مبرزا أنه كلما تراجع الحراك الطلابي، تقلص مجال الحرية في الجامعة، وزاد التضييق من قبل عدد من العمداء ومجالس الكليات، وفق تعبيره.