ماذا يحدث في بلادي؟؟؟ بلادي بلاد المليون مظاهرة و أخشى عليها من آثار قمع المظاهرات السلمية. تهمنا، كمواطنين مواجهة من يشككون في قدرة أبناء بلادي على التظاهر العلني أمام المؤسسات التشريعية و التنفيذية. نريد أن نؤكد لهم أن التظاهر السلمي جزء من ثقافة وطنية مغربية ضد بعض السياسات العمومية، وضد من يتخيل أنه يمتلك الحقيقية المطلقة في قطاع إجتماعي كبير جدا، و كبيرة آثاره على المواطنين. كنت ممن ينكرون على بعض المتظاهرين بعض التصرفات إتجاه قوات الأمن، و لا زلت كغيري مصرا على الإلتزام بالأساليب الحضارية في التعبير عن جميع المطالب. و اليوم أصبحت من المستنكرين لتعامل بعض قوات الأمن مع تظاهرات، مطالب المشاركين فيها مشروعة جدا. قاذفات مياه تستهدف متظاهرين لا يطلبون سوى عدل و تنظيم قطاع و حقوقا أقرها الدستور. ماذا تريدون من طلبة الطب و من العاملين في قطاع الصحة. استغربت للطرق التي استعملت لاعتقال بعض المتظاهرين و ادخالهم إلى سيارات الأمن. المسألة لا علاقة لها بضمان الأمن لأن المتظاهرين لا يشكلون خطرا على الأمن العام كذلك الذي يشكله بعض جمهور كرة القدم على سبيل المثال. المتظاهرون لا يرغبون في مواجهة جهاز أمني، و لكن يريدون إيصال صوتهم إلى حكومة تعتبر كل معارض لها عدوا و لو كان تعبيره سلميا. قرأت كل بلاغات النقابات و شهدت على اجماعها من أجل نظام صحي يتوافق مع التوجيهات الملكية في موضوع التغطية الإجتماعية و تطوير الخدمات الصحية. تصورت للحظة لقاءا بين عنصر أمن يعنف طبيبا أو مهني صحة في مستشفى. هل سيؤثر العنف السابق في ساحة باب الأحد على مستوى الإهتمام بالخدمة الصحية المفروضة ام سيجد الحقد سبيلا للتأثير على علاقة بين موظفين متواضعين وجدا في ساحة عنف اضرت بطرف منهما. لن انتصر لأحد لسبب واحد. هذا السبب هو الزج بمجتمعنا في مستنقع القمع لمجرد تظاهر من أجل حق و رغبة في تطوير خدمات صحية لكافة المواطنين. وضع صاحب الجلالة الملك محمد السادس نظاما للتغطية الصحية و الإجتماعية و حرص على تنزيله . و تم رصد المليارات لتنفيذ ورش التغطية الصحية. و لا زال الوضع على ما هو عليه. من له القدرة على الدفع المالي المسبق يستفيد من كل الخدمات. أما صاحب الجيب الفارغ، فعليه اللجوء إلى المستشفى العمومي و إنتظار موعد بعد شهور و استحاله حقيقية لإجراء تحليل أو أشعة. صرخ طبيب، صرخ ممرض و مساعدة صحية فخرجا إلى الشارع للتظاهر السلمي. فكان الموعد مع قمع مظاهرة و اعتقال. و ظل المسؤول السياسي يتفرج على مواجهة بين موظفين أغلبهم يواجهون نفس المشاكل. السلم الإجتماعي مهم جدا يا من تتجاهلون أهمية السلم الإجتماعي. و هذا السلم و الإستقرار الذي تنعم به بلادنا لا يعني ابدا غياب التعبير عن المطالب الإجتماعية و السعي إلى حماية حقوق الشغيلة الصحية. كثيرة هي مظاهر الخوف من تردي الخدمات الصحية، و كثيرة كذلك ممارسات غير مهنية يقوم بها بعض من الاطر الصحية، و من بينها العمل خلسة في بعض المصحات على حساب أداء الواجب المهني. يجب أن ينصف من يؤدي واجبه المهني بالتزام إنساني و مهني و أخلاقي. و يجب كذلك أن تنصت الحكومة إلى الصوت الواحد و الموحد الذي تعبر به كل النقابات عن حقوق الشغيلة. المظاهرات همت ربوع الوطن و الواجب يقتضي أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها و تعي بالدور الذي تقوم به مختلف مكونات الجسم الطبي ببلادنا. نعيش لحظات تاريخية في مجال تحول مقبل للتجهيزات و الاستثمارات الصحية، و نشهد عزم السلطات العليا على تغيير شامل للمنظومة الصحية. و لكننا نلاحظ، في نفس الوقت، بطئا حكوميا في تنزيل الإصلاح المنشود. أوصى تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد على تطوير الخدمات الصحية مع دعم و إصلاح الخدمات الصحية التعاضدية كفاعل في الإقتصاد الإجتماعي التضامني. و لا زال هذا القطاع يرزح تحت وطأة إرادة تريد تقليص ادواره التاريخية و محاولة تشجيع القطاع الخاص للسيطرة على التأمين التكميلي عن المرض. أصبح من اللازم فتح حوار كبير حول مستقبل قطاع الصحة ببلادنا عبر مناظرة وطنية ثالثة للتفاهم مع كل الفاعلين في الميدان حول آليات تطوير الخدمات الصحية و التكوين و حماية دور المستشفى العمومي و دعم العاملين بهذا القطاع و الحد من نزيف هجرة الأطباء و الممرضين المغاربة إلى أوروبا. و لكل ما سبق وجب التعامل مع مظاهرات مطلبية بكثير من الهدوء.