هل المال يحقق السعادة؟ وهل السعادة لها ثمن؟ حتى الآن، بقيت هذه الاسئلة دون إجابة مؤكدة ومقنعة على الرغم من اشتغال عدد كبير من المختصين والعلماء على فك رموزها السرية، ولكن دون جدوى وانتهت كلها بالفشل. لأن مسألة ما إذا كان المال يشتري السعادة أم لا، ربما تكون مسألة غير واضحة خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بالتعاسة الصريحة. في الواقع الحالي، يرى الكثير أن المال يمكن أن يشتري السعادة المطلقة وهو الضامن لها ومن أهم أسبابها، والبعض الآخر على الرغم من قلتهم يرفض ذلك ويقول أن المال والجوانب المادية ليس لها علاقة بالسعادة في جوهرها. فمن خلال هذه المقالة، أحببت النظر إلى هذه المسألة من وجهة نظر أكثر اعتدالًا وشمولا ودراستها من جميع الجوانب. حقيقة أننا حلمنا جميعًا يومًا ما بالفوز وكسب ثروات مالية هامة، إلا أن مصير الناجحين غالبا لا يحسد عقباه، وذاك راجع لعدم تحقيق سعادتهم المطلقة رغم توفرهم على المال الكثير"أي سعادة محدودة الوقت والزمن والاهداف". مما يجعلهم يخوضون في مسارات لا يحسدون عليها، فكيف نفسر هذه المفارقة الغريبة؟ كثير من الناس الأثرياء جدًا، غير سعداء في ضوء خصوصيتهم وصوتهم الداخلي، لأنهم يعرفون أن لديهم أشياء كثيرة، لكنهم يشعرون أن هناك شيئًا مفقودًا. شيء لا يمكن شراؤه بالمال، وقد تعتمد الإجابة على هذا السؤال على نظرة الشخص للثروة والأشياء المادية، وهذه النظرة تختلف من شخص لأخر. على سبيل المثال، نرى أشخاصًا مختلفين لديهم نفس القدر من الثروة ولكن لديهم أيضًا مشاعر مختلفة من الرضا ومستويات مختلفة من السعادة، وهذا راجع لاختلاف نفسياتهم وشخصياتهم والمواقف المختلفة لديهم. وحقيقة ثانية هي أن وجود مستوى معين من المال هو أمر ضروري في حياتنا لكنه ليس هو الشرط والعامل الوحيد الذي يحقق السعادة في الحياة لأن كثرته ليست شرطا أساسيا للشعور بالرضا والسعادة المطلقة والدائمة في الحياة. فالصحة والعافية مثلا أهم من المال. ونعلم جميعًا أن التعايش مع الصراعات المالية قد يفرض الكثير من الضغوطات النفسية والصراعات الشخصية والنفسية والعقلية. ولكن كل هذا يتوقف على مستوى وعينا وعقليتنا وافكارنا وسلوكيتنا وقناعاتنا وكيفية التعامل مع المواقف والأموال التي لدينا. أي لا يمكن القول أنه كلما زاد دخل الناس زاد الشعور بالسعادة والرضا بطريقة اوتوماتيكية. فالأطفال بفطرتهم هم سعداء بلا سبب بشرط توفرهم على الأمن والمحبة العائلية والقوت اليومي والاشياء الاخرى المعتدلة، في حين أن الافتقار إلى المرح والعلاقات الحميمية المناسبة رغم كثرة المال يمكن أن يثير مشاعر التعاسة لديهم. ولهذا أحببت مشاركتكم قصة ألهمتني عسى أن تكون درسا وجابا على مقالنا، وهي " قصة تعود لرجل فقير لكنه سعيد وقنوع بما لديه، وكان بجواره رجل ثري جدا، وفي يوم من الأيام نظر الرجل الثري للفلاح البسيط من الشرفة فتعجب من السعادة اليومية التي تغمره عندما تشاركه زوجته مأدبة الطعام بعد استراحة عمل شاق يومي، فتعجب الثري لحال هذا الفلاح البسيط، وخطر في باله الذهاب عند طبيبه النفساني من اجل إيجاد حل لعدم توفره على نفس سعادة التي لدى الفلاح على الرغم من الثروة الهائلة التي يتوفر عليها، فنصحه الطبيب أن هذا راجع للدوامة التي يعيشها بسبب حبه وتفكيره بالمال، لذا امره أن يضع صندوق مالي تحت ارض الفلاح مكتوب عليه 1000درهم بينما المبلغ الحقيقي في الصندوق هو 900درهم، وبالفعل نفذ الثري هذا الامر ولما عثر الفلاح البسيط على الصندوق توجه مسرعا عند زوجته ليخبرها عن الصندوق وعند فتحهما للصندوق وجدو فيه مبلغ 100 درهم ناقص، فضل الاثنين طوال اليوم حزينين وتائهين في البحث عن المبلغ المفقود دون الاقتناع بالمبلغ الموجود في الصندوق، فلما علم الثري بأمرهما وسبب حزنهما لحظتها تعجب وفهم درس الطبيب " فما أريد الإشارة إليه في هذا هو أن المال فعلا هو شيء ضروري في حياتنا، لكنه في كثير من الاحوال قد يُفقر وجودنا إذا أصبح محور اهتماماتنا. فإذا تمكنا من إيجاد نقطة التوازن، فسنكون قادرين على عيش حياة سعيدة مطلقة ودائمة. لأنه وبكل اختصار من يقول بأن السعادة مرتبطة بالمال فقط لما ضحك فقير ولا ابتسم جائع ولا سعد بائس ولما فرح وصرخ شخص كصرخة فقيد البصر من تصديات ياسين بونو لركلات الجزاء داخل الملاعب على الرغم من عجزه عن الرؤية. فالنتيجة التي يجب استخلاصها وهي: أن معظم السعداء هم من يستخلصون سعادتهم وراحة بالهم من مصادر متوازنة ومعتدلة وغير مكلفة، تجعلهم اقل توترا وخوفا من المستقبل، لأن المال صراحة هو جزء من السعادة وليس السعادة المطلقة لأنه إذا كان غير ذلك فلن تجد ثريا حزينا مريضا كبيرا في السن.