"Vitamine Non"، أصبح من الفيتامينات الضرورية التي يحتاجها الإنسان لأداء وظائفه الحيوية في الحياة، لهذا كفى من قول " نعم ووخا " الزائدة عندما نريد بصدقٍ أن نقول "لا"؟ خصوصا مع أبنائنا. حقيقة أن كلمة " لا " في بعض الأحيان تكون ثقيلة على اللسان وعلى سمع أبنائنا، رغم أنها تتكون من حرفين فقط، كما أنها ليست بالأمر والكلمة السهلة على سامعها، برغم كل العطف والحب الكبير الذي نكنه له، لأنها في بعض الأحيان تعرضنا للعديد من المشاكل والصعاب الحياتية معه، ممَّا تجعله يشعر في كثير من الاحيان اتجاهنا بالإحباط والغضب، خصوصا وأنه اذا ما اعتادا منا في كثير من الأمور سماع كلمة " نعم ووخا "، على الرغم من قساوتها وخطورتها علينا في بعض الأحيان، سواء كان ذلك على المستوى المادي أو المعنوي. لذلك تجد الإنسان منا كثيرا ما يحترس قبل الإسراع بالنطق بكلمة "لا"، رغم أن هناك مواقف مصيرية وضروريات في الحياة خصوصا لدى ابنائنا تستدعي منا أن نجمع الشجاعة ونقول كلمة "لا" دون خجل أو إحساس بذنب أو تعذيب ضمير، باعتبارها كلمة فصل قاطعة، قد تجنب سامعها العديد من المشاكل المستقبلية في الحياة لا قدر الله. بدل قولنا في العديد من المرات كلمة "نعم" من أجل الارضاء وعدم الحرمان من الشيء، هذه الكلمة الأخير الثلاثية الاحرف التي غالبا ما تكون مصدر بهجة وفرح لدى سامعها، لكن هي في الحقيقة كلمة ذو وجهين، يجب الاحتياط والحدر منها وعدم الائتمان لها، خصوصا اذا ما تكررت لدينا دون اقتناع ورغبة منا، فقط من أجل إرضاء سامعها، لأنها قد تؤدي بنا الى خسائر وفقدان أشياء لا قدر الله لا يحمد عقباها مستقبلا مع أبنائنا ومع من نحب، لذا فمن واجبنا في بعض المرات ارتداء زي الأنانية المعتدلة وتسليح جسمنا وقلبنا بتناول "فيتامين لا" وعدم البخل كذلك من أجل الاعتدال بين" كلمة لا ونعم" خصوصا مع من نحب فهو شيء سليم ومستحب في الحياة واستمرارها، بمعنى أنه لا يجب أن نحاول التركيز فقط على اسعاد الطرف الآخر على حساب قناعاتنا ومبادئنا والتزاماتنا المادية والعملية والصحية في الحياة، كما يجب أن نكون موضوعيين وصادقين معهم، لأنه من سابع المستحيلات أن يحبك كل الناس على الرغم من اسرافك في ارضائهم والاكثار من تلبية رغباتهم على حسابك، فهذه غاية لا تدرك، لذلك يجب أن نعود أنفسنا ومن نحب من أبنائنا على سماع وقول كلمة "لا" في وقتها المناسب وقولها بطريقة لا تترك للنزاع والشوشرة مكانا، حتى يتعود على سماعها وتلقيها بصدر رحب منذ نشأته، لأنه هو مستقبلنا ويمكن الاعتماد عليه لاحقا في تسيير وقيادة أمورنا وتلقين أجيالنا القادمة بقناعات واضحة المعالم، كما يجب علينا أن نحافظ على دبلوماسيتنا الصادقة والصريحة والهادفة للمصلحة العامة خصوصا مع أبنائنا، كما نفعل مع الاخرين ولنوظف كلمة " لا " و " نعم " في أوقاتها المناسبة، وكذلك الاوقات التي تستدعي ضرورة ذلك. لأن من لا يقدر كلمة "لا" في بعض الأحيان فمن الأجدر ألا نتعب أنفسنا على ارضائه بشتى الطرق ولو على حسابنا حتى ولو كان ممن نحب من أبنائنا. وأختم مقالي هذا بقصة تحمل الكثير من العبر والحب والاحترام والتقدير والعطف والقناعة والرضى بين الابن وبائه، لا ربما قد تكون عبرة وقدوة لجيلنا القادم " حيث يحكى أن شاب في مقتبل العمر كان مريض فدخلت عليه أمه وأبوه فقام وجلس وتأنق فكان في حال لابأس به، فلما خرجوا من عنده مطمئنين على صحته، سقط مغشيا عليه، فقيل له، بكل استغراب، كيف كنت معهم وما بك شيء، فما أصابك بعد مغادرتهم!، فأجاب أن أنين الأبناء قد يعذب قلوب الآباء والأمهات " انظروا مدى تفهم هذا الشاب حالة والديه وعدم رغبته في زيادة قلقهم وحزنهم عليه، نظرا لعلمه بكبر سنهم وظروفهم الصحية، وعلى الرغم من أن معاناته الصحية وقت لقائهم كانت تستدعي منه فعل عكس ما اظهره امامهم، وهذا عكس ما نلاحظه في أيامنا هاته من دلع زائد ودلال قاتل لأبنائنا وطلبات ورغبات متكررة، والتي لا تنتهي بدون مبرر مقنع على الرغم من احساسهم وعلمهم المسبق بظروفنا، لهذا التمس من أبنائنا وجيلنا القادم تقدير ظروف ابائهم وتقبلهم كلمة "لا ونعم" المعتدلة في بعض الظروف والأمور، لأن تقبلها بصدر رحب ستجعل نتائج طفولتنا ومجتمعاتنا القادمة تشهد تحسن و نقص من ضغوطات الحياة، وستمكننا من العيش السليم وبكل اريحية وصفاء مع من نحب.