علمت جريدة "العمق" أن مجموعة الجماعات الترابية "مراكش للنقل"، التي يترأسها سمير كودار، رئيس جهة مراكشآسفي، قررت تمديد عقود النقل العمومي بواسطة حافلات "ألزا" الإسبانية للنقل الحضري والشبه حضري حتى نهاية مارس 2025. وبررت "مراكش للنقل" قرار التمديد كل هذه المدة الإضافية، لكون المصالح المختصة بوزارة الداخلية، بصدد القيام بتنزيل نموذج جديد خاص بعقود التدبير المفوض لخدمة النقل العمومي بالمغرب. وبناء على ذلك، وجدت مجموعة جماعات "مراكش للنقل" طريقا لعدم البث في أي مشاريع مستقبلية، تتعلق بتدبير قطاع النقل الحضري والشبه حضري، إلى حين الإعداد النهائي للنموذج الاقتصادي والمالي الجديد لهذا النوع من العقود. وبهذا القرار، خُوِّل للشركة الإسبانية "ألزا" بالاستمرار في خدمة النقل الحضري والشبه حضري لسنة كاملة، بعدما انتهت مدة عقد الامتياز الذي نالته الشركة في أكتوبر الماضي. الداخلية ترفض ولم تؤشر وزارة الداخلية، وفق مصدر قريب من مجموعة الجماعات الترابية "مراكش للنقل"، على عقد التدبير المفوض الناتج عن طلب العروض الذي طرحته المجموعة سنة 2022، لأنها لم تقتنع بجدوائيته. وأوضح مصدر جريدة "العمق"، أن مصالح وزارة الداخلية رفضت بنود العقد، لأنه لا يحترم "التوازن الاقتصادي والمالي، ولأنه لن يحقق استدامة خدمة النقل العمومي للمواطنين". وأضاف المصدر ذاته أن النقاش الذي دار في الدورة الأخيرة لمجموعة "مراكش للنقل"، نبهت لكون الشركة تسعى لقبول شروط الصفقة مهما كانت، وأنها فور فوزها بالصفقة ستهدد بانسحابها من أجل وضع المدبرين أمام الباب المسدود، وتفرض شروطها الخاصة. وهذا ما فطنت له مصالح وزارة الداخلية المختصة، وفق مصادر الجريدة، بعد ملاحظتها أن الدراسات المنجزة في إطار التدبير المفوض للنقل العمومي "مبالغ فيها وأن العرض أكبر بكثير من الطلب". ألزا تضغط رغم فداحة أخطائها ورغم أخطاء الشركة التي طفت على السطح، والاستنكارات الواسعة التي عُبر عنها على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب أسطولها المهترئ وسوء تدبيرها لقطاع النقل، فإن الشركة تمارس كل الضغوط للظفر بصفقة النقل، التي لم تطرح للتفاوض منذ 2018. الشركة الإسبانية للنقل الحضري لم تقم بتجديد أسطولها منذ مدة طويلة، بدعوى أن الرؤية غير واضحة لديها حول استمرارها في تدبير قطاع النقل بعمالة مراكش، مما يُثير تساؤلات لدى الرأي العام: "هل بهذه الحافلات سيستقبل المغرب كأس العالم عام 2030 وكأس إفريقيا للأمم العام المقبل؟". فقبل أسبوع، اُقتلع سقف حافلة "ألزا" نواحي مراكش والركاب على متنها، نتيجة الرياح القوية التي عرفتها عدد من مناطق المغرب. حادث مثل هذا يكشف ما يشتكي منه المراكشيون منذ سنوات، كون أسطول الشركة أصبح متهالكا ولا يرقى لمستوى الخدمات المطلوبة. كما أعاد الحادث إلى الأذهان سلسلة من الأحداث المأساوية التي تظهر عدم اكتراث "ألزا" بأرواح الركاب، ولا بمقدسات المغاربة، آخرها إدراجها للعلم المزعوم للجبهة البوليساريو الانفصالية في المنصة الإلكترونية لفرع الدارالبيضاء. وكما أعاد اقتلاع السقف إلى الأذهان حادث اشتعال النار بحافلة بتجزئة الآفاق بمراكش شهر يوليوز الماضي، وهو الحريق الذي أتى على الحافلة برمتها وتمكن الركاب من النجاة بأعجوبة، حيث تمكنوا من مغادرة الحافلة قبل تفاقم النيران. وضعية شاذة وتستفيد شركة ألزا من استمرارها في تدبير قطاع النقل الحضري بسبب الوضعية الشاذة في ملف طلبات العروض الخاص بقطاع النقل على مستوى مدينة مراكش والجماعات المجاورة لها، وما زالت تدبر القطاع بالرغم من انتهاء الصفقة قبل خمس سنوات دون تجديدها. وكانت الشركة موضوع رأي صادر عن مجلس المنافسة سجل فيه هيمنة شركتي "ألزا" و"سيتي باص" على قطاع النقل الحضري والنقل بين المدن بالمغرب، وأوصى فيه بإعادة النظر في القانون الأساسي والإطار القانوني المنظم لشركات التنمية المحلية، وذلك بعدما رصد تسبب إنشاء هذه الشركات في مشاكل متعلقة بالتنسيق والحكامة بين الفاعلين، وشجع في تنصلهم من مسؤولياتهم، وتضاعف عبء تكاليف الاستغلال. وأرجع سبب هيمنة شركتين اثنتين على القطاع برمته في المغرب، إلى فرض شروط تقنية ومالية لولوج السوق لا تلائم إلا الشركات كبيرة الحجم، وتحُول دون دخول فاعلين جدد، ولا تشجع على الابتكار والإبداع كمعايير للانتقاء، إضافة إلى قلة طلبات العروض المتعقلة بالعقود طويلة الأمد، ثم ضعف نسبة مشاركة الفاعلين في طلبات العروض بالحواضر الكبرى بسبب محدودية قدراتهم المالية والتقنية. السيطرة على القطاع الناشط الحقوقي بمدينة مراكش، محمد الهروالي، قال إن شركة النقل "ألزا" "عمرت لسنوات في مدينة مراكش، وهي المسيطرة على قطاع النقل الحضري والشبه حضري، كأن المغرب لا توجد فيه شركات أخرى". وأشار الهروالي، في تصريحه لجريدة "العمق" لظروف تنقل المواطن البسيط والطلبة داخل هذه الحافلات، واصفا إياها ب"المأساوية" بسبب طوابير الانتظار في نقاط التجمع الأساسية، علاوة على طول المدة بين الحافلة والأخرى، ناهيك على العمال الذين يحتاجون لساعات من أجل الوصول إلى أماكن شغلهم. وقال الناشط الحقوقي إن شروط التنقل في حافلات "ألزا" "لا تحترم أدمية مستعمليها" واصفا مستعملي هذه الحافلات ب"المهلوكين". وتساءل الهروالي عن دفتر التحملات القديم ومدى احترامه من طرف الشركة، وعن الدفتر الجديد والشروط الموضوعة فيه، مردفا أن الشركة مستمرة في تدبير القطاع بمراكش رغم "المؤاخذات السلبية" التي سجلها تقرير المجلس الوطني للحسابات. "طوبيس" غريب هذا، وأشار الهروالي، في حديثه مع جريدى "العمق" إلى "غرابة" ممر الحافلات الكهربائية الذي يتسبب في اختناق أهم الشوارع بمدينة مراكش وأحد شرايينها لمسافة كيلومترات، مما يتسبب في حوادث السير وعرقلته. و"الغريب" أيضا في هذه الحافلات، وفق الهروالي، هو عدم اعتماد المواطن المراكشي عليها في تنقلاته اليومية، مما يجعلها تتحرك في أغلب الأوقات وهي فارغة، مشيرا إلى أن مشروع الحافلات الكهربائية "من بين المشاريع التي لا يعرف الرأي العام المراكشي الجدوائية منها". آخر تمديد استثنائي وكان والي جهة مراكشآسفي السابق، كريم قسي لحلو، قد طلب من رئيس مجلس مجموعة الجماعات الترابية "مراكش للنقل"، عقد دورة استثنائية للمصادقة على التمديد الإضافي لفترة عقد امتياز خدمة النقل الحضري والشبه حضري بواسطة الحافلات بمراكش. وامتد عقد الامتياز لمدة 6 أشهر، من 01 أكتوبر 2023 حتى 31 مارس 2024. واتُخذ القرار من طرف المصالح المركزية لوزارة الداخلية، التي وافقت على تمديد استثنائي لعقد استغلال مرفق النقل الحضري والشبه حضري بمراكش، وفق ما كشفت عنه إحدى مراسلات الوالي السابق لرئيس مجموعة مراكش للنقل، والتي توصلت إليها جريدة "العمق".