تعبر الممارسة السياسية الحزبية عن التكريس الحقيقي والمباشر لتنزيل الديمقراطية ومن ثمة بلوغ طموحات المواطنات والمواطنين عبر بوابة الاختيار المباشر لممثليهم من خلال صناديق الاقتراع ، بنية تنم عن أعتى مقاصد دولة الحق والقانون التي تأخذ بعين الاعتبار الذي تأخذ بعين الاختيار المشاركة السياسية لرعاياها وتدسترها من خلاله لكي تصبح غاية أكثر منها وسيلة في دمقرطة الحقوق والواجبات ومن ثمة تقديم منظام براغماتي مادي للممارسة السياسية الكفيلة ببناء وتنزيل سياسات عمومية تتقاطع مع السياسة العامة للدولة وتساهم بذلك في تحقيق أهداف التنمية بكل أقطابها. إن الحديث عن الديمقراطية التمثيلية لا يمكن ان يكتمل نصابها الا عبر منظومة الاحزاب السياسية التي عملت جل الديمقراطيات المقارنة ان تعطيها مكانة استراتيجية في تأطير المواطن تأطيرا سياسيا يذكي لدية شعور الانتماء للوطن ويضمن مشاركته السياسية في بناء توجه ديمقراطي قادر على استيعاب كل المقومات الاستراتيجية لتحقيق الارتقاء التنموي المنشود هذا من جهة ، ناهيك عن تكوين أطر وكفاءات وبروفايلات قادرة على خوض غمار التجربة الانتخابية ومن ثمة التعبير عن اختيارات الناخب باسم البنية السياسية وعبر الية التمثيل الديمقراطي السياسي بالمؤسسات الدستورية من جهة أخرى. فكر انساني مقترن ببعد مؤسساتي ، تتخلله جملة من المتغيرات التي ترتبط ارتباطا وثيقا بتطور حياة الفرد والمجتمع تحت كنف مؤسسة الدولة. ارتباطا بوحدة الموضوع ، واعتبارا للمتغيرات البنيوية والسياسية التي تعرفها المملكة المغربية أسوة بجميع دول المعمور ، نستشف بأن هناك تحولات جذرية أصبحت ترخي بظلالها على البنية السياسية الحزبية المغربية والتي تتمثل بالاساس في ظهور جملة من المتابعات القضائية في حق مجموعة من البرلمانيين والمنتخبين ، وهو وضع يتطلب منا وقفة تأمل وتحليل ، وذلك اعتبارا لنشاز الظاهرة التي تتطلب من الفاعلين السياسيين التطرق اليها من خلال اعادة النظر في البنية المهيكلة لمنظوماتها عبر بوابة التخليق سواء اتعلق الامر بمنح التزكيات للمرشحين أو حتى اختيار المناضلين الحزبيين قواعدا وقيادات . توجه بنيوي ومهيكل أشر عليه جلالة الملك محمد السادس في جملة من الخطب والرسائل الملكية السامية ، والتي تؤكد في مجملها على ضرورة محاربة الفساد والمفسدين المقترنة بالزامية تحمل الاحزاب السياسية لمسؤولية اختياراتها وهو ما تم التعبير عنه بكل جرأة وصراحة في منطوق الرسالة الملكية السامية بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس البرلمان المغربي والتي أشارت بطريقة صريحة الى ضرورة وحتمية الاعلان عن ميثاق اخلاقي للحياة التشريعية ، وهو أساس يرى الكاتب على أن الاشارة الحقيقية هاته يجب ان تنطلق من الاحزاب السياسية بالدرجة الاولى والتي يجب ان تلتف حول الارادة الملكية السامية وتنخرط في التوجيهات التي اعلنت عنها مجموعة من الاحزاب الجادة من خلال اعلانها عن ضرورة الاعلان عن ميثاق لتخليق الحياة السياسية البين حزبية كحزني الاصالة والمعاصرة في مؤتمره الخامس وحزب الاستقلال في مؤتمره الثامن عشر . ان ميكيافيلية العمل السياسي ذات التوجه المعنوي ليست هي المطلب أو المغزى من وراء اثارة هذه الافكار المرتبطة بوحدة هذا الموضوع الذي يمكن أن يروق طرفا ولا يرقى لاختيارات أطراف أخرى ، بل مادية التوجه الميكافيلي هو الهدف الأسمى الذي يجب أن تتفق عليه كل الاحزاب السياسية المغربية بالرغم من اختلاف تلاوينها وادويولوجياتها ذلك ان استحضار عبارة الوطن أولا التي حلت أول مضمون الرسالة الملكية السابق ذكرها هي التي يجب أن تؤطر من خلاله الاحزاب السياسية طريقتي اختيار وتزكية البروفايلات سواء منها الانتخابية او المناضلة وخاصة تلك التي ترتضي تولي لوحة القيادة الحزبية . ان قناعة الكاتب الوطنية الراسخة هي التي دفعته لتحليل منطوق هذا التوجه الملكي الفريد ذي الصبغة الاستراتيجية والذي يهدف أولا وقبل كل شيء الى تخليق الحياة السياسية أمر لن يتحقق الا من خلال قطع شعرة معاوية من الفساد وكذا تفعيل اليات التمكين الحزبي على أساس الكفاءة ، السمعة ، الاخلاق والاستقامة ، خصائص انسية يولد بها الانسان وتجبل عليها فطرته وبالتالي لارجاع الامور الى نصابها لا يمكن بلوغها الا عبر الاخذ بعين الاعتبار لاستعجالية المعادلة الاخلاقية السياسية الحزبية التي تأخذ من الميكيافيلية أسها المعنوي لتكرسه في اطار وقالب ماديين كفيلين بالدفع قدما بمسار التحديث الذي يرتضيه العهد الجديد. * العباس الوردي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط و المدير العام للمجلة الافريقية للسياسات العامة