توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء بمختلف مناطق المملكة    ميناء طنجة: مفرغات الصيد البحري تتراجع بنسبة 5% خلال الفصل الأول من 2025    معهد الدراسات الإستراتيجية يغوص في العلاقات المتينة بين المغرب والإمارات    الملك محمد السادس يعزّي الكنيسة الكاثوليكية في وفاة البابا فرانسوا الأول    فوزي لقجع يوجه رسائل دعم وتحفيز للاعبي المنتخب المغربي تحت 20 سنة قبل "كان" مصر    ولي العهد يفتتح المعرض الدولي للفلاحة بمكناس وجهة الشمال تستعرض مشاريعها التنموية    درك تطوان يُطيح بعصابة متخصصة في سرقة المواشي    حادث عرضي لطائرة سياحية خفيفة بمطار طنجة    طنجة.. إحباط محاولة تهريب 32 كلغ من الشيرا بميناء المدينة وتوقيف سائق أجنبي    الجزائر تُفعّل خيار التعبئة العامة لمحاصرة الأزمة الداخلية والعزلة الإقليمية    مندوبية الصحة بتنغير تطمئن المواطنين بخصوص انتشار داء السل    من أعطى العدل والإحسان حق احتكار صوت المغاربة؟    نهضة بركان تكتسح شباب قسنطينة وال"كاف" يشيد: خطوة واثقة نحو نهائي الكونفدرالية    تحقيقات فرنسية تضع الرئيس الجزائري تحت المجهر بعد اختطاف معارض في فرنسا    طول شبكة الطرق السريعة بالمغرب يمتد إلى حوالي 2177 كلم    بوريطة: المغرب يضع تعزيز السلم والحكامة في القارة الإفريقية ضمن أولوياته الكبرى    تفاصيل "الجثة المقطعة" بابن أحمد    توقيف بطولة كرة السلة بالمغرب    بركة: لم نخرج بعد من الجفاف... وتحلية المياه ستقلّص الضغط على أم الربيع وتؤمن سقي 100 ألف هكتار    "قضاة إفريقيا" يلتئمون بالمغرب ويدعون إلى "تكتل أطلسي" يكرس العدالة    فوضى قد تطيح بوزير الدفاع الأمريكي    المغرب يطمح لرفع سعة المطارات إلى 80 مليون مسافر في سنة 2030    نجاة بلقاسم توقع سيرتها الذاتية من الرباط: من طفولة قروية إلى دهاليز السياسة الفرنسية    مصرع عامل بناء إثر سقوط مميت من الطابق السادس بطنجة    انخفاض أسعار النفط بنحو 3% وسط مؤشرات على تقدم في محادثات أمريكا وإيران    ترانسبرنسي تستغرب اعتراض الأغلبية على تقصي حقائق دعم الأغنام    الدكتور كريم بلمقدم، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة العمومية : الحكومة تنتصر لمصالح طبقات اقتصادية معينة على حساب الاستقرار والنهوض المجتمعي    مطالب أمريكية متصاعدة لتصنيف جبهة البوليساريو كتنظيم إرهابي    ‬والآن ‬سؤال ‬الكيفية ‬والتنفيذ‬ ‬بعد ‬التسليم ‬بالحكم ‬الذاتي ‬كحل ‬وحيد ‬‮….‬    انعقاد مجلس الحكومة يوم الخميس المقبل    عبد النباوي: التحول الرقمي يستدعي تغييرات شاملة لتجويد الأداء القضائي    رحيل الفنان محسن جمال صاحب «أحلى الأغاني» و«الزين فالثلاثين»    في الحاجة إلى قراءة متجددة للخطيبي أفاية : في أي حقل إبداعي أو فكري، ثمة بصمة للخطيبي، صانع القلق    وفاة البابا فرنسيس عن 88 عاما    المغرب يخلد الأسبوع العالمي للتلقيح    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    مدرب نهضة بركان: أدرنا المباراة بالطريقة التي نُريد وسندافع عن حظوظنا كاملة في الإياب    تحقيقات فساد وصراع سياسي يهددان ملف إسبانيا لتنظيم مونديال 2030    مهنيو النقل الطرقي يستنكرون "احتكار" المحروقات ويطالبون مجلس المنافسة بالتحرك    تكريم الدراسات الأمازيغية في شخص عبد الله بونفور    الفاتيكان يكشف عن وفاة قداسة البابا فرنسيس    تنديد حقوقي بالتضييق على مسيرتين شعبيتين بالدار البيضاء وطنجة رفضا لاستقبال "سفن الإبادة"    نهضة بركان وجمهورها يُلقّنان إعلام النظام الجزائري درساً في الرياضة والأخلاق    شريط "سينرز" يتصدر عائدات السينما في أمريكا الشمالية    فاس... مدينةٌ تنامُ على إيقاع السّكينة    المعارض الدوليّة للكتاب تطرح اشكالية النشر والقراءة..    وفاة الفنان المغربي محسن جمال بعد صراع مع المرض    أنشيلوتي يبعث برسالة للجماهير : ما زلنا نؤمن بالحلم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الإثنين    وفاة حارس المرمى الأرجنتيني "المجنون" هوغو غاتي عن عمر ناهز 80 عاما    نحو سدس الأراضي الزراعية في العالم ملوثة بمعادن سامة (دراسة)    دراسة: تقنيات الاسترخاء تسمح بخفض ضغط الدم المرتفع    الكشف عن نوع جديد من داء السكري!    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التمكين الاقتصادي للمرأة بالمغرب بين المكتسبات والتحديات
نشر في العمق المغربي يوم 02 - 05 - 2024

يعتبر التَّمكين الاقتصادي للمرأة عملية يمكن لها بموجبها زيادة فرص تدخلها في أوجه الحياة الاجتماعية عامة والأنشطة الاقتصادية خاصة؛ وهذا التدخل يكون بالشكل الذي يساعدها على الانتقال من موقع اقتصادي هش إلى موقع يجعلها أكثر فاعلية في النشاط الاقتصادي ما أمكن لتكون في مستقلة بالدرجة الأولى. وبالنسبة للتجربة المغربية يعتبر تمكين المرأة بمفهومه العام من الاختيارات والتوجهات الاستراتيجية التي لا رجعة فيها باشرها المغرب بفضل التوجيهات الملكية السامية التي خَصَّت المرأة بعناية خاصة بدءا بالحضور الأساسي لها في المسار الإصلاحي ومساهمتها في المسار التنموي الذي تعرفه المملكة. وانطلاقا من هذا الطموح الملكي شرعت الدولة في رحلة إصلاحية غير مسبوقة لتمكين المرأة ودعم مشاركتها في التنمية المستدامة، وذلك من خلال مقاربة شمولية ومتكاملة.
هذا، ويزداد مطمح التمكين الاقتصادي للمرأة إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار أن هذا التمكين لا يؤثر على التنمية الاقتصادية فحسب؛ بل يمتدُّ إلى التنمية في بعدها الشامل بدءا من الوسط الذي تعيش فيه المرأة وصولا للدولة التي تنتمي إليها، سيما وأن قضية المساواة بين الجنسين لم تعد مجرد حق أساسي أو ترف فكري، بل أصبحت ضرورة اقتصادية، وهو ما يفسر الاهتمام الذي لاقته قضايا تمكين المرأة من قبل مختلف الفاعلين السياسيين باختلاف مواقعهم السياسية واتجاهاتهم الإيديولوجية.
أقر المغرب بشكل مبكر مساواة المرأة مع الرجل، منذ أول دستور لمغرب ما بعد الاستقلال عام 1962، وضمن لها ممارسة حقها في التصويت والترشيح في الانتخابات التشريعية 1963، وإن كانت الممارسة العملية أثبتت أن هذه المساواة تم اختزالها في حق التصويت، بحيث لم تتمكن المرأة في من ولوج البرلمان إلا سنة 1993 بداية التواجد الفعلي بنائبتين عن حزبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في شخص بديعة الصقلي "الولاية التشريعية 1993 –1997" والاستقلال في شخص لطيفة بناني سميريس "الولاية التشريعية 1993 –1997".
ومع تولي الملك محمد السادس الحُكم، ونتيجة لأجواء الانفتاح الديمقراطي وقبيل الانتخابات التشريعية ل 2002 تبنى المغرب نمط الاقتراع باللائحة في أفق الرفع من تمثيلية المرأة داخل المؤسسات الدستورية المنتخبة، واعتمد أسلوب "الكوطا" بتخصيص ثلاثين مقعدا للنساء في إطار اللائحة الوطنية من أصل 325 مقعدا، ومنذ ذلك الحين كثر الحديث عن التمكين السياسي للمرأة وظلت الدعوة إلى ترسيخه وتعزيزه حاضرة بقوة في خطابات التنظيمات السياسية والحقوقية التي تطالب بتعزيز حقوق النصف الصامت من المجتمع باعتباره أقل حظا في الاستحقاقات الانتخابية، فضلا عن التحول الذي عرفته وضعية الأسرة والمرأة ودورهما وبداية تَشَكُّل أُنمُوذَج يبتعد شيئا فشيئا عن الأُنمُوذَج الأبوي وما رافق ذلك من حيوية للمجتمع المدني عبر ظهور العديد من الجمعيات المهتمة بقضايا النساء.
وهذه الرغبة التي أطرتها دوما التوجيهات الملكية السامية الرامية لتمكين المرأة سياسيا رافقتها أيضا رغبة وطموح من نفس الحجم وبنفس العزيمة والإرادة من أجل تمكين المرأة على المستوى الاقتصادي؛ وهو ما توج باتخاذ مجموعة من المبادرات والتدابير في شكل سياسات عمومية أحيانا أو في شكل برامج وسياسات قطاعية أحيانا أخرى الغاية منها في نهاية المطاف هو تحسين النشاط والدور الاقتصادي للمرأة. وللإحاطة بهذا الموضوع ارتأينا معالجته وفق محورين على النحو الآتي:
أولا: المكتسبات = المنجزات
1. النموذج التنموي الجديد ورهان التمكين الاقتصادي للمرأة
حدد النموذج التنموي، ضمن اختياراته الاستراتيجية، تمكين النساء من الاستقلالية وضمان المساواة بين الجنسين، حيث يسعى النموذج التنموي الجديد إلى توسيع مشاركة النساء في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وقد حددت مؤشرات نتائج النموذج التنموي الجديد الرفع من نسبة النساء النشيطات التي كانت محددة في 22 % وفق آخر إحصائيات في سنة 2019 إلى 45 % كهدف استراتيجي لسنة 2035 قصد تطوير الاقتصاد الوطني وتحويله إلى اقتصاد يتميز بتعدد الأنشطة وبالتنافسية بإدماج الساكنة النشيطة في سوق الشغل خصوصا النساء عبر إزالة الحواجز التي تحد من مشاركتهن في الأنشطة الاقتصادية، سيما من خلال تعزيز الحماية الاجتماعية للنساء وتطوير الخدمات والبنيات التحتية التي تمكنهن من المشاركة الاقتصادية؛ وضمان المساواة في الأجور والإنصاف في الولوج إلى فرص الشغل في القطاع العمومي، واتخاذ تدابير لتحقيق محاصصة في عضوية المجالس الإدارية للمقاولات والتنظيمات النقابية، مع تخصيص تحفيزات ضريبية لفائدة المشغلين المحترمين لمبدأ المناصفة بين الجنسين.
2.التدابير التي أتى بها البرنامج الحكومي 2021–2026
حدد البرنامج الحكومي 2021-2026 من بين الالتزامات العشر للحكومة خلال الفترة 2021-2026، رفع نسبة نشاط النساء إلى أكثر من 30 % عوض 20 % حاليا. وهكذا، تم إطلاق مجموعة من البرامج والسياسات القطاعية نخص منها بالذكر: برنامج جسر للتمكين والريادة لتسهيل التمكين الاقتصادي للمرأة، بشراكة بين السلطة الحكومية المكلفة بالتضامن والأسرة والجهات على المستوى الترابي بهدف تعزيز الإدماج الاقتصادي للنساء ومواكبتهن في بلورة مشاريعهن الفردية أو الجماعية، عبر مجموعة من الإجراءات تروم رفع نسبة التمكين الاقتصادي للنساء في وضعية صعبة والنساء في وضعية هشاشة عبر:
1. تقوية فرص عمل النساء؛
2. تطوير المقاولة وثقافة المقاولة لدى النساء؛
3. مواكبتهن وتعزيز قدراتهن التدبيرية والتسويقية في تسيير المشاريع؛
4. تحسين خبراتهن ومهاراتهن في مجال المقاولة.
وفي نفس السياق، تم تبني الإطار الاستراتيجي للمساواة والمناصفة في أفق 2030 وخطته الحكومية الثالثة للمساواة 2023-2026 التي قامت ببلورتها الحكومة في إطار مقاربة تشاركية مع جميع مكونات المجتمع والتي تعتمد ثلاثة محاور:
1. التمكين والريادة؛
2. الحماية والرفاه؛
3. الحقوق والقيم.
هذا وفي نفس الإطار، يهدف البرنامج المومأ إليه أعلاه اتخاذ تدابير تقوية قدرات النساء في مجال التسيير المقاولاتي والتسويق الالكتروني وتشجيع التنظيمات المهنية النسوية الفلاحية، بدءا بتكوين العديد من النساء بهدف تعزيز ولوجهن لعالم الاقتصاد والتشغيل الذاتي من خلال تأسيس التعاونيات الفلاحية النسائية.
وفي نفس السياق، تم إحداث اللجنة الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في يونيو 2022 التي من مهامها اقتراح التدابير اللازمة لتمكين المرأة في المجال الاقتصادي والسياسي، خاصة تلك التي تروم الرفع من نسبة نشاط النساء في المجالين الاجتماعي والاقتصادي؛ وهو تدبير يهدف إلى مأسسة تمكين النساء، بالشكل الذي يساهم في تسريع المساواة الفعلية بين الرجال والنساء هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى يهدف إلى تعزيز مكانة المرأة في المجتمع بتيسير سبل مشاركتها الفعالة والفعلية في النمو الاقتصادي والنهوض بحقوق النساء. وذلك بموجب المرسوم رقم 2.22.194 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 7101 – 20 ذو القعدة 1443 (20 يونيو 2022). أما على مستوى ممارسة المهن الحرة تمت تقوية ولوج المرأة لممارسة خطة العدالة سعيا لتحقيق المساواة بين المرأة والرجل، حيث تمكنت نسبة كبيرة من النساء من ممارسة مهنة العدول، خاصة وأن هذه المهنة ظلت لمدة طويلة حكرا على الرجال وهي مهنة لها ارتباط بنشاط اقتصادي.
3.التدابير القانونية والتشريعية
لأجرأة الاختيارات الرامية للتمكين الاقتصادي للمرأة تم اتخاذ العديد من التدابير القانونية الموازية سعيا لتكريس الرغبة الملحة الرامية لتشجيع التواجد الفعلي للمرأة في مراكز القرار الاقتصادي. وفي هذا الإطار، نص القانون رقم 19.20 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 7006 بتاريخ (22 يوليوز 2021)، -بتغيير القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة- في مادته 39 على تخصيص حصص للنساء في مجالس إدارة الشركات بما يضمن تمثيلية متوازنة بين الرجال والنساء.
وفي نفس الإطار، نص القانون الإطار رقم 50.21 المتعلق بإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية المنشور بالجريدة الرسمية عدد 7007 بتاريخ (26 يوليوز 2021)، في مادته 27 على ضرورة مراعاة مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء المنصوص عليه في الفصل 19 من الدستور، عند تعيين أعضاء الجهاز التداولي للمؤسسات والمقاولات العمومية. ومن جانبه أقر القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة، كما تم تعديله وتتميمه، في المادة 17 منه بأحقية المرأة المتزوجة في ممارسة الأنشطة التجارية دون أن يتوقف ذلك على إذن زوجها، بل أكثر من ذلك فقد اعتبرت المدونة المذكورة سابقا بأن كل اتفاق أو عقد مخالف لمقتضيات المادة 17 منها، يعتبر لاغيا بقوة القانون، هذا فضلا عن حماية وصيانة حقوق الزوجة وأبنائها القاصرين بمناسبة خضوع زوجها المدين لمسطرة الإنقاذ أو التسوية أو التصفية القضائية، بموجب المادة 710 من ذات المدونة...
أما على مستوى ملكية المرأة القروية لأراضي الجموع، بذلت المملكة المغربية جهودا استثنائية من أجل تمكين المرأة من أراضي الجموع وكذا استفادتها من كل ما يدخل ضمن ممتلكات الجماعات السلالية على قدم المساواة دون تمييز أو إقصاء وفق ما نص عليه القانون المنظم للوصاية الإدارية على الجماعات السلالية رقم62.17 المنشور بالرسمية عدد 6807 بتاريخ (26 أغسطس 2019)، ومرسومه التطبيقي 2.19.973 بتاريخ 9 يناير 2020 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6849 بتاريخ (20 يناير 2020)، إذ بتبني هذا القانون تم التدشين لمرحلة جديدة قوامها سمو القانون على الأعراف والتقاليد التي كانت تحكم الانتفاع من أراضي الجموع، حيث نص هذا القانون في مادتيه 6 و16 بشكل صريح على المساواة بين الرجل والمرأة كأعضاء من الجماعة السلالية لهما نفس الحق في الاستفادة من ممتلكاتها، وبذلك تم وضع حد للأعراف التي كانت تحرم على النساء الانتفاع من هذه الأراضي، فهذا القانون مكن من تحقيق المساواة الفعلية بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات المتعلقة بالجماعات السلالية، حيث صرح المشرع في هذا النص أنهم، بحكم انتمائهما للجماعة السلالية، متساويان.
يمكن القول، أن هذه الترسانة القانونية التي تم تبنيها من المشرع المغربي تعتبر تجسيدا فعليا لالتزام المملكة باحترام مقتضيات اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979، والتي انضم إليها المغرب بتاريخ 21 يونيو 1993، وصادق على بروتوكولها الاختياري لسنة 1999، فضلا عن احترام دستور 2011 الذي نص في تصديره على حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بين الرجل والمرأة، وكذا فصله 19 الذي متع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية أو فصله 164 الذي أحدث بموجبه الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز.
ثانيا: التحديات المرتبطة بالتمكين الاقتصادي للمرأة في التجربة المغربية
بالرغم من كل هذه البرامج والسياسات العمومية وكذا التدابير القانونية الموازية والتي تسعى أو تهدف للتمكين الاقتصادي للمرأة، تبقى المرأة المغربية مبعدة عن المشاركة في الحقلين السياسي والاقتصادي والاجتماعي اللذان ظلا مجالين يحتكرهما أو يسيطر عليهما الرجال لوحدهم وتم إبعاد المرأة لعدة اعتبارات سياسية وثقافية وتاريخية وتقليدانية...، بحيث ما زالت المرأة تعاني من عدم المساواة الفعلية بينها وبين الرجال في الواقع، إذ تظل هناك عدة مجالات تتعثر فيها الجهود المبذولة، خاصة ذات الأبعاد السياسية والاقتصادية ...، فضلا عن عجز النُّظم التشريعية القائمة على ضمان التواجد الفعلي للمرأة في مختلف أجهزة ومؤسسات الدولة المنتخبة وكذا عجز القوانين على تغيير واقع النساء للأفضل ومحاربة التمييز المبني على الجنس... وعليه؛ فإن أية محاولة للتفكير في سُبل التمكين الاقتصادي للمرأة ينبغي أن لا تقتصر على الأبعاد القانونية، بل يجب أن تنصب الجهود على تغيير الأبعاد الثقافية والتمثلات المجتمعية بخصوص أدوار المرأة.
وهذه التمثلات أو النظرة السلبية لوظيفة المرأة، جعلت كل الإجراءات والتدابير المتخذة لفائدتها اقتصاديا وسياسيا كضربة عصا في الماء، ذلك أن نشاطها الاقتصادي لا زال محتشما، وهو ما يجعلنا نطرح تساؤل بخصوص قدرة القانون على تغيير المجتمع وتغيير التمثلات السلبية، لن نخشى المبالغة إذا جنحنا للقول بأن القانون وحده لا يكفي لتغيير المجتمع إن جاز لنا استعارة هذا التعبير من الباحث الفرنسي ميشيل كروزييه وكتابه الموسوم بعنوان:"لا يمكن تغيير المجتمع بمرسوم"، لأنه بحسب التقارير الرسمية فالنساء أكثر تأثرا بالهشاشة من الرجال ثم أن عددا قليلا منهن من يحصل على معاش ومعظمهن من المسنات وإما مطلقات أو أرامل تعشن في غالب الأحيان في عزلة ويعتمدن بشكل مباشر على مساعدة وإعانة الأهل والأقارب وعلى عائدات الأشغال المنزلية والإعانات المتأتية من العلاقات العائلية وعلاقات الجوار وما يتم الحصول عليه من عملية التسول،كذلك من المعوقات الإضافية نجد الانعكاسات السلبية لمعضلة الهدر المدرسي على النشاط الاقتصادي، إذ كيف للنساء اللواتي يعانين من الأمية أن ينخرطن في العمل الاقتصادي؟، وهذا من الصعوبات التي تقف أمام النساء بمثابة عائق إضافي.
أما في مجال الشغل، فنجد بأن نسبة كبيرة من النساء بلغن سن الشغل ولا يساهمن في الأنشطة الاقتصادية ولا يتوفرن على دخل خاص مرتبط بدور اقتصادي، كما أن الحضور الاقتصادي للنساء يظل فقط في القطاعات والوحدات الإنتاجية التي تعرف تشغيلا هشا وظروف عمل صعبة جدا، (قطاع الفلاحة والعمل المنزلي والاقتصاد غير المهيكل عامة)، وهذا المعطى سبق وأشارت إليه لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بمناسبة فحصها للتقرير الدوري الرابع للمغرب في أكتوبر سنة 2015، حيث نبهت الدولة المغربية للإكراهات التي تمس حقوق المرأة اقتصاديا، وطالبت الحكومة باعتماد قانون لمكافحة التمييز يمنع جميع أشكال وصور التمييز، المباشر منه وغير المباشر، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في حق التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
ومن بين التحديات الاقتصادية التي تحد من التمكين الاقتصادي للمرأة، نجد أن إقبالها على ممارسة الأنشطة الموازية يبقى دون المستوى المطلوب، فعدد النساء اللواتي يشرفن على تسيير التعاونيات والجمعيات ذات الطابع الاقتصادي يبقى ضعيف، كما أن النساء الأجيرات نادرا ما تمَكَّنَّ من تأسيس نقابة أو الانضمام إليها دون مساعدة رجال متخصصين بما في ذلك المقاولات التي يشكلن أغلبية داخلها.
على سبيل الختم:
ختاما، وبالرغم من كافة التدابير والاجراءات التشريعية التي لا يمكن لأحد أن ينكر أهميتها، فإنه يمكن القول بأن تحقيق فِعلية التمكين الاقتصادي وحتى السياسي تقتضي إعطاء وإيلاء المؤشرات والأبعاد غير القانونية الأهمية التي تستحقها، وخاصة تلك المتعلقة بالصورة النمطية للمرأة في المِخيال والتمثلات الجمعية، لأن معالجة هذه القضية تستحيل أن تتم بعيدا عن قضايا المجتمع باعتبارها مشكلة مجتمع يعيش تحت وطأة التخلف والأمية، مما جعل المرأة تعاني لفترات طويلة من الإقصاء والتهميش أحيانا بسبب الأفكار التي تنهل من التقاليد التي تستمد مرجعتيها من البنية الاجتماعية للمجتمع العربي القائم على النظام الأبوي كمعطى متجذر في ثقافتنا العربية يؤطر كل القيم والرموز والتمثلات السياسية والثقافية تجاه الأنا والآخر والذي يتمحور حول دور الأب سواء في الأسرة أو في النسق القيمي والثقافي بشكل عام، وما نتج عنه من مأسسة للهيمنة الذكورية في الأسرة وتوسيعها على النساء بصفة خاصة مما ساهم في إبعاد العنصر النسوي عن كافة مناحي الحياة الإدارية والسياسية على حد سواء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.