مُنحت جائزة الدوحة للكتاب العربي في أولى دوراتها، للمفكر المغربي طه عبد الرحمان، إلى جانب عشرة مفكرين عرب، وفاز كل منهم بجائزة بلغت قيمتها مائة ألف دولار. الدورة ذات الطابع التأسيسي، تكريمية الطابع، احتفت فيها الجائزة بأسماء وازنة أثّرت بمنتوجها المعرفي في الثقافة العربية والإنسانية. وبها سيفتح باب الترشح للدورة الأولى للجائزة. شكلت المناسبة حدثاً مهماً أخرج طه عبد الرحمان من عزلته المختارة منذ سنوات للتفرغ للكتابة واستكمال مشروعه الفلسفي. وتحدث عبد الرحمن في كلمته، في ندوة "حياة للعلم: مسارات وشهادات"، عن البواعث العميقة التي دفعته إلى عالم التصنيف الفلسفي، محددا ثنائية "الثغر والمرابطة" التي وجهت موقفه تجاه التفكير والتأليف. جاءت مداخلة طه عبد الرحمان لتكون جزءاً من شهادات نخبة من أهم المؤلفين والمفكرين العرب المكرمين بدورهم عن تجاربهم الفكرية والأكاديمية. وهي الأسماء التي كرمتها الجائزة ومثّلت طيفا واسعاً من المشتغلين في الفكر العربي، من مختلف البلدان العربية، بينهم إلى جانب طه عبد الرحمن: من لبنان جيرار جهامي، من العراق غانم قدوري حمد، من قطر مصطفى عقيل الخطيب، من الجزائر ناصر السعيدوني، من فلسطين فيحاء عبد الهادي، من السعودية سعد البازعي، من مصر أيمن فؤاد سيد ومحمد محمد أبو موسى، من غينيا، قطب مصطفى سانو، ومن الجزائر ناصر الدين سعيدوني. جائزة الدوحة للكتاب العربية، جائزة سنوية مقرها الدوحة، مدارها الكتاب المؤلف باللغة العربية، لتكريم الباحثين ودور النشر والمؤسسات المساهمة في صناعة الكتاب العربي. وتضم الجائزة فئتين: فئة الكتاب المفرد يترشح فيها الكاتب نفسه، وفئة الإنجاز، الذي لن يقتصر على الأشخاص، بل ستكرم مراكز بحوث، أو دور نشر. ولأن "هذه الدورة تأسيسية تم الاكتفاء بفئة الإنجاز، حيث كرمت الجائزة ثلة من المفكرين والعلماء في مختلف المجالات"، لتسليط الضوء على أهم الأعمال الصادرة في السنوات الأخيرة، وتكريم القائمين عليها. حسب تصريح خاص، للمدير التنفيذي للجائزة، الأستاذ عبد الواحد العلمي وهو من المغرب. الذي أضاف في جوابه عن حيثيات تكريم طه عبد الرحمان، "كان إجماع لجنة الجائزة على طه عبد الرحمن جليا ومعبرا عن قيمة أعمال هذا الفيلسوف الذي لا يماري أحد أنه من أهم فلاسفة العالم العربي والإسلامي، بل إن إسهامه الفلسفي تخطى حدود العالم الإسلامي إلى بقية العالم. فمشروعه يتسم بتأسيس منطقي ومنهجي متين ترفده فلسفة للغة وللوجود وللأخلاق قلما نجد لها نظيرا. إضافة إلى ذلك يتسم عطاءه الفلسفي باستمرارية فريدة منذ نصف قرن، بدءاً بأطروحته للدكتوراه في فرنسا عن "اللغة والفلسفة: بحث في البنيات اللغوية للأنطولوجيا". مرورا بكتبه الأكاديمية مثل كتاب "المنطق والنحو الصوري"، "فقه الفلسفة"، "أصول الحوار وتجديد علم الكلام" وصولا إلى مشروع الفلسفة الائتمانية، الذي اشتغل عليه في المرحلة الأخيرة. علاوة على ذلك فإن طه عبد الرحمن صاحب أثر كبير على الفلسفة الإسلامية في بلدان غير عربية، مثل تركيا وماليزيا وأندونيسيا وغيرها". وشهدت الدورة حضور أكثر من مائة وعشرين باحثاً ومختصاً ومفكراً، من مختلف مجالات المعرفة في العالم العربي والإسلامي: من الفلسفة واللسانيات والنقد الأدبي والدراسات الإسلامية والتاريخ والجغرافيا والعلوم السياسية والاجتماعية. فتح أبواب الترشيح لجائزة فريدة للباحثين العرب تهدف الجائزة إلى تقدير جهود الباحثين، والتنويه بإنتاجاتهم العلمية والفكرية والمعرفية. لتشجيع "الأفراد والمؤسسات على تقديم أفضل إنتاج معرفي في العلوم الاجتماعية والإنسانية، وتكريم الدراسات الرصينة، والتعريف بها والإشادة بجهود أصحابها، فضلا عن دعم دور النشر الرائدة، للارتقاء بجودة الكتاب العربي شكلا ومضمونا"، كما أكد المدير التنفيذي للجائزة. مضيفا بأن "فكرة جائزة الدوحة للكتاب العربي تأتي وعيا بضرورة دعم الإنتاج الفكري والعلمي والمعرفي في سياق ثقافي عربي كلنا يعرف مآزقه وإشكالاته. وهدف الجائزة هو الإسهام في النهوض بشأن الفكر والعلم في بلداننا، وذلك بتشجيع البحث الرصين ذو القيمة العلمية والأكاديمية. وتثمين الكتب النوعية التي تفتح فعلا آفاقا معرفية أو منهجية، في حقل علمي من الحقول التي اعتمدتها الجائزة وهي خمسة حقول". وستخصّص جائزة الدوحة للكتاب العربي، سنويا، لتكريم المؤلفين والباحثين ودور النشر والمؤسسات المساهمة في صناعة الكتاب العربي. من أجل إثراء المكتبة العربية، عبر تشجيع الأفراد والمؤسسات، لتقديم أفضل إنتاج معرفي، وتكريم الدراسات الجادة والتعريف بها والإشادة بجهود أصحابها، فضلاً عن دعم دور النشر الرائدة، للارتقاء بجودة الكتاب العربي شكلا ومضمونا. تكافئ الجائزة الأعمال المتميزة في العلوم الإنسانية والاجتماعية والشرعية، ولا تُعنى بمجال الإبداع مثل الرواية أو الشعر أو المسرح. وفتح باب الترشح عبر الموقع الرسمي للجائزة، بدءا من الخامس من مارس 2024، إلى غاية الخامس من يونيو 2024. حيث يمكن الترشح للجائزة في فئتين: فئة الكتاب المفرد، ويُشترط فيه أن يكون مؤلفا باللغة العربية، وأن ينتمي موضوعه إلى أحد المجالات المعرفية للجائزة، وأن يكون نُشِر ورقيّا، خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وأن يشكّل الكتاب إضافة نوعية إلى الثقافة العربية. أما الفئة الثانية فهي فئة الإنجاز، ويُشتَرط في الترشح لها (سواء أكان فردا أم مؤسسة) بروز إنتاج معرفي، يقدم إضافة للفكر والإبداع في الثقافة العربية، ويتميز بالجدة والأصالة، وأن يشكّل إضافة إلى المعرفة والثقافة الإنسانية. على أن يندرج العمل في أحد المجالات المعرفية التي تعلن عنها الجائزة كل عام، وتشمل هذا العام العلوم الشرعية والدراسات الإسلامية، والدراسات اللغوية والأدبية، والعلوم التاريخية، والدراسات الاجتماعية والفلسفية، والمعاجم والموسوعات، وتحقيق النصوص. فرادة الجائزة حسب مديرها التنفيذي الأستاذ عبد الواحد العلمي، أنها "تجمع العلوم الإنسانية والعلوم الدينية وهي أول مرة يجتمع فيها هذان التخصصان. وهذا الالتقاء نابع من رؤية تقول إنه من المستحيل الإبداع في الفكر العربي، من دون الجمع بين العمق التراثي، والمعرفة المعاصرة بما استجد من المعارف والعلوم في العصر الحالي". ويمكن للكُتاب الترشح بأنفسهم، وليس عن طريق دور النشر، التي تترشح في فئة الإنجاز. في كل دورة سيتم تخصيص كل مجال بموضوع أو موضوعين. هذه السنة، تم اختيار تخصصيْ علم الاجتماع والفلسفة، في مجال الدراسات الفلسفية والاجتماعية. وفي الدراسات التاريخية، تخصص الدراسات التي تخص تاريخ العالم الإسلامي من القرن الأول إلى القرن السادس الهجري. وفي فئة اللغة والنقد تخصص اللسانيات وفقه اللغة. وفي التحقيق، تم تخصيص هذه السنة للتراث النقدي والأدبي العربي. بينما ظلت فئة التحقيقات والموسوعات والمعجم عامة غير مخصصة لقلة الكتب فيها.