مرت أربعة عشر سنة على ظهور حركة 20 فبراير التي رفعت شعار إسقاط الفساد و الإستبداد،و نظرا للخبث السياسي الذي طغى على السياسيين المرتشين الذين ساهموا و لازالوا بأحزابهم و نقاباتهم و جمعياتهم و ودادياتهم في تنويم الشعب المغربي و تلميع صورة الجهاز الإستبدادي الفاسد الذي يسمي نفسه المخزن،فقد كان أقصى ما يمكن رفعه كشعار فكري سياسي عميق الدلالة من طرف المناضلين هو إسقاط الحكومة و حل البرلمان و تغيير الدستور. لقد ظل من آعتبر و صحبه حزب المرحلة "العدالة والتنمية" يعتقدون بجدوى الإصلاح و يعدون المغاربة به، لكن حقيقة بنود دستور 1 يوليوز 2011 أتبثت لهم فيما بعد أن النظام القائم على عدم فصل السلطة التشريعية عن القضائية و التنفيذية،و أن التحديد الواضح الذي لا لبس فيه لصلاحيات الملك التي لا يجب أن تتعارض مع صلاحيات رئاسة الحكومة و غير ذلك من القوانين الإجرائية الغائبة تحول نظريا و عمليا دون بلوغ دولة الإصلاح السياسي الحقيقي،الشيء الذي جعل المغاربة المتقاعسين يجدون أنفسهم أمام نظام جيش المطبعين مع فساده،و خاض بهم ما أسماه الثورة المضادة ضد الربيع المغربي الذي قادته حركة 20 فبراير المجيدة. لم يستسلم المناضلون بمختلف مرجعياتهم للأمر الواقع،بل ظلوا مراقبين للحكومات المتعاقبة منتقدين لسياساتها التي جاوزت كل الخطوط الحمراء في تفقير و تجهيل الشعب المغربي،و الأدهى من ذلك هو انتقادهم الشديد للتخريب المقصود لقيمه من خلال البرامج التعليمية التي تدعم المثلية الجنسية الرامية إلى هدم مؤسسة الأسرة،حتى أضحى المغرب الأول على مستوى العالم العربي في نسبة الطلاق. لقد عاش المغاربة سنوات عصيبة أثناء جائحة كورونا،حيث رأى العالم كيف تنكر الجهاز الذي يسمي نفسه المخزن للمواطنين و تخلى عن دوره الإجتماعي في تقديم الدعم اللازم لهم،الشيء الذي جعل قطاع واسع منهم عرضة للتسول و بيع آثاته المنزلي ليضمن لعياله قوت يومهم.لكن الأدهى و الأمر هو ما آلت إليه أوضاع منكوبي زلزال الحوز الذين لولا تدخل الشعب المغربي لمساعدتهم لما سألت عنهم الدولة التي تسمي نفسها زورا و بهثانا "اجتماعية"،التي أقصى ما قامت به هو جمع التبرعات و عدم توزيعها على مستحقيها،الشيء الذي جعل أهلنا في الحوز يعيشون أياما عصيبة بين جبال تتهاطل عليها سنويا ثلوجا تديقهم مرارة الحياة و قساوتها . إذا كانت السياسة الداخلية في مغربنا قد كرست منذ 20 فبراير 2011 سياسة إنتاج المجتمع الفاشل سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا،فإن ذلك انعكس سلبا على سياسته الخارجية،إذ أن التصدي للطامعين في مقدرات الأمة المغربية ظل غير ممكنا من خلال مآلات قضية سبتة و مليلية التي ظلت تبرح مكانها،و قضية الصحراء المفتعلة التي تتلاعب بها الدول الكبرى الراغبة في استمرارية الخلافات الوهمية بين الجارين الشقيقين المغربي و الجزائري،علما أن الموقع الإستراتيجي للمغرب يحثم عليه إصلاحات داخلية جدرية استعجالية ستجعله حتما ندا لأعدائه الحقيقين في شماله و غربه،لكن الفاشلين سياسيا الذين يسيرونه ظلت بوصلتهم متجه نحو معارضة الخارج يفبركون ضد أفرادها الملفات الوهمية لترحيلهم إلى المغرب و محاكمتهم بتهم غير حقيقية. إذا كان الفلسطينيون يعانون الإضطهاد و القهر في وطنهم،فإن المغاربة أيضا يعيشون الذل و الهوان من بني جلدتهم،مما يؤكد أن أقدارنا و أقدارهم لم تختلف إلا بقدر من اتفقت،إلا أن الفرق بيننا و بين الفلسطينيين هو أنهم اختاروا خيار المواجهة المسلحة مهما كلفهم الأمر،و المغاربة لم يكلفوا أنفسهم حتى الإستجابة للخروج الميداني السلمي تحت لواء حركة 20 فبراير.